في الوقت الذي تستشعر فيه مؤسسات التعليم العالي في جميع أنحاء العالم الفوائد المستقبلية المرجوة من استخدام المقررات الإلكترونية الواسعة الالتحاق “مووكس” لمنح الطلبة فرص مجانية للالتحاق بمقررات إلكترونية متقدمة من شأنها أن تسهم في تخفيض تكلفة تعليمهم الجامعي وتغيير أنماط التعليم الحالية، نجد أن مؤسسات التعليم العالي العمانية لا تزال تشكك في مصداقية التعليم الإلكتروني عبر الإنترنت. وعلى الرغم من استخدام بعض أنظمة إدارة التعلم الإلكترونية مثل “موودل” و”بلاك بورد”، فإن نمط التعليم الحالي في مؤسسات التعليم العالي العمانية لا يوفر فرصًا واسعةً لزيادة الالتحاق بالتعليم العالي عن طريق الإنترنت.

لقد تم إجراء دراسة استطلاعية في الجامعة من أجل تقييم مدى استعداد العينة المستهدفة للمقررات الإلكترونية الواسعة الالتحاق، وقد أشارت النتائج المبدئية إلى أن هناك مستوىً جيدًا من الاستعداد في نظام التعليم العالي العماني للتوسع في أنماطٍ جديدةٍ من التعليم عن بعد. ويأتي هذا الاستعداد من خلال التجارب الحالية للطلبة والأكاديميين في استخدام بعض أشكال التعليم عبر الإنترنت في دراستهم لبعض المقررات الجامعية، وتوقعاتهم المستقبلية حول إمكانية التوسع في استخدامها، وتوفر مستوى عالٍ من المهارات التقنية اللازمة للاستفادة من مثل هذه المقررات.

وبناء على النتائج السابقة قام فريق البحث الذي يتضمن كلًا من: الدكتورة عائشة بنت سالم الحارثية، والدكتورة وجيهة بنت ثابت العاني، والدكتور محمد الطاهر عثمان، والدكتور عبدالله الشبلي، بمشروع (تطوير التعليم عن بعد في مؤسسات التعليم العالي في سلطنة عمان من خلال المقررات الإلكترونية الواسعة الالتحاق: تصميمها وقياس أثرها وبناء نموذج متوافق ثقافيًّا لها).

يسعى المشروع إلى استقصاء المقررات الإلكترونية الواسعة الالتحاق “مووكس” كنموذج للتعليم في مؤسسات التعليم العالي العمانية، ويسعى إلى تحديد مستوى الوعي والتقبل والاستعداد لدى مؤسسات التعليم العالي العمانية لتقديم مقررات “مووكس”، وتحديد القضايا والمشكلات التي يتطلبها توفير هذه المقررات من ناحية تصميمها وتطويرها وتنفيذها وتقييمها في سياق ثقافي عماني.

كما يهدف إلى تحديد سمات المتعلمين الراغبين في الالتحاق بمقررات “مووكس” فيما يتعلق بالخصائص الديموغرافية، والصفات، ومستويات التنظيم الذاتي، وتوثيق أثر استخدام المقرر على تحسين التنظيم الذاتي للمتعلم، واستخدامه لإستراتيجيات التعلم، وتحصيله الدراسي، وحرصه واتجاهاته حول تقاسم المعرفة. إضافة إلى تقديم نموذج مناسب لدمج التكنولوجيا وتسهيل التعلم عبر الإنترنت باستخدام “مووكس” من الناحية الثقافية للناطقين باللغة العربية.

ويمتد المشروع لمدة ثلاث سنوات، معتمدًا طريقة البحث المختلطة التي يتم من خلالها استخدام أدوات البحث الكمي مثل (الدراسات المسحية، ومستويات الأداء، ومقاييس الاتجاهات)، وأدوات البحث النوعي مثل (المقابلات، وتحليل الوثائق والنصوص والصور).

ويتكون مجتمع الدراسة من ثلاث فئات هي (فئة الأكاديميين والإداريين بمؤسسات التعليم العالي العمانية، وفئة الطلبة في التعليم العالي العماني، وفئة الطلبة الذي سيلتحقون بمقرر “مووكس” المقترح). وتتكون عينة الدراسة من هذه الفئات في حدود (1000 أكاديمي وإداري، و5000 طالب وطالبة وعدة آلاف من طلبة مقرر المووكس).

وتكمن أهمية هذه الدراسة في قدرتها على المساهمة في تلبية الطلب المستمر للتعليم العالي في سلطنة عمان، إذ توفر “مووكس” الطريق إلى المستقبل من خلال تعزيز ثقافة التعلم مدى الحياة في المجتمع العماني مما يمكِّن أي طالب من أي مستوى عمري وفي أي مكان من الحصول على فرصة للتعلم. إضافة إلى ذلك، يضيف هذا المشروع فهمًا أعمق حول أساليب دمج التكنولوجيا من خلال “مووكس”، والذي قد يفيد في معرفة أفضل الممارسات في التعليم عبر الإنترنت لتصميم مقررات “مووكس” عمانية في مواضيع مرغوبة ومطلوبة على الصعيد الوطني مثل ريادة الأعمال. كما يسهم المشروع في تقديم مقررات “مووكس” لطلبة التعليم العالي والمجتمع العماني مما يؤدي إلى تعزيز مهمة مؤسسات التعليم العالي في خدمة المجتمع، وإبراز دورها في قيادة التعليم والابتكار محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا.