X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

منصات لبيع الأسرار

07 Feb, 2018 |

 

استمعت إليهم: أسمهان عامر الهنائية

 

تفرض التغيرات المتسارعة التي شهدها العالم في مجال التكنولوجيا ضرورة معرفة الطريقة السليمة للتعامل مع المعطيات التي فرضتها هذه التغيرات، بعدما أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي، عرضة للمتطفلين أصحاب النيّات السيئة، كونها واحدة من نتاج الثورة التكنولوجية التي يظنها الناس منصات للتفاعل والتواصل الودي مع الآخرين ومتنفسًا للمشاعر يتبادلون خلالها الصور والفيديوهات والآراء والأسرار بل وتفاصيل يومهم. ويتم استغلال هذه الشبكات في التعدي على خصوصيات الآخرين وهو ما يؤدي انتهاك خصوصياتهم بطرق مختلفة.

 

ضعف الوعي

حول هذه الظاهرة يقول الدكتور سالم الكندي، الأستاذ المساعد بقسم دراسات المعلومات بكلية الآداب و العلوم الاجتماعية: “إن الخصوصية باب كبير إذا تم فتحه والكشف عما خلفه سيترتب عليه العديد من القضايا، إذ يعزى سبب اختراق الخصوصية في المرتبة الأولى إلى ضعف الوعي المعلوماتي المتمثل في كيفية استخدام المعلومات وطريقة نشرها على شبكات التواصل الاجتماعي، إلى جانب غياب الوعي بنظام حماية الخصوصية، إذ يعمد البعض إلى ترك بياناته الشخصية على هذه الشبكات ويجعلها متاحة دون التحكم فيما يسمى بسياسة الخصوصية، الأمر الذي يجعلها في متناول المخترقين الذين يستخدمونها لأغراض إجرامية. ويؤكد الدكتور الكندي أن معظم المستخدمين يدركون ماهية الخصوصية، ولكنهم لا يطبقونها فعليًّا لحماية بياناتهم الشخصية، إضافة إلى جهل المستخدمين بعواقب إتاحة هذا النوع من البيانات وعدم الوعي بمساوئ شبكات التواصل الاجتماعي. ويضيف أن البعض يتجه لاستخدام شبكات التواصل من أجل التباهي حتى لا يصفه من حوله بأنه منعزل وغير مثقف في حال عدم استخدامه. من جانبه يرى ناصر البحري، الطالب بكلية الحقوق والناشط على شبكات التواصل الاجتماعي، أن سبب اختراق الخصوصيات هو المستخدم نفسه، وذلك من خلال نوع البيانات والمعلومات التي يكشف عنها على هذه الشبكات. ويتضح ذلك في قيام البعض بالإفصاح عن موقعه الجغرافي على الشبكات، وهي الخاصية التي توفرها تقنية (GPS) في الهواتف الذكية، الأمر الذي يشكل خطورة في بعض الأحيان، لأنه قد يؤدي إلى سرقة منازل أو مكاتب أو مؤسسات إضافة إلى تشتيت الأسر وتفكيكها، ومن ثم تفكيك المجتمعات.

 

الوصلات المندسة

وحول أساليب اختراق الخصوصية يؤكد الدكتور الكندي أن بعض المخترقين يقوم بتصميم مواقع مزيفة على الفيسبوك أو التويتر أو مواقع التواصل الأخرى من أجل جذب المستخدمين بطريقة أو بأخرى وإقناعهم بالإدلاء ببياناتهم، أو يقومون بإرسال روابط على البريد الإلكتروني لشخص ما، وبمجرد أن يقوم هذا الشخص بفتح الرابط يطلب منه إدخال اسم المستخدم وكلمة السر، فيكون الفرد عرضة للاختراق من خلال تصيد المخترقين لكلمة السر الخاصة به.

ويشير الكندي إلى أن أهداف مخترقي الخصوصيات تتمثل في الحصول على المزيد من البيانات الخاصة والمعلومات حتى يستخدمونها كوسيلة تهديد وسيطرة على الضحية، ومن ثم تأتي الأهداف الأخرى سواء كانت مادية أو كانت انتهاكات جسدية أو انتقامًا، أو من باب المتعة، إضافة إلى أن البعض يعتبرها نوعًا من القوة والسيطرة على الضحايا.

ويؤكد محمود النافعي، الطالب بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس وصاحب شركة تقنية، أن بعض أهداف الاختراق قد تكون سياسية وذلك من خلال اختراق حسابات السياسيين ونشر تصريحات (مفبركة) بهدف خلق نوع من الحساسية بين أطراف نزاع ما أو لوضع الشخص المتعرض للاختراق في مشاكل مع متابعيه، وهذا النوع من الاختراق قد تكون خلفه دول ومؤسسات وليس من جانب أشخاص فقط.

 

حجم الضرر

وعن الأضرار الناجمة عن اختراق الخصوصية على شبكات التواصل الاجتماعي، يقول الدكتور الكندي أن الوقاية خير من العلاج، فالوقاية تتمثل في حفاظ الفرد على بياناته الشخصية. ويوضح أن الضرر من وراء اختراق البيانات لا يكون على الفرد نفسه، وإنما على كل من يرتبط به، لأنه قد يدمر عائلة كاملة بسبب بيانات تم الإفصاح عنها على شبكات التواصل، ومما يؤدي إلى تدمير المجتمع باعتبار أن الأسرة هي أساس المجتمع.

أما النافعي فيقول: “إنه ليس من الغريب أن نسمع عن حالات انتحار بسبب صورة أو معلومة نشرها شخص ما، وذلك لأن المخترق في بعض الأحيان يهدد ضحاياه ويطلب منهم القيام بأمر ما وهم غير قادرين عليه، الأمر الذي ينتج عنه اضطرابات نفسية مما يؤدي بالضحية إلى الهلاك واختيار طريق الانتحار”.

ويطالب الدكتور الكندي كل من يتم انتهاك خصوصيته على شبكات التواصل، بالتواصل مع المسؤولين في الدولة وألا يتردد في ذلك لأن هناك قوانين واضحة ستلاحق الجاني القائم بالاختراق أيًّا كان، إضافة إلى الاهتمام الكبير الذي تبديه الجهات الأمنية في هذا الجانب والذي تمثل في إطلاق العديد من المبادرات منها مبادرة ‘سرك في بئر’ وذلك من أجل طمأنة الضحايا بأن قضاياهم ستبقى في حدود هذه الجهات دون أن تخرج إلى المجتمع، على اعتبار أن الكثير من الضحايا لا توجد لديهم الجرأة للإفصاح عن قضاياهم أمام الجهات المسؤولة، وهذا متعلق بمسألة الثقة، ولذا لا يتخذون قرارًا سليمًا في جانب الدفاع عن أنفسهم.

 

وسائل التحصين

وردا على سؤال حول وسائل التحصين يقول الدكتور الكندي أن هناك ثلاث وسائل أساسية لتحصين المجتمع وهذه الوسائل قد تحدُّ من الخصوصية، منها الوسائل التشريعية وهذا معمول به في السلطنة من خلال قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، ويتضمن بعض البنود المتعلقة بالخصوصية، كذلك قانون تنظيم الاتصالات. ويؤكد الدكتور الكندي على أهمية هذه القوانين في كل دولة إذ إن قوة الوسائل التشريعية وصرامتها تضمن الحماية للأفراد وتجعل الكثيرين من المخترقين يبتعدون عن هذه المسألة. أما الوسيلة الثانية فتتمثل في الوسائل التقنية التي يقصد بها الحماية التقنية كحماية الحواسيب في الجامعات أو في المؤسسات المختلفة، إضافة إلى حماية الكيان التقني الذي يتمتع به المستفيد من خلال تغيير اسم المستخدم والرقم السري كل شهر، واستخدام رموز صعبة الأمر الذي يصعب على المخترق تخمينها. الوسيلة الأخيرة تتمثل في الجانب التنظيمي، وهو الجانب الأهم ويرتبط بالتنظيم الداخلي الخاص للفرد نفسه بمعنى المبادئ الأخلاقية التي لا تسمح للفرد باستغلال بيانات الأشخاص الآخرين. ويضيف أن الوسائل التشريعية والتنظيمية لا تكون على مستوى الدولة فقط من خلال سن القوانين والتشريعات ولكن أيضا على مستوى المؤسسات والأفراد. من جانبه يؤكد النافعي أن المحور الأول في مجال التحصين هو المستخدم نفسه، وذلك من خلال امتلاكه للثقافة الأمنية التي تؤهله لتجنب مشكلات الاختراق، ثم ينتقل الدور للمؤسسات مثل هيئة تقنية المعلومات، ودورها في تثقيف المجتمع بمدى خطورة هذه الظاهرة، والعمل على الحدِّ من الحالات الناتجة عنها من خلال تقديم حلقات عمل ونقل تجارب حية تجسد واقع هذه الظاهرة وتوضح مدى خطورتها.

 

About the Author

Dnngo Company

بوابة أنوار الإخبارية