الطالب الجامعي من تحديات الدراسة إلى بناء مستقبل ناجح
- أستمع إليها: أحمد بن عبد الله الوهيبي، كلية الآداب والعلوم الاجتماعية.
في المرحلة الجامعية، لا تقتصر رحلة الطالب على اجتياز المقررات الدراسية فحسب، بل تمتد إلى بناء شخصية علمية وعملية قادرة على مواكبة متطلبات المستقبل. ومع تصاعد التحديات الأكاديمية، يجد الطالب نفسه أمام مجموعة من القضايا التي تتطلب وعيًا عميقًا بالأدوات والاستراتيجيات اللازمة للنجاح، مثل التخطيط الدراسي الفعّال وإدارة الوقت وتحقيق التوازن بين الحياة الأكاديمية والشخصية. كما أن المحافظة على معدل تراكمي مرتفع تعد ركيزة أساسية لتعزيز الفرص المستقبلية.
وانطلاقًا من هذا الإطار، التقينا رايه بنت خميس بن حمد البطاشية- أخصائية شؤون الطلبة بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية في الجامعة، إذ سلطت الضوء على أبرز الجوانب التي تسهم في نجاح الطالب الجامعي، مقدمة نصائح عملية مستمدة من خبرتها في متابعة شؤون الطلبة ودعم مسيرتهم الأكاديمية.
أهمية التخطيط الدراسي
استعرضت رايه البطاشية أهمية التخطيط الدراسي، قائلة: "الخطة الدراسية هي حجر الأساس الذي يبني عليه الطالب مسيرته الأكاديمية. الاطلاع المبكر على تفاصيل الخطة ومعرفة متطلبات التخرج منذ الفصل الأول يجعل الطالب أكثر قدرة على تنظيم مواده واختيار المسارات المناسبة له." وأشارت إلى أن الخطة الدراسية تساهم في تفادي المشكلات الأكاديمية التي قد تظهر لاحقًا، مثل تأخير التخرج بسبب عدم طرح بعض المواد أو عدم تحقيق المتطلبات السابقة. وأضافت: "الطالب الناجح هو الذي يضع خطته من البداية، مع مراعاة التوازن بين المواد في كل فصل، حتى لا يتعرض لضغط دراسي شديد يؤثر على مستواه الأكاديمي".
كما أوضحت رايه، إن الإرشاد الأكاديمي يلعب دورًا أساسيًا في مرحلة التخطيط الدراسي، قائلةً: "من المهم أن يحافظ الطالب على تواصل مستمر مع مرشده الأكاديمي، فهو شريك حقيقي في نجاحه الأكاديمي. فالمرشد لا يقتصر دوره على مساعدة الطالب في اختيار المواد الدراسية وضمان التزامه بالخطة المقررة، بل يشمل أيضًا توعيته بالقوانين واللوائح الدراسية المعمول بها في الجامعة لتجنّب الوقوع في الصعوبات الأكاديمية، إضافةً إلى مساعدته في فهم إمكانياته وقدراته، ودعمه نفسيًا وتحفيزه على مواصلة رحلته الجامعية بثقة، مهما كانت التحديات التي قد تواجهه."
أدوات إدارة الوقت
وعن إدارة الوقت، استعرضت البطاشية أهمية هذه المهارة باعتبارها من أبرز التحديات التي تواجه الطلبة الجامعيين، قائلةً: "الحياة الجامعية تمنح الطالب حرية كبيرة في تنظيم وقته، ولكن هذه الحرية قد تكون سلاحًا ذا حدين. فالطالب الذي لا يدير وقته بفعالية قد يجد نفسه متأخرًا عن مواعيد التسليم أو غير مستعد للاختبارات".
وأوضحت أن من أساسيات إدارة الوقت وضع جدول أسبوعي يتضمن مواعيد المحاضرات، أوقات المذاكرة، أوقات الراحة، وممارسة الهوايات أو الأنشطة التطوعية. كما أضافت: “أدعو الطلبة إلى عدم ترك الأعمال الأكاديمية تتراكم حتى نهاية الفصل، بل المذاكرة أولًا بأول، وتخصيص وقت لمراجعة الدروس بشكل منتظم. هذا الأسلوب يخفف الضغط ويزيد من فرص التفوق.” ونبهت إلى أهمية المرونة في إدارة الوقت، قائلة: "قد يطرأ ظرف مفاجئ يتطلب إعادة ترتيب الأولويات، لذلك من المهم أن يتعلم الطالب كيف يكون مرنًا في جدوله دون الإخلال بالالتزامات الأساسية"
المعدل الأكاديمي وأثره
وحول المعدل الأكاديمي وأثره في مستقبل الطالب، بينت البطاشية أن المعدل لا يجب أن يكون مجرد رقم، بل مؤشراً على الجهد والالتزام، فتقول: "أن المعدل التراكمي له وزن كبير في القبول ببرامج الدراسات العليا، وفي فرص الحصول على منح دراسية، وحتى في القبول بوظائف معينة تشترط حدًا أدنى من التحصيل العلمي". وأضافت أن إحدى المشاكل التي يوجهها بعض الطلبة هي عدم الوعي بأهمية المعدل التراكمي في الفصل الأول، إذ يعد بداية بناء للمعدل العام. وقالت: "في كثير من الأحيان، يغفل الطالب عن أهمية الأداء في بداية مشواره الأكاديمي، مما قد يؤثر على معدله العام في المدى الطويل"
وأكدت على أن الحفاظ على معدل مرتفع يتطلب مثابرة منذ البداية، لا سيما في الفصول الأولى التي تمثل الأساس لبناء المعدل العام. وقالت: "كل فصل دراسي هو فرصة جديدة لتحسين الأداء، والطالب المجتهد يستطيع دائمًا تعويض أي إخفاق سابق إذا وضع خطة تصحيحية واضحة".
التوازن بين الأنشطة الأكاديمية والحياة الشخصية
أوضحت رايه أهمية الحفاظ على التوازن بين الأنشطة الدراسية والحياة الشخصية قائلةً: "الحياة الجامعية مليئة بالفرص، ومن الضروري أن يحرص الطالب على إيجاد توازن بين دراسته وحياته الشخصية. يجب ألا يضحي بصحته أو وقت فراغه في سبيل الدراسة، بل عليه أن يخصص وقتًا للمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والطلابية والتطوعية التي تساهم في تطوير شخصيته وتوسيع آفاقه. كما أنه من المهم أن يخصص وقتًا للاستراحة وممارسة هواياته، إذ يساعده ذلك في تجديد طاقته وحماسه."
نصائح للطلبة
قدمت البطاشية مجموعة من النصائح الثمينة للطلبة، قائلةً: "أولًا، عليكم أن تؤمنوا بقدرتكم على تحقيق أهدافكم. الحياة الجامعية مليئة بالفرص التي تنتظر من يقتنصها. من يتعامل مع هذه الفرص بحكمة وعزيمة، يخرج منها ليس فقط ناجحًا، بل أكثر نضجًا وثقة. ثانياً، استغلوا وقتكم في تطوير مهارات البحث العلمي والكتابة الأكاديمية، فهي ستفتح أمامكم آفاقًا واسعة من المعرفة. وشاركوا في الأنشطة الطلابية، فهي فرص ذهبية لتطوير مهارات القيادة والعمل الجماعي." كما حثت على ضرورة الحفاظ على التوازن بين الدراسة والحياة الشخصية، مشيرة إلى أنه لا ينبغي أن تستهلك الدراسة وقت طالب بالكامل. وأكدت على أهمية الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية، وأن تنظيم الوقت بشكل جيد يساعد في تحقيق النجاح الأكاديمي دون التأثير على جوانب الحياة الأخرى.
واختتمت حديثها قائلة: "الجامعة ليست مجرد مكان للدراسة، بل هي ساحة حقيقية لتعلم مهارات الحياة. تعلموا كيف تكونون مسؤولين عن قراراتكم، واعتبروا كل تحدٍّ، سواء دراسي أو شخصي، فرصة للنمو والتطور. وعندما تخطون أولى خطواتكم في الحياة المهنية، ستكتشفون الفرق الكبير الذي أحدثته هذه التجارب".
About the Author