X638311283768843821

 



Banner-02

رسالة من متحف

تجمع المتاحف الزمان والمكان تحت سقف واحد، وهي معاهد دائمة ينهل منها الزائر العلم والمعرفة، ويستفيد منها المتعة والإثارة. فالمتاحف معين لا ينضب لنيل الثقافة والرقيّ الإنساني والمجتمعي. وفي جامعة السلطان قابوس ينشر متحف الآثار في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية رسالة محملة بالعديد من الأفكار التاريخية والثقافية للزائرين من جميع فئات المجتمع. وهنا يحدثنا يعقوب بن عبدالله البحري_ مشرف المتحف عن هذه الرسالة.

 

جاءت فكرة إنشاء متحف الآثار مع تبنّي مجموعة التاريخ والآثار في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية إقامة معرض دائم بمشاركة الطلبة عن طريق عرض مساهماتهم داخل قاعة دراسية؛ احتضنها قسم الآثار لاحقا لتصبح متحفا دائمًا له. وذلك مع بداية تأسيس قسم الآثار الذي جاء بتوجيه من المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد المعظّم _طيّب الله ثراه_ عام 1993م.

 

مساهمات طلابية

ويقول يعقوب البحري في هذا الشأن "باشرتُ العمل في المتحف منذ تعييني مشرفًا عليه في العام 1995". مشيرًا إلى أن قسم الآثار دأب في البداية على مرحلة تجميع القطع الاثنوجرافية (التراثية)، والتي تتوافر في معظم الأسواق التقليدية في سلطنة عمان. حيث خُصِّصت ميزانية محدَّدة لشراء ما يراه القسم مناسبًا من هذه الأسواق، مع الحفاظ على القطع الموجودة داخل المتحف، والتي كانت عبارة عن مساهمات مقدمة من الطلاّب والمجتمع المحلِّي. كذلك، كانت للزيارات الميدانيّة والمسوحات والحفريات الأثريّة التي قام بها قسم الآثار _مستمرة إلى يومنا هذا_ رافدا مهما لإثراء السجل المتحفي.

يؤكد يعقوب البحري على التعاون الوثيق بين قسم الآثار ووزارة التراث والسياحة في هذا الجانب؛ فالوزارة هي الجهة الحكومية الرسمية المشرفة والمسؤولة عن جميع المواقع الأثرية في سلطنة عُمان، ولا يزال هذا التنسيق مستمرا، ناهيكم عن وجود اتفاق بين وزارة التراث والسياحة وجامعة السلطان قابوس على التعاون المثمر والتبادل المعرفي في المجال الأثري.

3(3)

 

 

 

 

 

28 عامًا

صَاحَب استمرار وجود المتحف خلال هذه المدة الزمنية والتي تتجاوز الثمانية والعشرون عامًا العديد من التحديثات؛ سواء في طريقة العرض، أو في القطع المعروضة نفسها؛ مما تطلّب بذل جهود كبيرة للرُّقي في تقديم رسالته المعرفية. ويذكر يعقوب البحري التنّوع في العرض الموجود في قاعة المتحف بين القطع التراثية والأثرية. حيث ارتأى القسم في طريقة عرضه للقطع اتباع توجه العرض بالتسلسل الزمني. إذ توجد العديد من القطع التي تعود للعصور الحجريّة القديمة، ومن حضارات مختلفة ومواقع متعددة.

 

كنز الجامعة

توجد العديد من القطع المميّزة الموجودة في المتحف حاليا؛ والتي هي من نشاط حفريات القسم. بعض من هذه القطع يعود تاريخها إلى الألف الثالثة قبل الميلاد. فهناك أداة موسيقية تسمى "الصنج" بالإضافة إلى "المبخرة" عثر عليهما في موقع "دهوى" الأثري في ولاية صحم بشمال الباطنة، وتعتبران الأقدم والأندر في شبه الجزيرة العمانية حتى الآن. كما توجد العديد من الأواني الحجرية والتماثيل الطينية (آدمية وحيوانية).

يضيف يعقوب البحري "يضم المتحف بين جنباته ما نسميه نحن كقسم بِـ "كنز الجامعة" والذي عُثر عليه داخل أرض الجامعة أثناء الأعمال الإنشائية للمركز الثقافي. يضم هذا الكنز العديد من السيوف والخناجر ورؤوس السهام والحُلي والقدور وغيرها، وهي تعود للألف الأول قبل الميلاد (فترة العصر الحديدي/ أي ما يقارب 3000 عام من الآن).

 

 

DSC_5280

 

دعم العملية التعليمية والبحثية

يوضح يعقوب البحري أن متحف الآثار يساهم في تعزيز العملية التعليمية من خلال الاستعانة بالقطع المتحفية، إذ تلعب هذه القطع دورا فاعلًا ومهمًا في تقديم المعلومة وإظهار النشاط الحضاري والثقافي، كما تعكس التواصل التجاري بين السكان المحليين والحضارات المجاورة. كذلك جرت العادة خاصة في المجال البحثي وجود تنسيق متبادل بين المؤسسات العلمية والجهات ذات الاختصاص، وفيما يتعلق بالقطع الموجودة في المتحف، فالقسم معني بتعزيز هذا التبادل واستمرار هذا التعاون بما يعود بالنفع والفائدة العلمية، على المجالين الطلابي والأكاديمي.

وعن مساهمته في المجتمع يقول يعقوب البحري "يستقطب متحف قسم الآثار العديد من الزيارات المجدوّلة والآنيّة، كما يرتاده الكثير من طلبة الجامعة والمجتمع المحلي وطلبة المدارس. ولا يفوتني أن أذكر هنا بعض المساهمات التي قام بها القسم في إثراء المجتمع المعرفي من خلال المحاضرات والنشاطات التفاعلية مع المجتمع المحلي وهي جزء أساسي من رسالته".

 

رسالة متحف الآثار

أشار البحري إلى الصعوبات التي تتطلب تظافر الجهود الإدارية والمالية لاستمراريته، والذي لا يتأتى دون العمل الميداني. قائلًا "هنا لا يسعني إلاّ أن أشكر إدارة الكلية في دعمهم السخي، وتذليل العقبات في سبيل إنجاح هذا التوجه".

وفي نهاية حديثه يصيغ يعقوب بن عبدالله البحري _مشرف متحف الآثار بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية_  رسالة يقدمها متحف قسم الآثار مضمونها "لم يكن لمجموعة هذه القطع المتنوعة في مادة صنعها، والمختلفة أزمانها، والضاربة في القدم أعمارها أن تصل لنا لولا الجهود الحثيثة خلفها، فهناك جهد كبير من قسم الآثار في هذا الجانب. ولم تكن لتتواجد وتستمر لو لم تجد البيئة المناسبة والحاضنة لها. جميع هذه القطع خلفها تُسرد قصص، وتؤلَف ملاحم لنشاط إنساني حضاري مجيد. نشاط ما كان ليحدث دون جهد كبير استطاع الانسان من خلاله استئناس البيئة وتسخير الطبيعة خدمة لاستمرارية وجوده، ومواجهة التحديات المحيطة به. رسالة المتحف هي بذل أكبر جهد نستطيع من خلاله الحفاظ على هذا الإرث للأجيال القادمة؛ فبه نستطيع ترسيخ قيم المواطنة وتعزيز الهوية والبذل لهذا الانتماء الذي يسمى "وطن"".

About the Author

ايمان الحسنية

ايمان الحسنية

محرر محتوى