X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

محاولة لا تخلو من مغامرة في أدب الناشئة

إعداد طالب الماجستير أحمد بن ناصر الراشدي من قسم اللغة العربية وآدابها – كلية الآداب والعلوم الاجتماعية

 

“هوية المكان في روايات الناشئة الفلسطينية – رواية “اسمي الحركي الفراشة أنموذجا” عنوان دراسة الماجستير التي قمت بإعدادها، وتمثل هذه الدراسة محاولة لا تخلو من مغامرة لبحث رواية الناشئة، وفتح نافذة لعوالمها؛ وذلك لندرة الدراسات التي تناولتها نقديًّا ومنهجيًّا.
اختارت هذه الدراسة أن تتناول هوية المكان في روايات الناشئة، وهي الروايات الموجهة لفئة المراهقين، التي يحدد علم نفس النمو سنّها ما بين 11 حتى 21 عامًا. ويشير تاريخ رواية الناشئة أنها بدأت عالميًّا بعد الحرب العالمية الثانية، إذ ازدهرت الكتابة للأطفال والناشئة، وارتبط ذلك بتطور علم النفس وعلم التربية، وبعد أن ظهرت تصنيفات لمراحل الطفولة والمراهقة صارت الكتابة تصنّف حسب الفئة العمرية. وقد اقترن هذا الفن عربيًّا بأدب الطفل منذ بوادر ظهور هذا الأخير في بدايات القرن العشرين مع حركة الترجمة من الآداب الأجنبية، وتفاوت تطوره الكمي والنوعي من قُطر إلى آخر، ففي فلسطين ارتبط نوعيًّا بدار الفتى العربي التي أسست أعقاب نكسة 1967، وحفلت إصداراتها بمضامين تتناول القضية الفلسطينية.
لقد حفزتني الخصوصية التي يكتسيها المكان الروائي في الرواية الفلسطينية على طَرْق موضوع بنية المكان وارتباطه بالهوية وتحولاتها إلى اختيار روايات الناشئة الفلسطينية؛ فقد تسنّى لي الاطلاع على عدد من الدراسات التي تناولت إشكالية المكان الفلسطيني في روايات الكبار، وملاحظة عدم الالتفات لرواية الناشئة العربية عمومًا والفلسطينية خصوصًا نقديًّا ودراسيًّا، سوى بعض الإشارات التي وردت ضمن دراسات لقصص الأطفال بشكل عام، وهذا النقص في الدراسات لا يتناسب مع وجود مُنتَج عربي في هذا الفن، ومع تنامي الإنتاج الروائي لفئة الناشئة مع بداية الألفية الثالثة واقترانه بظهور عدد من الجوائز العربية التي تحتفي بما يصدر من كتب أدبية أو علمية لفئة الناشئة. اخترت مدونة “اسمي الحركي فراشة” للروائية الفلسطينية أحلام بشارات؛ نظرا لما تبديه الكاتبة من تركيز على المكان الروائي على المستوى البنائي والحكائي، ورصد فني لإشكالات المكان المرجعي وصراعه مع الهوية، وتقديمه لفئة الناشئة عبر أساليب فنية تتجاوز الكتابة التقليدية وتراعي طبيعة المراهق وحاجاته وخصائصه، وقد وصلت المدونة المختارة إلى لوحة الشرف العالمية لكتب اليافعين للعام 2012 كواحدة من أهم مئة كتاب للفتيان والفتيات في العالم، بترشيح من المجلس العالمي لكتب اليافعين فرع فلسطين.
ينطلق البحث من إثارة إشكالية هوية المكان ودلالاته في رواية “اسمي الحركي فراشة” لأحلام بشارات، ويهدف إلى الإجابة عن التساؤلات الآتية:
– ما مفهوم الهوية في الرواية الموجهة للناشئة؟
– ما تجليات المكان في رواية الناشئة لدى أحلام بشارات؟
– كيف عّبرت أحلام بشارات عن هوية المكان في رواياتها؟
– ما أثر انعكاس الواقع أو القضية الفلسطينية على رواية الناشئة الفلسطينية؟
– كيف عبّرت أحلام بشارات في رواياتها عن مدى تعلق الذات بالمكان؟
اعتمدت الدراسة المنهج البنيوي، فهي مقاربة نصية، تتقيّد بالنص وبمادته للوصول إلى تحديد صور المكان ودلالاته، وللكشف عن البنى الفنية فيه، وتحليلها وتتبع علاقتها بالزمان والشخصيات؛ والوصول إلى دلالات البنية الكلية للرواية.
قسمت الدراسة إلى مقدمة وفصلين وخاتمة. أما الفصل الأول، فقد تخصص المبحث الأول فيه للحديث عن المكان الروائي ووظائفه وأهميته، وعرض تصورات النقاد الغربيين له، ونماذج من تقسيمات النقاد العرب للمكان، ثم وقفة مع إشكالية المكان الفلسطيني والتمثيل بعدد من الروايات الفلسطينية التي كان محورا رئيسيًّا في اشتغالها الفني، وأخيرا تناول هذا المبحث علاقة الهوية بالمكان في محاولة لعرض الآراء القائلة بثبات الهوية والقائلة بمرونتها وتحولها، والغموض المرتبط بتعريفها، ورصد نماذج من وسائل المحافظة عليها.
والمبحث الثاني ركّز على رواية الناشئة، بالتفصيل في تحديد فئة الناشئة وخصائصها ومظاهر نموها، ثم عَرَض تاريخ رواية الناشئة عالميًّا، وحاول تلمس بداياتها عربيًّا، ثم قدّم جملة من خصائص هذه الرواية مع التمثيل بنماذج قاربت فنيا هذه الخصائص. والمبحث الثالث تناول عَرْضا لمدونة الدراسة، وعَرْضا لبنية الرواية المختارة.
أما الفصل الثاني، فقد عرضتُ في المبحث الأول منه طبوغرافيا المكان في رواية “اسمي الحركي فراشة”؛ إذ قسّمته إلى مكان الإطار العام الرئيسي الذي شمل القرية والمستعمرة، وإلى البنى المكانية الفرعية، وقد استعان البحث في كشف دلالاتها على ثنائية المفتوح والمغلق، والداخل والخارج، وكانت هذه المقارنة عونًا لفهم حالة الحصار والغلق الذي تعيشه الشخصيات في المكان.
وفي المبحث الثاني، ركز البحث على علاقة الشخصيات بالمكان، وقد تم تقسيمها لشخصيات رئيسية وثانوية وهامشية، أعطت من خلال علاقتها بالأمكنة المفتوحة والمغلقة صورة إجمالية عن تأثرها بملامح هذه الأمكنة، وتفاوتا في تقبّلها لواقعها. ثم في المبحث الثالث رصدَ البحث علاقة المكان بالزمان، ودوافع الاسترجاع عند الشخصية الرئيسية، وأثره على بنية السرد.
وأخيرا خلصتْ الدراسة إلى خاتمة ضمّتْ ما توصلتُ له من نتائج، منها، غلبة الأمكنة المغلقة مما أثّر على تنقلات الشخصيات وحركتها، وعكس مدى خوفها من الواقع المرتبط بالحصار والمنع والقتل.
وقد واجهتْ الباحث عدد من التحديات من أهمها، التباس مصطلح المكان في الدراسات النقدية العربية وتشعب الآراء حوله، كما أن ندرة المراجع والدراسات حول رواية الناشئة عموما، وحول الجانب التطبيقي عليها، جعل عملية تحليل المدونة تحتاج إلى دقة.

About the Author

Dnngo Company

بوابة أنوار الإخبارية