X638311283768843821

 



  

Banner-02638735669713724437

 

رمضان وقاية للنفس وفرصة لتصحيح الأخطاء

  • د. سعيد الصوافي/ كلية التربية.

رمضان شهر كريم وعظيم، اختصه الله عن غيره من الشهور بكثير من المزايا؛ وجعله موسمًا لمراجعة النفس عما اكتسبته وانغمست فيه طوال العام، ومن ذلك أن الله كتب فيه الصيام تزكية للنفس الإنسانية، في الأمور المادية والمعنوية؛ فالصوم وقاية عن الوقوع في المخالفات التي يقع فيها الإنسان في الأيام العادية، سواء كانت في السلوكيات أو في التقصير في بعض الواجبات، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فالغاية من الصيام أن يحصّن الإنسان نفسه بالتقوى، والتقوى جماع كل خير، وهي وقاية للنفس الإنسانية من الانزلاق وراء النزوات والشهوات، فتقوى الله تجعل الإنسان مراقبًا لله في حركاته وسكناته وجميع تصرفاته، فلا يصدر منه إلا كل خير، فيتعود الإنسان على مراقبة الله طوال الشهر الفضيل، وهذا في حدِّ ذاته كفيل لنفس الإنسان أن تتعود على الفضائل، وتبتعد عن الرذائل، وهي فرصة عظيمة يجب أن يغتنمها الإنسان في استقامة حياته على الطاعة.
ومن ذلك أن الله – سبحانه وتعالى – جعل شهر رمضان شهرًا مباركًا وموسمًا عظيمًا يتنافس فيه الناس إلى الخير والبر، فهو شهر الخير والبر والرحمة والبركة والتنافس إلى الفضائل، وعلى الإنسان أن يغتنم هذا الموسم في سبيل محاسبة النفس في تقصيرها والعودة بها إلى جادة الصواب، قد يغفل الإنسان وتلهيه مشاغل الحياة وملذاتها عن القيام بكثير من الأمور الواجبة أو الحسنة في هذه الحياة، لكنه عندما يأتي شهر رمضان المبارك يُحس بتقصيره، يُحس بالجوع فيتذكر الفقراء والمعوزين المحتاجين فيبادر إلى عونهم ومساعدتهم، فرمضان شهر الجود والإنفاق في سبيل الله، فالحسنة فيه تضاعف أضعافًا كثيرة. ويتحلى الإنسان بالصبر على الجوع في صيام شهر رمضان فينال الخير العظيم والأجر والمثوبة في صبره على طاعة الله. قد يقصّر الإنسان في تلاوة كتاب الله لكنه عندما يأتي شهر رمضان المبارك يُقيل على كتاب الله تلاوة وحفظًا؛ لأنه شهر القرآن {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ} ومن قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، فكيف بمضاعفتها في شهر رمضان المبارك إلى أضعاف كثيرة. قد يقصر الإنسان في زيارة أرحامه، فيتذكرهم ويزورهم في شهر رمضان لأنه شهر الخير. إلى غير ذلك من أنواع القربات والفضائل التي يسارع إليها الصائم، التي من شأنه أن تذكره برسالته في الحياة وواجباته المنوطة به.
إن شهر رمضان المبارك موسم وفرصة مواتية لمحاسبة النفس والوقوف معها وقفة تأمل وتفكر وتدبر؛ فالحياة قصيرة جدًّا لمن تفكر فيها، فما هي إلا لحظات يعيشها الإنسان، وكأنه عابر سبيل إلى دار البقاء، التي يلقى الإنسان فيها ما عمله في رحلته الدنيوية، فليغتنم الإنسان هذه الفرصة وهذه المناسبة.

 

 

 

 

About the Author