X638311283768843821

 

 

anwar bannar (2)

 

 

 

احتياجات خاصة!

09 Feb, 2018 | رأي |

د. ميمونة الزدجالية / كلية التربية.

عندما يكون حجم الاهتمام الذي توليه أي دولة لذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع، ومدى قدرتها على إدماجهم فيه من مؤشرات نجاح استراتيجية التنمية فيها؛ فما القول حين ينظر المجتمع إلى المعاق بدونيّة كأنه قد ارتكب إثمًا كبيرًا على إثر إعاقته؛ فلا يُعامله الأفراد باحترامٍ والتزامٍ أخلاقي؛ بل على العكس يُشعرونه بالإهانة؛ حين يركزون أنظارهم عليه؛ لاسيما عندما يمر وسط التجمعات كالأسواق أو المستشفيات؛ وبعض الناس يرتكبون خطًا فادحًا في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصّة عند إشعارهم بالشفقة؛ وذلك لأنّ صاحب الإعاقة لديه مشاعر حساسة للغاية، تتطلب من الأشخاص المحيطين به الوعي في التصرف والمعاملة.

أما البعض الذي يرى أن على المُعاق الجلوس في المنزل، والكف عن ممارسة أشكال الحياة ومظاهرها؛ فهم لا يعيرون أدنى اعتبارٍ لكرامته الإنسانية التي كفلها له الدين الحنيف والمتمثلة بحقه في الاختلاط بالناس، والخروج لمواجهة الحياة، والحصول على عمل؛ لذا يجب على المؤسسات الأهلية والإنسانية، ومؤسسات الدولة؛ تخصيص البرامج التي تستهدف ذوي الاحتياجات الخاصّة، وتسعى لتأهيلهم، ثم دمجهم في الحياة المدنية، وتوفير فرص عملٍ مُناسبة؛ يستطيع الشخص المعاق القيام بها، مع ضمان حصوله على المردود المالي؛ إلى جانب توفير الوسط المهني الذي يحترم آدميته؛ ويتطلب هذا الأمر، توعية الناس؛ بضرورة تغيير نظرتهم (الدونية) تجاه ذوي الاحتياجات الخاصّة، ورفع مستوى الثقة بقدرات المعاق وإنجازاته في الحياة، وذلك حتى يشعروا بوجودهم ويحسّوا بأهميتهم في المجتمع.

وحين يقول البعض بعدم قدرة هذه الفئة على النجاح مع النقص الذي يملكونه، فالرد ببساطة هو أن على المجتمع أن يضعهم فقط في مكانهم المناسب من دون أية نظرة احتقار أو تقليل، وسيرى كيف أن كل من تعلّموا من هذه الفئة أثبتوا وجودهم بقدرة عالية واستطاعوا خوض مضامير الحياة والإبداع فيها، فكم نسمع عن مُصاب بفقد البصر أكمل دراسته الجامعية ونال أعلى الشهادات فأصبح محاضرا في الجامعة، وعن مُصاب بفقد قدميه ولكنه رياضي محترف من فوق كرسيّه المتحرّك، يسجّل أفضل الانجازات ويحقّق أفضل الجوائز، وذلك كما سمعنا عن بيتهوفن ذلك الأصمّ الذي أسمع العالم أعظم المقطوعات الموسيقية، والتي لم يستطع أهل السماع حتى اليوم أن ينتجوا مثلها، كما لا ننسى دافنشي ذلك المُصاب بالمرض العقلي (الديسلكيا) الذي أدهش العالم برسوماته الشهيرة بالغة الإتقان ومثله نيوتن المُصاب بنفس مرض دافنشي والذي وضع للعالم قوانين في الفيزياء والحركة، والأمثلة تطول وتطول، فما نقدّمه لهم من رعاية وعِلم سوف يعود حتمًا على المجتمع بالعمل والإبداع.

أخيرًا نقول إن رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة وإعطاءهم حقوقًا تكفل لهم حياة إنسانية كريمة وتمكينهم من الاندماج وممارسة حقوقهم في العِلم والعمل والإنتاج والإبداع في المجتمع، يعود على المجتمع بفائدة الاستفادة من إمكاناتهم وما وهبهم الله من مواهب وإبداعات تعويضا لما فقدوه من حواس.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

About the Author