في إسطبل صغير رسمت لنا أكثر من لوحة فنية امتزجت بمعنى الفروسية وارتباطها بالشجاعة والشهامة والثقة بالنفس، رسمها خيالة مارسوا الفروسية بكل إبداع وتميز في القدرة على ركوب وترويض الجواد والتحكّم في حركاته، والتجانس معه في وحدة متناسقة من الحركات.

تجسّد هذه اللوحة الفنية ارتباطًا راقيًا لمجموعة من أفضل الخيول لفرسانها الذين حددوا ألوانها للحصول على مكانة مرموقة على مختلف الأصعدة، فمن العناية بالخيل إلى المنافسة في المسابقات إلى العمل التطوعي الإنساني، في هذه التقرير نتعرف إلى عناصر لوحتنا الفنية وهم خيالة جامعة السلطان قابوس.

التأسيس

عن بدايات خيالة الجامعة وتأسيسها التقينا مع ميعاد بنت راشد المعمرية، محاضر في قسم العلوم البحرية والسمكية بكلية العلوم الزراعية والبحرية ومشرف مؤسس لخيالة جامعة السلطان قابوس، فقالت: كانت البداية عام 2011 كمجموعة تطوعية من 5 أشخاص وبإسطبل مكون من 4 خيول ويدعى الخيل الأب عياف، أما الخيول الأخرى فهي: ميلاد وجوزي ودانة مسقط.

وأضافت: بدأت الفكرة باحتضان هذا الإسطبل كمحطة أكاديمية تعليمية هدفها صقل مهارات الطلبة من خريجي كلية العلوم الزراعية والبحرية في كيفية الاهتمام بالخيل والعناية بها، ولكن بسبب الاهتمام الكبير بالخيل من المجتمع العماني وحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد – حفظه الله ورعاه – بدأت هذه لمجموعة باتخاذ نهج آخر في التوسع وعدم الاكتفاء بالجانب الأكاديمي وإنما أيضا تنمية المهارات لدى الطلبة ليكونوا فرسان للخيول.

يشمل الجانب الأكاديمي العناية بالخيل والعناية بتغذيتها وذلك لأن كل نوع من أنواع الخيل له تغذية مختلفة ولدينا ثلاثة أنواع من الخيول: خيل القدرة، خيل الجمال، وخيل ركوب، أيضا الاهتمام بصحة الخيل ونظافتها وكيفية الاهتمام بها من جميع النواحي مثل الاهتمام بحوافرها وعضلاتها وعين الخيل وغيرها.

يشمل الجانب الأكاديمي أيضا الاهتمام بالخيل من ناحية الجينات فهناك أبحاث كثيرة الآن تدرس جينات الخيول العربية مقارنة بالخيل المهجنة، وهناك دراسات كثيرة تشير إلى أنه يوجد في المجتمع العماني ملّاك لخيول تعدُّ من أفضل وأجود سلالات الخيول الموجودة في الخليج العربي والمنطقة العربية، وهذه الأسباب جميعها شجعتنا وحفزتنا إلى توسع وإنشاء خيالة جامعة السلطان قابوس.

أما عن الأنشطة والفعاليات فهي تنقسم إلى نوعين القسم الأول وهو خدمة المجتمع وتتمثل في استضافة أطفال المدارس وأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعد هذه التجربة ناجحة ولدينا قصة من القصص الرائعة عن الطفل المصاب بالتوحد عمر وعلاقته مع الخيل، وإن شاء الله مستقبلا ستكون لدينا خدمات اجتماعية لكل شرائح المجتمع، القسم الثاني الأنشطة الطلابية التي تمثلت في المشاركات في بطولات مختلفة محلية وإقليمية.

أهداف الجماعة

أما عن أهداف خيالة جامعة السلطان قابوس فذكرت أ. ميعاد: تتمثل الأهداف في خلق كوادر قيادية قادرة على التميز والمشاركة في المحافل المحلية والدولية ذات العلاقة بالخيل والفروسية وإبرازها في أرقى صورة، والعمل على تطوير مجال الخيل والفروسية (العناية بالصحة العامة والغذاء والتدريب الميداني للخيل والفارس)، والارتقاء بها إلى الأفضل تحت مظلة جامعة السلطان قابوس. وعمل دورات تدريبية ومحاضرات والحرص على استمرارها من أجل تطوير وصقل المهارات الفردية للطلبة بالتعاون مع الهيئات الأخرى ذات الصلة والاختصاص في مجال الخيل والفروسية، وتدريب الطلبة على استخدام طرق البحث العلمي والتخطيط للمشاريع والبرامج والإسهام الجاد في تنفيذها، وإتاحة الفرصة لجميع الطلبة ومن مختلف التخصصات ذوي الميول والخبرة للانتساب بالجماعة والمشاركة بفعاليتها.

الزيارات والمسابقات

وفي حديث مع محمد علي الكلباني، رئيس جماعة الخيالة، قال: إن خلق الكوادر القيادية القادرة على التميز والإبداع كان من أبرز أهداف خيالة الجامعة، فقد أولت الخيالة اهتماما كبيرا في جانب المشاركة في البطولات والمعارض وزيارة العديد من المحافل التي تعنى بالخيل ورياضات الفروسية والمؤسسات التدريبية والتعليمية ومنها على سبيل المثال وليس الحصر بالنسبة للمسابقات فهي: المشاركة في بطولات عمان المحلية لجمال الخيل العربي، المشاركة في بطولات المركز الأولمبي للفروسية، المشاركة في سباقات القدرة والتحمل، المشاركة في مسابقات قفز الحواجز.

أما عن الزيارات فذكر محمد: لقد حضرت عدة فعاليات منها بطولة معرض دبي الدولية للجواد العربي، وبطولة قطر الدولية لجمال الخيل العربي، وحضور كأس دبي العالمي الذي يعد من أكبر جوائز سباقات الخيول، وحضور بطولة الشارقة الدولية لجمال الخيل العربي، كذلك حضور بطولة عجمان لجمال الخيل العربي. كما قمتُ بزيارة نادي الشارقة للفروسية، ومؤسسة الشقب للفروسية قطر. وزيارة الاتحاد القطري للفروسية.

ويضيف محمد كذلك حضرت العديد من الندوات والمؤتمرات المعنية بالخيل وغيرها من الفعاليات التي أقامتها الجماعة في كنف الجامعة وخارجها.

أما على نطاق مشاركة الجماعة في خدمة المجتمع المحلي وتبادل الخبرات فقال: هناك العديد من المشاركات منها: المشاركة مع الخيالة السلطانية العمانية في بعض البطولات والمعارض واللقاءات، وحلقات العمل، والتعاون مع الجمعية العمانية للتوحد، لإعادة تأهيل الأطفال المصابين بطيف التوحد.

المشاركات والفعاليات

وفي لقاء آخر مع إيمان ماهر حداد، نائب رئيس جماعة خيالة الجامعة، قالت: تشارك خيالة جامعة السلطان قابوس في العديد من الأنشطة والفعاليات المتنوعة التي يتم تنظيمها من خيالة الجامعة أو من الجهات الأخرى القائمة على الفعاليات، وذلك تأصيلا لمبدأ التعاون وإضفاء لمسة من الأصالة على الأنشطة المختلفة، إذ إن الخيالة تشارك بعروض مختلفة ضمن هذه الفعاليات، فتتنوع المشاركة بين عروض لركوب الخيل وعروض لخيول الجمال العربية الأصيلة إضافة إلى المشاركة الفعالة للجانب الأكاديمي في بعض منها. إذ إن الجماعة تعتمد من خلال مشاركاتها بعرض مهارات مخرجاتها من المتدربين الطلبة والموظفين المنتسبين للجماعة.

وأضافت: شاركت خيالة الجامعة منذ تأسيسها في العديد من الفعاليات المقامة داخل الجامعة بالتعاون مع الجماعات الطلابية والجهات الإدارية الموجودة في الجامعة مثل المشاركة في  الاحتفالات الوطنية للجامعة سنويا، والمشاركة في الكرنفال الإعلامي المنظم من قبل مجموعة الإبداع الإعلامي، والمشاركة في معرض الاقتصاد البيئي في الأسبوع التجاري الثالث عشر بدراسة اقتصادية فبي مجال رعاية الخيل، والتعاون مع حملة المتبرع 1000 بتنظيم من بنك الدم الجامعي في تدشين دوري الكليات للتبرع بالدم – الموسم الثاني، إضافة للمشاركة في الدورة الثالثة من طواف عمان 2017 المنطلق من جامعة السلطان قابوس.

وقالت: لقد قامت خيالة الجامعة بالتعاون مع وزارة التراث والثقافة وشؤون البلاط السلطاني بتنظيم يوم عرضة الخيل والإبل وذلك توثيقا لفن عرضة الخيل التقليدية العمانية كفن يسجل ضمن منظمة اليونسكو العالمية تحت رعاية صاحب السمو السيد فهر بن فاتك بن سعيد، إذ تمت إقامتها في جامعة السلطان قابوس وكانت مصحوبة بندوة عن عرضة الخيل والإبل التقليدية، ضمت متحدثين وأكاديميين من مختلف المؤسسات والجهات.

كما أن خيالة الجامعة تعمل على تقديم حلقات عمل وندوات أكاديمية في عالم الخيل والفروسية تقدمها للأعضاء وغيرهم من المهتمين بعالم الخيل – تسعى من خلالها لنشر الوعي بأهمية الجانب العلمي إضافة إلى الجانب العملي، إذ أقامت مؤخرا أمسية بعنوان الخيل في حياة العرب استضافت من خلالها المدرب الدولي ماجد الحسني والشاعر السعودي د. موسى مبروك عسيري، وبحضور السيد منذر بن سيف البوسعيدي رئيس الاتحاد العماني للفروسية.

كما أن للخيالة توجهًا واضحًا نحو دعم الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، الفئة التي تحتاج إلى الانخراط في عالم الخيل والتعامل معه، مما يساهم بشكل واضح وفعال في خطة علاجهم، إذ تقوم الجماعة بالتعاون مع الجمعية العمانية للتوحد باستقبال عدة أطفال كل فصل وضمهم ضمن جدول تدريبي مهيئ ومناسب لاحتياجاتهم.

العناية والركوب

وعن العناية بالخيل والركوب تقول سارة بنت سعود الهنائية، مدربة فارسات الجامعة: بالنسبة لتدريب الخيالة الميداني:ينقسم إلى قسمين ألا وهما : العناية والركوب، مبدئيّا تبدأ التدريبات بتعريف الطلبة على الخيل وأنواعها وكيفية التقرب والتعامل معها بشكل مكثف ومنها تتطرق إلى أمور العناية، بحيث يتم تنظيف الخيل بأدوات خاصة بها، ثم بعد ذلك يقوم المتدربون بجعل الحصان يمشي حول الميدان للتسخين وعلى أثر ذلك يتم التدريب على كيفية المشي مع الحصان وبالطريقة الصحيحة، وإضافة إلى كيفية التعامل مع أي ظرف مفاجئ قد يحدث للحصان .

أما بالنسبة للركوب فهناك نقاط مهمة يجب أن نعلمها ألا وهي: اللبس المناسب والصحيح ويكون عن طريق المقاييس التي يجب اتخاذها قبل الركوب، وأيضا أساسيات الركوب ويبدأ المتدربون فِيهَا بالمشي الخفيف ومن ثم بالسريع وينتهي بالوصول لمرحلة الهرولة شيئًا فشيئًا. إذ تم بناء وإنجاز وتأسيس الإسطبل للوصول لهدف محدد ألا وهو تهيئة فرسان على نهج صحيح وواضح، يخدمون فيها خيلهم من كل النواحي إضافة إلى الاهتمام بالخيول العربية الأصيلة في فئة الجمال وتدريبها وتجهيزها لجميع المحافل والبطولات على أتم وأفضل صورة. والجدير بالذكر أن هناك أيام مخصصة للشباب والبنات والموظفين كلن على حدة كذلك للتدريب والعناية بالخيل.

تجارب مميزة

ويقول خميس بن محمد الشرجي، طالب في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية: أنا أول طالب كفيف يلتحق بخيالة جامعة السلطان قابوس، وأتعامل مع الخيل بشكل عام.

أقوم بركوب الخيل والعناية بها وهذه الأمور لم تكن تطرأ على بالي أبدا أن أقوم بها، وفي هذا الإسطبل توجد خيول عالمية ولم أكن أتوقع أبدا أنني سأقوم في يوم من الأيام بترويض هذه الخيول التي هي من سلالة عالمية والتي لها صيتها وقوتها، أيضا تعلمت التغذية المناسبة لكل خيل وأنواع الخيول. ومن التحديات التي واجهتني هي أن للخيل حركات جسدية معينه بذيلها أو بعينها يفهمها المبصر بشكل أسرع على عكسي أنا، ولكن هناك تفاهم ممتاز بيني وبين الخيل فالخيل تدرك الحالة النفسية لراكبها من خلال المشاعر والعواطف وقد أكسبني هذا التفاهم ثقة بالنفس عالية في امتطاء الخيل والعدو بها في عدة أماكن.