وجدان الكثيرية: فيلم “حِسّ الأرض” تجربة وثائقية تعكس وعي الشباب العُماني بالبيئة
- حاورها: أصيل بن عقيل باعلوي
تميّز طلبة قسم الإعلام بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية في جامعة السلطان قابوس بحضورٍ لافت في مهرجان الشروق التاسع لإبداعات طلاب الإعلام، الذي أُقيم في دار الأوبرا المصرية بالقاهرة، حيث فاز فريق من طلبة القسم بجائزة خاصة عن فيلمهم الوثائقي “حِسّ الأرض” في فئة مشروعات الأفلام التسجيلية، وهو عمل بصري يستكشف العلاقة الحسية بين الإنسان والأرض عبر قراءة أثر التراب في البيئة العُمانية، مستندًا إلى التراث المحلي وتجربة “القافر” في القرى القديمة.
ضمّ الفريق الطلبة ملاك حارب الغافرية، ومحمود سالم الرواحي، ووجدان خلفان الكثيرية، ومعاذ خالد الرزيقي، وسعيد محمد الفرعي، الذين قدّموا من خلال فيلمهم رؤية بصرية تُجسّد علاقة الإنسان بأرضه، وتعبّر عن قيم الارتباط بالبيئة والوعي بأهميتها في حياة الإنسان والمجتمع.ويُعد هذا الفوز إضافة نوعية لمسيرة طلبة قسم الإعلام، الذين يواصلون تحقيق إنجازات تعكس جودة التعليم الإعلامي في الجامعة، وقدرتهم على توظيف مهاراتهم الأكاديمية في إنتاج محتوى بصري هادف وواعٍ. وفي هذا الحوار، نسلّط الضوء على تجربة الخريجة وجدان خلفان الكثيرية، إحدى أعضاء الفريق الفائز، للحديث عن مشاركتهم في المهرجان، وتفاصيل تجربتهم في إعداد الفيلم، وانعكاسها على مسيرتها الإعلامية بعد التخرج.
وجدان الكثيرية… عندما يتحوّل الإحساس إلى فيلم
تصف وجدان لحظة إعلان الفوز بأنها لحظة هادئة حملت معنى أعمق من أيّ تصفيق. وصلهم الخبر من بعيد، لكن أثره كان قريبًا جدًا منهم. تقول: “شعرنا أن الفكرة وصلت حقًا، وأن كل الجهد لم يذهب سدى. رغم أننا لم نكن في المهرجان، إلا أننا تخيّلنا لحظة مناداة اسم فيلمنا بفخر، كأن (حِسّ الأرض) سافر نيابةً عنا وعاد بهديته.” أما عن الفكرة الأساسية للفيلم، فتوضح أنه يحكي عن العلاقة الحسية العميقة بين الإنسان والأرض، وتحديدًا بين “القافر” والأثر الذي يقرؤه من تفاصيل التراب. الفيلم يقدّم مزيجًا من التراث والدراما والتشويق والرومانسية في سياق قرية عُمانية قديمة تتشابك فيها الحياة اليومية، حيث يصبح القافر جزءًا من حلّ قضايا وألغاز تعتمد على حسّ الأرض ومعرفتها. كانت وجدان كاتبة السيناريو، وهي التي تولّت ترجمة الإحساس إلى حكاية. ركّزت على خلق توازن بين الرمزية والواقعية، وبين الحدث والشعور، ليكون كل مشهد صادقًا وقادرًا على البقاء في ذاكرة المشاهد. وتتحدث عن التحديات التي رافقت تنفيذ الفيلم، بدءًا من صعوبات التصوير وتغيّر مواقع العمل المفاجئ، وصولًا إلى الظروف المناخية القاسية. لكن هذه التحديات — كما تقول — صنعت ارتباطًا أقوى بين الفريق والفيلم. وعن التجربة الاحترافية التي اكتسبتها من المشروع، تؤكد أنها تعلّمت قيمة التفاصيل الصغيرة، وأهمية الصراحة وروح التعاون داخل الفريق، مضيفةً أن العمل الفني الحقيقي يكشف جوانب جديدة من الإنسان وقدراته.
من مرحلة التخرج إلى آفاق المهنة
ترى وجدان أن التخرج من جامعة السلطان قابوس لم يكن وداعًا بقدر ما كان انتقالًا إلى مساحة جديدة من المسؤولية. فسنوات الجامعة — كما تقول — شكّلت أسلوبها وطريقتها في رؤية الحياة، وبقيت تفاصيل الحرم الجامعي جزءًا من ذاكرتها المهنية والشخصية. وتشير إلى أن أبرز ما اكتسبته خلال دراستها هو القدرة على الإصغاء إلى القصص والناس، والبحث عن البعد الإنساني وراء كل فكرة. كما أسهم العمل في الجماعات الطلابية في صقل مهاراتها في إدارة الوقت والعمل الجماعي وتحمل المسؤولية. أما عن خططها المهنية، فطموحها يتجه نحو كتابة الأفلام وصناعة القصص القادرة على أن تُحسّ قبل أن تُفهم. حلمها أن تروي حكايات الإنسان وصمته وتفاصيله الصغيرة التي تغيّرنا دون أن نلتفت إليها.وفي رسالة لزملائها في قسم الإعلام، تقول وجدان:“لا تنتظروا الضوء ليُسلّط عليكم، اصنعوه أنتم. صدّقوا أحلامكم مهما بدت بسيطة، فالفكرة الصغيرة قادرة على أن تصنع أثرًا كبيرًا حين تكون صادقة.”
About the Author