“إشكاليات التأريخ للأدب العربي دراسة نقدية في فلسفة تاريخ الأدب” لطالب الماجستير عيسى بن سعيد الحوقاني من قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية، توصلت إلى ضرورة تضافر الجهود من أجل تجديد كتابة تاريخ الأدب العربيّ وفق تصوّرٍ جديدٍ يلتزم منهجًا واضحًا لا يحيد عنه إلّا إليه، ويبتعد عن التحيّزات الدينيّة والسياسيّة الإقليميّة والثقافيّة، ويلتزم أيضًا الدّقة في تحديد الامتدادين: المكانيّ والزمانيّ للحقب التي يُؤرَّخ لأدبها، كما يراعى معايير دقيقةً في تصنيف الأدباء، وتجنيس النصوص، مع أن يشتمل التاريخ الأدبيّ على نصوصٍ مختلفةٍ في أساليبها واتّجاهاتها، وأن يترجم لأدباء متباينين في مستوى إنتاجهم، حتى يتمكّن التاريخ الأدبيّ من تقديم صورةٍ أقرب إلى واقع مسيرة الأدب العربيّ.
وقد عنيت الدراسة بإشكاليّات التأريخ للأدب العربيّ في مختلف مراحله الزمانيّة، إذ تناولت قضايا النشأة والمفهوم، وكشفت عن حظّ الأدب العربيّ من التأريخ في كتب التراث العربيّ، وعن جهود كلٍّ من العرب والمستشرقين في التأريخ للأدب العربيّ، كما تناولت المنطلقات الفلسفيّة والأسس النظريّة التي يقوم عليها تاريخ الأدب، وكشفت عن ست نظريّات فلسفيّة اتّكأت عليها مناهج التأريخ للأدب العربيّ، وهي: النظريّة البطوليّة، ونظريّة التطوّر (نظريّة النشوء والارتقاء)، ونظريّة الأعراق البشريّة، والنظرية الثقافية، ونظريّة الشّك، ونظريّة الأجناس الأدبيّة.
كما تناولت الدراسة الإشكاليّات المتعلّقة بمناهج التأريخ الأدبيّ، فكشفت عن الإشكاليّات المتعلّقة بمختلف الأنماط التقسيميّة، وتناولت إشكاليّات التقسيم الزمنيّ بأنواعه الثلاثة: التحقيب الثلاثي (قديم ـ وسيط ـ حديث)، والتحقيب السياسيّ، والتحقيب الثقافيّ، وإشكاليّات التقسيم الفنيّ بأنواعه الثلاثة: التقسيم حسب الأغراض الفنية، والتقسيم حسب الأجناس الأدبيّة، والتقسيم حسب المذاهب أو المدارس الأدبيّة، كما تعرضت إلى إشكاليّات التقسيم الإقليميّ.
كذلك أولت الدراسة عنايةً بالإشكاليّات المتعلّقة بأطراف الخطاب، فكشفت عن الإشكاليّات المتعلقة بمؤرّخ الأدب كخرق أسس المنهج، وعدم تدقيق المعلومات التاريخيّة، وتقليد السابقين، وتغييب الوعي النقديّ، والذاتيّة والتحيّز بأنواعه: الدينيّ، والوطنيّ، والأدبيّ والفكريّ، كما كشفت عن خمسة أنواعٍ من الإشكاليّات المتعلّقة بالمادة المؤرّخة كعروبة النصوص وأدبيّتها وجنسها الأدبيّ، وانتمائها الزمانيّ، والمكانيّ، وتعرضت إلى الإشكاليّات المتعلّقة بالمتلقي فتناولت مظاهر التلقي في كتب تاريخ الأدب العربيّ، وتطرّقت إلى فكرة كتابة “تاريخ التلقّيات” التي نادى بها هانس روبيرت ياوس ومدى إمكانيّة تطبيقها في التأريخ لأدبنا العربيّ، وناقشت الرسالة درجة حضور المتلقي في هذا النمط التأليفيّ، ومدى مشاركته في إنتاج الخطاب.