X638311283768843821

 



Banner-02

جلسة حوارية حول “المنتج الثقافي والإبداعي ورهان الذكاء الاصطناعي ”

  • تغطية/ يوسف بن بدر المنذري 

في إطار فعاليات ركن الجامعة "رواق الجامعة” بمعرض مسقط الدولي للكتاب 2025،  تم تنظيم جلسة حوارية نوعية بعنوان: “المنتج الثقافي الإبداعي ورهان الذكاء الاصطناعي: بين التمكين والتحدي”، وذلك في قاعة الفراهيدي بحضور نخبة من الأكاديميين، والمثقفين، وصنّاع المحتوى، والمهتمين بالشأن الثقافي الرقمي.

أدارت الجلسة الإعلامية والكاتبة هدى بنت حمد الجهورية مدير تحرير مجلة نزوى، والتي افتتحت النقاش بسؤال جوهري عن مدى تأثير “وحش التقنية” الذي بدأ يمدّ أذرعه في مجالات الإبداع التي لطالما اعتُبرت عصيّة على الاقتحام الآلي.

شارك في الجلسة الحوارية أربعة من الضيوف البارزين: الدكتور ياسر إبراهيم منجي – أستاذ مساعد في قسم التربية الفنية، كلية التربية بجامعة السلطان قابوس، هيثم بن محمد البوصافي– المدير التنفيذي لشركة Beyond في المملكة العربية السعودية، محمد بن حمود الجابري – الرئيس التنفيذي لمنصة “زِمكان”، عبدالله بن يوسف البلوشي – مدرب وصانع محتوى ثقافي.

ناقشت الجلسة بعمق التحولات التي فرضها الذكاء الاصطناعي على الإنتاج الثقافي، وكيف تمكنت الآلة من التسلل إلى مناطق كانت حكرًا على الحس البشري، من أدب وفنون بصرية وسينما وموسيقى، بل وحتى في الكتابة النقدية وصناعة المحتوى، ما دفع الحضور إلى التساؤل:

هل يمكن للآلة أن تبتكر؟ وهل بالإمكان استبدال المبدع؟ أم أن الأمر لا يزال في حيز التكامل بين العقل البشري وخوارزميات الذكاء الاصطناعي؟

أبرز محاور الجلسة تضمنت: أولا أثر الذكاء الاصطناعي على المنتج الثقافي المعاصر: ناقش المتحدثون كيف غيّرت التقنية شكل ومضمون الإبداع، وكيف يمكن دمج المنتج الثقافي الإنساني بالتقنية الحديثة دون فقدان جوهره وهويته. وأشار بعض المتحدثين إلى أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يُستثمر كأداة للتمكين لا الاستبدال، مع التشديد على أهمية إدراك الحدود بين الإبداع الأصيل والإنتاج الآلي المتكرر.

ثانيا تحول أنماط التلقي في العصر الرقمي: أكّد المشاركون أن المتلقي لم يعد مجرد مستهلك سلبي، بل أصبح فاعلاً في عملية الإنتاج والتقييم والنقد، بل وفي بعض الحالات – خاصة عبر المنصات الرقمية – يُعيد تشكيل المنتج الثقافي وفق تفضيلاته وسياقاته. كما تم التطرق إلى انفجار الوسائط الرقمية وتعدد البدائل، وما تفرضه من تحديات على المنتج الثقافي التقليدي.

ثالثا دور المبدعين العرب في الثورة الرقمية: طُرحت تساؤلات حول مدى توظيف المبدع العربي لأدوات الذكاء الاصطناعي، وقدّم بعض الضيوف أمثلة من تجارب شخصية وتجارب لمؤسسات عربية بدأت في دمج الذكاء الاصطناعي في الإنتاج الفني والمحتوى الرقمي، مع التركيز على أهمية تعزيز الوعي التقني لدى المثقفين والكتاب والفنانين.

رابعا الإبداع والأصالة في زمن الآلة: ناقش المتحدثون كيف يمكن الحفاظ على خصوبة الخيال البشري في ظل سطوة البيانات وخوارزميات التكرار، محذرين من الانجرار وراء ما هو سهل ورائج وسطحي، على حساب العمق والقيمة الفنية. وطرحت الجلسة تحديًا فكريًا: كيف نحافظ على متانة وأصالة المنتج الثقافي دون أن نبقى في عزلة عن العصر الرقمي؟

خامسا التكامل أو التنافس بين الإنسان والآلة:استُحضرت قصة نيتشه والآلة الكاتبة – كما ورد في كتاب “السطحيون” لنيكولاس كار – للدلالة على أن أدوات الكتابة تشارك في تشكيل الأفكار. وهنا طرح المشاركون سؤالًا محوريًا: هل أدوات الذكاء الاصطناعي تُعيد تشكيل أفكارنا وإنتاجنا من دون أن نشعر؟

سادسا استشراف المستقبل الثقافي في ظل الذكاء الاصطناعي: اختتمت الجلسة بنقاش مفتوح حول مستقبل المنتج الثقافي: هل هو مقبل على طفرة نوعية، أم على أزمة هوية؟ وهل المجتمعات العربية مستعدة لركوب موجة التغيير التقني دون أن تفقد أصالتها وقيمها الفنية؟ وما المطلوب من صنّاع الثقافة اليوم لتشكيل خريطة طريق واضحة في عالم تتغير ملامحه بسرعة غير مسبوقة؟

وقد شهدت الجلسة تفاعلاً حيًا من الحضور الذين طرحوا مدخلات نقدية، أكدت على حاجة المؤسسات الثقافية والتعليمية لتبني خطاب جديد يتواءم مع تحديات العصر الرقمي، ويُعزز من حضور الثقافة العربية في فضاء عالمي تُعيد فيه التقنية تشكيل كل شيء.

تأتي هذه الجلسة في إطار سلسلة فعاليات ركن “رواق الجامعة” التي تنظمها جامعة السلطان قابوس هذا العام تحت شعار:“مستقبل المعرفة في عالم رقمي”، وهي سلسلة تهدف إلى فتح نوافذ فكرية وحوارية حول القضايا المعاصرة التي تمس حاضر ومستقبل المعرفة، عبر إشراك خبرات أكاديمية وثقافية من داخل عمان  وخارجها.

About the Author