X638311283768843821

 

كرسي اليونسكو يستعرض ملامح الهوية العُمانية في مواجهة التحديات الفكرية

15 Oct, 2025 |

نظم كرسي اليونسكو في علم النفس التربوي بجامعة السلطان قابوس الحلقة النقاشية الأولى للعام الأكاديمي الحالي؛ وجاءت بعنوان "الهوية العمانية والتحديات الفكرية: المكونات وأنظمة التشكل في السياقات المعاصرة"، بالتعاون مع المشروع البحثي الممول من المنحة السامية، وذلك بقاعة المؤتمرات أمس "الأربعاء"

يشرف على المشروع البحثي وعلى كرسي اليونسكو الأستاذ الدكتور سعيد بن سليمان الظفري الأستاذ بقسم علم النفس، والذي أكد على أهمية هذه الحلقة النقاشية نظرا لاختصاصها في بحث تماسك الهوية الوطنية في ظل مجموعة من التحديات الفكرية في السياقات المعاصرة، وقد أوضح الظفري بأن الفعالية شارك فيها مجموعة من الباحثين والمختصين في الهوية العمانية والتحديات الفكرية لإلقاء الضوء على هذا الموضوع المهم، والذي يرتبط بإحدى الأولويات الخاصة برؤية عمان 2040 (أولوية المواطنة والهوية والتراث والثقافة الوطنية)، وتأتي تلبية للتوجيهات السامية في لقاءات جلالته مع أبناء شعبه حول ضرورة العناية بالهوية الوطنية وغرس الولاء والانتماء في الأجيال الناشئة في هذه الأرض المباركة. 
وتضمنت الحلقة النقاشية جلستين؛ تطرقت الأولى التحديات الفكرية من حيث المفهوم والتشكل، وترأسها الدكتور سيف بن سالم الهادي عضو الفريق البحثي، والأستاذ المساعد في قسم العلوم الإسلامية بكلية التربية. والجلسة الثانية، ركزت على الهوية الوطنية من حيث المفهوم والمكونات والمؤشرات وعوامل تشكيلها، برئاسة الدكتورة ريا بنت سالم المنذرية عميدة شؤون الطلبة بالجامعة والأستاذ المشارك في قسم المناهج وطرق التدريس بكلية التربية.
في الجلسة الأولى من هذه الحلقة النقاشية، أوضح الدكتور سيف الهادي بأن الحوار يدور حول محور التحديات الفكرية؛ لأنها الأكثر تعقيدا بين مجموعة من العوامل، وهي الأهم من حيث التأثير على وعي الشباب في مختلف دول العالم، بما فيها سلطنة عمان؛ إذ ترتبط التحديات الفكرية بمجموعة من التحولات في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، والدينية، والفكرية، والتكنولوجية. كما تؤثر بشكل مباشر على قيم وأفكار ومعتقدات الأفراد مما سيحدد مواقفهم واتجاهاتهم أمام الكثير من المتغيرات. ومن هنا جاءت فكرة الحلقة النقاشية التي سلطت الضوء على مفهوم التحديات الفكرية وتمييزه عن المفاهيم الأخرى. كما ركزت على تحليل مكونات التحديات الفكرية بوصفها بناء متعدد الأبعاد، واستعراض تجلياتها في المجتمعات المعاصرة من خلال مظاهر مثل الصراع الفكري، والعولمة الثقافية، وتنازع القيم المحلية والعالمية، وتصاعد النزعة الفردانية وتراجع القيم الجمعية التي كانت تمثل أحد أهم ركائز التماسك الاجتماعي، إضافة إلى الفجوات المعرفية الناشئة عن الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. كما تناولت الجلسات دور التحولات الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية في بلورة هذه التحديات، مع تحليل أثر الصراعات العالمية – الصحية والسياسية والثقافية والبيئية – بوصفها من أبرز العوامل التي تُسرّع وتيرة التحولات الفكرية لدى الأفراد والمجتمعات. 
وأشارت الدكتورة ريا بنت سالم المنذرية رئيسة الجلسة الثانية، بأن الهوية العمانية تمثل أحد الأعمدة الأساسية في بناء المجتمع العماني، فهي ليست مجرد إطار اجتماعي أو ثقافي، بل تتعدى ذلك لتعبر عن منظومة متكاملة من الممارسات والقيم والرموز الوطنية التي تميز أبناء سلطنة عمان، وتشكل وعيهم الجمعي. وتجمع الهوية العمانية بين الأصالة المتمثلة في الدين واللغة والتراث العماني العريق، وبين المعاصرة التي تظهر في التسامح والانفتاح على العالم مع الاحتفاظ بالطابع العماني الأصيل، مما أظهر نموذجا فريدا للهوية العمانية ساهم في الحفاظ عليها في كثير من الجوانب. ومن هنا جاءت فكرة الحلقة النقاشية التي تركز على الهوية العُمانية ومكوناتها والعوامل التي أسهمت في تشكّلها. تطرقت هذه الجلسة إلى الهوية العُمانية بوصفها مفهومًا مركّبًا ومتعدّد الأبعاد، من حيث طبيعتها وآليات ترسيخها وترجمتها في الوعي الجمعي للمجتمع العُماني، إذ تنعكس على الممارسات والسلوكيات اليومية التي تجسّد شعور الأفراد بالانتماء والمواطنة. وتأتي خصوصية الهوية العُمانية من قدرتها على الموازنة بين الأصالة والانفتاح على الاتجاهات المعاصرة في تناغم يعبر عن عمق التجربة العُمانية في الحفاظ على ثوابتها مع مواكبة التحولات الحديثة، وقد كان هذا أحد أهم سمات الفلسفة السياسية العمانية المعاصرة في الدخول إلى العالم الحديث، دون أن يكون للتحولات الفكرية أي أثر مباشر على الثوابت الدينية والثقافية. كما ركزت الجلسة على العوامل المؤثرة في تشكل الهوية العمانية، مثل التعليم والمناهج الدراسية بوصفها أدوات فاعلة في غرس قيم الهوية والولاء والانتماء، إلى جانب دور وسائل الإعلام الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي في إعادة تشكيل صور الانتماء لدى أفراد المجتمع. وتناولت أيضا أثر التحولات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية على وعي الأجيال الشابة بمفهوم الهوية العُمانية.

ويستطرد الأستاذ الدكتور سعيد بن سليمان الظفري رئيس كرسي اليونسكو في حديثه بأن هذه الحلقة النقاشية تحاول التعمق في فهم العلاقة التفاعلية بين الهوية والتحديات الفكرية، وتأتي في سياق الجهود البحثية المستمرة التي يقوم بها كرسي اليونسكو في علم النفس التربوي، من خلال الإشراف والتنفيذ لمجموعة من المشاريع البحثية الممولة من جامعة السلطان قابوس ومن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وهي جهود تسعى في مجملها على تأصيل وتشجيع البحث العلمي في قضايا التعليم والتعلم، والهوية والانتماء، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي والتيارات الفكرية في تشكيل مفاهيم مهمة لدى الجيل الجديد مثل الهوية والمواطنة، وما تحمله من أبعاد تُعمّق الانتماء لعُمان الأرض والحضارة والمجد والتاريخ، مع استشراف مؤشرات وأبعاد الهوية العُمانية باعتبارها بناءً متعدّد المستويات يشمل: البعد الديني والقيمي الذي يشكل أساس الاعتدال والتوازن الفكري، والبُعد الثقافي والتاريخي الذي يعكس إرثًا حضاريًا وبحريًا ممتدًا، والبُعد الاجتماعي المتمثل في التماسك الأسري والعلاقات القبلية والمجتمعية، والبعد اللغوي، وهو نمط ضروري للتفكير بالمصطلحات الثقافية الخاصة، والبعد السياسي والوطني القائم على المواطنة والمسؤولية والمشاركة المجتمعية والانتماء للوطن. ويختتم بشكره الجزيل لكل من أسهم في نجاح هذه الحلقة النقاشية من أفراد ومؤسسات، وكذلك الشكر للداعمين لأنشطة الكرسي، خاصة جامعة السلطان قابوس، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، واللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم. 

About the Author

حسن اللواتي

حسن اللواتي

رئيس قسم الإعلام