تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على الصحافة البشرية
- استطلاع: سالمة بنت مرهون الفارسية
تشهد الصحافة والإعلام عمومًا طفرة كبيرة في مجال استخدام التقنيات الحديثة، ومن أبرزها الذكاء الاصطناعي وما يشهده من تطور مستمر في برمجياته وتطبيقاته. ومع تلك الطفرة، تظهر على الساحة الإعلامية وبين العاملين في هذا القطاع الحيوي تساؤلات عديدة حول مدى تأثر الصحافة البشرية وقدرتها على مواكبة هذه التقنيات والاستفادة منها، وما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيحل محل الصحافة البشرية.
وتزامنًا مع المؤتمر الدولي الرابع لقسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس “الاتصال والإعلام وثورة الذكاء الاصطناعي: الحاضر والمستقبل”، الذي تم تنظيمه خلال الفترة من 17-19 نوفمبر الجاري، طرحنا تساؤلنا على نخبة من كبار أساتذة وباحثين في مجال الإعلام حول استخدام تقنيات وبرامج الذكاء الاصطناعي في إنتاج القصص الإخبارية ومدى تأثير هذه البرمجيات على الصحافة البشرية.
يرى الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني، وزير الإعلام السابق، أن وجود الآلة بشكل عام يحد من عمل الإنسان. فإذا ما تم الاعتماد على الأرقام وعلم البيانات والمعلومات الضخمة، فهذا يعني أننا، شيئًا فشيئًا، نتخلى عن إنسانيتنا وعن القصص الإنسانية. وأشار الحسني إلى أن الجزء الأهم في هذه المسألة هو أنه مهما بلغ حضور الآلة والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المستقبلية في الصحافة، فلا بد من حضور الإنسان، الذي يُطلق على بصمة حضوره بالمصطلح العلمي “الأنسنة”. ويقول الحسني إن على الصحفي أن يقدم قصصًا إخبارية مناسبة للمجتمع والمتلقي دون التماهي مع حضور الآلة ووفرة المعلومات.
وتؤكد د. ياسمين الضامن، أستاذ مساعد بقسم الصحافة والإعلام والاتصال الرقمي بالجامعة الأردنية، على تأثير الآلة في عمل الإنسان. وتقول: “نحن في عصر الذكاء الاصطناعي واستخدامه في شتى المجالات، سواء كانت الإنسانية أو العلمية”. وتخص الإعلام قائلة: “شهدنا إقبالًا كبيرًا على الذكاء الاصطناعي، حتى أن بعض الدول تخلت عن بعض الأعمال لصالح الذكاء الاصطناعي”. وترى أن هذه الثورة ستؤثر، حتى وإن كان ذلك على المدى البعيد، وتتوقع أن تأثيرها لن يكون مقتصرًا على الدول الغربية فقط، بل سيمتد إلى الدول العربية كذلك. وتشير إلى أن أحد أهم الأسباب هو اختلاف الاهتمامات في العصر الحديث، خاصة مع التغيرات التي حصلت بعد أزمة كوفيد-19. فقدنا خلال هذه الأثناء العديد من الوظائف، مما أدى إلى ظهور توجهات جديدة حول نوعية الوظائف المطلوبة. ومن خلال المؤشرات الاقتصادية، تتوقع زعزعة في الاستقرار على المستوى البعيد.
وحول حتمية الانتقال لهذه التقنيات الحديثة وأهمية مواكبتها، تقول أ. د. خلود ملياني، أستاذة العلاقات العامة بكلية الاتصال والإعلام بجامعة الملك عبد العزيز: “إن تدخل الذكاء الاصطناعي في قطاع الإعلام أصبح اليوم أمرًا مفروضًا علينا”. وتشير إلى أن التطور الحاصل في صناعة الإعلام وتكنولوجيا الاتصال أمر لا بد من مواكبته، مؤكدة على تأثيراته من جميع النواحي. وتقول: “من الممكن أن تكون هذه التأثيرات إبداعية ومبتكرة وتُسهِّل العمل الإعلامي”.
ويطرح د. غسان مراد، دكتور في حوسبة اللغة والإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجامعة اللبنانية، مقارنة بين الاستخدامين الإيجابي والسلبي للذكاء الاصطناعي. ويرى أن التأثير سيكون إيجابيًا إذا استخدم الصحفيون هذه البرامج والتطبيقات بشكل يخدمهم، لأن ذلك سيؤدي إلى تطوير الإمكانيات وإنشاء محتوى جيد. وفي المقابل، يؤكد أنه إذا لم تُستخدم بالشكل الصحيح، فستنشأ مشكلة في الصحافة. لذلك، يجب على الصحافة أن تتأقلم مع التغيرات التكنولوجية وتواكبها.
ويضيف مراد أن على الصحفي، خاصة العامل في الكتابة، أن يستغل هذه البرمجيات في عملية تجزئة النصوص والتنقل بينها، وأخيرًا، أن يقدم محتوى جديدًا وغير معتاد. ويشير إلى أن الصحفي الذي يتبنى هذا النهج سيتمكن من المحافظة على استمرارية الإعلام. أما بخصوص التأثيرات المتوقعة، فيقول: “إن هذه التساؤلات تتكرر كلما ظهرت تكنولوجيا جديدة. فهل ستؤثر على ما قبلها؟ وما هو هذا التأثير؟ لكن في الحقيقة، نحن في مرحلة تعدد الشاشات وتعدد أساليب الاستماع. لذلك، لا يوجد أمر يلغي الآخر، وإنما كل شيء يرتكز على الآخر ويتأقلم معه”.
About the Author