“طلبة يحاكون الاتحاد الأوروبي: تجربة تغني المهارات وتفتح الآفاق”
- استطلاع/ عائشة بنت ناصر البوسعيدية
تعد المشاركة في الفعاليات والمؤتمرات جزءًا مهمًا من الحياة الجامعية؛ إذ تساهم في تطوير شخصية الطالب وتنمية مهاراته الاجتماعية والأكاديمية. وتوفر هذه الأنشطة فرصًا لاكتساب مهارات جديدة وتوسيع الشبكات الاجتماعية، مما يساعد الطلاب على تكوين صداقات قوية وتعلم العمل الجماعي. كما تُعزز من تطوير مهارات القيادة وحل المشكلات والتواصل، وتساهم في إعداد الطلاب لحياة مهنية واجتماعية ناجحة، إذ تجمع بين التعلم النظري في القاعات الدراسية والتجارب العملية التي تسهم في بناء شخصية متوازنة ومتعددة المهارات. يأتي مؤتمر محاكاة التعاون الرقمي بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج لصقل مهارات الطلاب المشاركين وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.
تتحدث فاطمة بنت محمد الحسنية، إحدى المنظمين، عن أهداف المحاكاة والغرض منها قائلة: “يهدف نموذج الاتحاد الأوروبي (MEU) إلى توفير إطار لمحاكاة جزئية لعملية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي. كما ينبغي أن توفر هذه المحاكاة للمشاركين فرصًا لتطوير مهاراتهم وتقنياتهم في التفاوض وحل النزاعات، والخطابة العامة، والمناقشة، والكتابة التفسيرية، والمنطق والاستدلال، وديناميات العمل في مجموعات صغيرة، والقيادة، وحل المشكلات”. وأضافت أن “الغرض من المحاكاة هو أن يتفق مجلس الاتحاد الأوروبي على خطة عمل مقترحة لتعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي في مجال التعاون الرقمي. وستركز هذه الخطة على مجالات رئيسية مثل تحسين التعاون في مجال الأمن السيبراني، وتعزيز الابتكار الرقمي من خلال مشاريع تطوير مشتركة، وتنسيق الأطر التنظيمية لدعم فضاء رقمي آمن ومفتوح”.
يقول إلينا أحمد عبد اللطيف الشقصي، طالب نظم معلومات وممثل المفوضية الأوروبية: “كتجربة أولى لي في لعبة محاكاة، وعلى الرغم من أنها لعبة وكمية التجهيز لها والمعلومات التي نجمعها لا تعبر عن 1% مما نعلمه عن الاتحاد الأوروبي وأعضائه، إلا أنها تعتبر استثنائية عندما تستوعب أن هناك نموذجًا واقعيًّا أضخم وأكثر تعقيدًا بآلاف المرات. بغض النظر عن أنها تجربة تختبر لغتك الدبلوماسية ومهارتك في الحديث والحوار والتفاوض والتفكير النقدي وحل المشكلات، هي تجربة تعلمك أن أصعب شيء في مثل هذه الاتحادات والبرلمانات هو اتخاذ القرار والاتفاق على شيء معين”.
يتحدث محمد بن فهد الشكيلي، طالب هندسة زراعية وممثل دولة ألمانيا، عن تجربته قائلًا: “كانت تجربتي في مؤتمر محاكاة الاتحاد الأوروبي رائعة وثرية، حيث أتيح لي الغوص في عالم العلوم السياسية وفهم آلية عمل الاتحاد الأوروبي في معالجة المشكلات. تعلمت كيفية تقديم أدلة وبراهين تدعم المواقف المختلفة، والعمل نحو إيجاد حلول تتماشى مع سياسات دول الأعضاء. كطالب هندسة، كانت هذه التجربة بمثابة تغيير جذري في منهجيتي، حيث انتقلت من لغة الأرقام والحسابات إلى لغة السياسة التي تعتمد على المنطق والدليل. لقد اكتسبت مهارات قيادية وحل المشكلات السياسية، فضلاً عن التعرف على الدور الفعال لأعضاء الاتحاد. مثلت ألمانيا خلال المحاكاة، مما أتاح لي الفرصة لفهم سياستها في الاتحاد الأوروبي وتطبيقها عمليًا، مع الأخذ في الاعتبار أن ألمانيا تُعد من الدول الرائدة في اتخاذ القرارات الحاسمة بفضل قوتها الاقتصادية. هذه التجربة لن تُنسى، حيث ساهمت في توسيع آفاقي وتطوير مهاراتي في مجال السياسة”.
تُعبر مريم بنت سلطان العلوية، طالبة طب بشري وممثلة دولة قبرص، عن تجربتها قائلة: “كانت تجربة المشاركة في محاكاة الاتحاد الأوروبي أفضل من المتوقع، حيث إنه لو أتيحت لي الفرصة للمشاركة مرة أخرى فلن أتردد، بغض النظر عن أي التزام أو ارتباط، فإن التجربة تستحق الإعادة. لم أكن متحمسة كثيرًا في البداية، حيث إنني لم أفهم فكرة المحاكاة بشكل جيد، ولكن منذ اللحظة التي بدأنا فيها المحاكاة شعرت أنني انغمست في عالم آخر. كنت أنظر للجميع حولي بذهول وأسأل نفسي: (من أين لهم أن يأتوا بمثل هذه الفكرة؟!). لم أستطع إلا أن أعجب بأسلوبهم في طرح الأفكار وطلاقة لغتهم الإنجليزية”.
يضيف صادق بن يونس العجمي، طالب دراسات المعلومات وممثل دولة لوكسمبورغ، قائلًا: “كانت محاكاة الاتحاد الأوروبي بمثابة فرصة ثمينة للتعرف على الاتحاد الأوروبي والدول المشاركة فيه، لا سيما السياسات المتبعة. أتاحت هذه التجربة فرصة ثمينة للتعمق في آليات صنع القرار داخل الاتحاد، كما سلطت الضوء على التحديات والفرص التي تواجه الدول الأعضاء. تعززت لدينا أهمية الحوار والتعاون في بناء مستقبل مشترك، ونتطلع إلى مواصلة العمل معًا من أجل تحقيق التقدم والازدهار للجميع. كما أن من أهم المكتسبات من خلال المحاكاة هي تكوين العلاقات مع أشخاص مميزين ومتفوّقين في المجال العلمي والأكاديمي، فهذه العلاقات تشكل شبكة داعمة لتبادل الخبرات والاستشارات، وتسهم في فتح آفاق جديدة للتعاون في المشاريع المستقبلية، مما يعزز من الخبرة وينمي المهارات، ويساعد على التطور في المجال بشكل أسرع”.
- ماذا تغير بعد هذه التجربة؟
تذكر أنفال بنت سعيد النبهانية، طالبة قانون وممثلة دولة إيطاليا، أن المشاركة في نموذج محاكاة الاتحاد الأوروبي ساهمت في إثراء معرفتي بكيفية عمل الاتحاد الأوروبي وعمليات صنع القرار فيه، بالإضافة إلى بنيته وإجراءاته ومبادراته في مختلف المجالات وفهم سياسة الدول ومصالحها الأساسية. وبعد انتهاء هذه المحاكاة الثرية، تمكنت من تعزيز مهاراتي ومعرفتي بالقضايا الدولية وتطوير مهارة التفاوض والتحدث أمام الجمهور بالإضافة إلى حل النزاعات، مما سيعزز فرصتي في العمل في المجال الدبلوماسي وتمثيل سلطنة عمان في المحافل الدولية.
تجيب العلوية على هذا السؤال قائلة: “كانت هذه المحاكاة أحد الدوافع لتحسين لغتي الإنجليزية، بالإضافة إلى أنني كوّنت العديد من الصداقات. تغيرت وجهة نظري للفعاليات والمسابقات التي تطرحها الجامعة عادة، فلم أكن يوماً من النوع الفضولي الذي يحب المشاركة، ولكن منذ شاركت في هذه المحاكاة أصبح عندي شغف لأشارك في المزيد وأتعلم المزيد. أعطتني هذه المحاكاة فكرة عما يدور عادة في البرلمان والاتحاد الأوروبي بشكل عام. لم أكن يوماً فضولية بشأن هذه المواضيع، ولكنني ممتنة للفرصة التي جعلتني أبحث في الأمر وأتعلم المزيد. أنا ممتنة لهذه الفرصة القيّمة، لن أنسى هذه التجربة أبداً، كانت واحدة من أفضل التجارب التي مرّت عليّ في حياتي الجامعية”.
يقول الشقصي: “علمتني هذه التجربة أن أقدّر أي قرار يصدر من أي برلمان من البرلمانات، لأنني صرت أعرف إلى أي درجة هو صعب لكي يتفقوا عليه، مهما كان يبدو من ظاهره أنه سهل. وكذلك، لا أنسى أنها تبقى كذكرى من الجامعة، خصوصاً لو كنت شخصاً لا يشارك في الأنشطة أبداً. تعرفك على أشخاص يشاركونك شغفهم وطموحهم، وهذا شيء يدفعك لتقديم المزيد”.
About the Author