تطلب العلم بعُمان وحلمها في "غزة"
.jpeg)
" الحصول على فرصة لدراسة التمريض في جامعة السلطان قابوس كطالب تبادلي، يقدم لي الكثير من الفوائد التي لا تقدر بثمن؛ فهنا الكثير من البرامج والدورات لا تتوافر في جامعتي، مما وفر لي نقطة انطلاق للنمو الأكاديمي والتطور المهني "
الكلام السابق جاء على لسان الطالبة " ستي عائشة بنت حاجي محمد يوسف " من بروناى دار السلام، والتي تطمح بعد التخرج أن تشد الرحال إلى غزة العزة؛ لتضمد جراحها باستخدام مهاراتها ومعرفتها في التمريض.
وخلال حوارنا معها أجابت " ستي “عن العديد من علامات الاستفهام وإليكم التفاصيل:
- ـ نود التعرف على سيرتك الذاتية؟
كانت ولادتي ونشأتي في بروناي دار السلام (المعروفة بسلطنة بروناي حاليًا) وهي بلد صغير مسالم للغاية يقع في جنوب شرق آسيا، أدرس حاليًا في جامعة "بروناي دار السلام" وقد أُتيحت لي فرصة رائعة لقضاء عامي الاستكشافي في سلطنة عُمان، وبقلب عاشق لخدمة الآخرين مع التزام وإقبال على العلم يدوم مدى الحياة، انغمست كليًا في عالم تعلم التمريض الديناميكي، أقضي الآن عامي الأخير في دراسات التمريض، وفي أغسطس القادم سأتخرج وأنال شهادتي. وأعتبر وجودي في هذا البلد فرصة لتنمية مجال معرفتي لتقديم أفضل رعاية صحية ممكنة للآخرين.
خلال رحلتي الأكاديمية الشيقة في جامعة "بروناي دار السلام"، أُتيحت لي الفرصة لدراسة مادة اختيارية تخص التمريض بمجال الصحة النفسية والعقلية، وهو موضوع يتردد صداه بقوة بداخلي؛ وقد منحتني هذه المادة الاختيارية تجربة شيقة في التخصص الدقيق لمجال تمريض الصحة النفسية والعقلية، وهو ما سمح لي بالخوض في مصاعب وتعقيدات الأمراض العقلية والتدخلات النفسية والرعاية الشاملة الممنوحة للمرضى في هذا المجال الهام، ولأن لدي شغفا كبيرا بتعزيز الوعي بالصحة العقلية وإزالة وصمة العار المُلحقة دائمًا بالأمراض العقلية بشكل خاطئ، كانت دراسة هذه المادة الاختيارية بمثابة لحظة محورية فاصلة في رحلتي التعليمية ، إذ عززت بشكل كبير التزامي بالدفاع عن رفاهية الأفراد الذين يتكبدون عناء مواجهة تحديات وعقبات الصحة العقلية التي تواجههم بمفردهم، دون دعم أو وعي كاف من المجتمع!
- ـ ماذا أضافت لك تجربة التخصص في مجال تمريض الصحة النفسية والعقلية؟
خلال التعامل مع المرضى والأسر وفرق الرعاية الصحية متعددة التخصصات، اكتسبت رؤى لا تقدر بثمن حول الطبيعة المتشعبة والمتعددة الأوجه لاضطرابات الصحة النفسية والعقلية، وأهمية توفير الرعاية الرحيمة للمحتاجين لها، والمبنية على الأسس والدلائل، ومنحتني المشاركة في هذه المادة الاختيارية بمجال تمريض الصحة العقلية فرصة ذهبية كمنبر للدعوة إلى زيادة الوعي والفهم الأوسع لقضايا الصحة العقلية في بروناي دار السلام. ومن خلال الدعوة والمناصرة هذه، يمكنني العمل من أجل خلق مجتمع أكثر تعاطفًا وشمولية يتم فيه منح الأولوية للصحة النفسية والعقلية، وفيه يشعر الجميع بالإمكانية والقدرة على طلب المساعدة والدعم وقت الحاجة لها دون أي مشاكل أو منغصات.
- ـ ما الفرق بين الدراسة بجامعة السلطان قابوس وجامعتك ببروناى ؟
هناك الكثير من البرامج والدورات التي يتم تقديمها هنا ولا تتوافر في جامعتي، وبالتالي فقد وفر لي هذا نقطة انطلاق للنمو الأكاديمي والتطور المهني أيضًا وهو أمر ضروري للغاية لمستقبلي المهني كممرضة. انتهزت هذه الفرصة لاستكشاف الموضوعات المتخصصة التي تتماشى مع توجهاتي الأكاديمية وتطلعاتي المهنية. قدمت هذه الفرص التدريبية رؤى هامة، ووسعت قاعدة معرفتي وعززت مجموعة مهاراتي بطرق لم تتح لي من قبل في بروناي بلدي الأم. وسعت الدراسة في سلطنة عمان آفاقي الأكاديمية، ومكنتني من التعامل مع دراستي بعمق واتساع أكبر، وأمدتني بفهم أكثر شمولًا لمجال دراستي وعملي.
كما أن الحصول على فرصة لدراسة التمريض في جامعة السلطان قابوس كطالب تبادلي، قدم لي الكثير والكثير من الفوائد التي لا تقدر بثمن. إذ توفر الجامعة بيئة أكاديمية غنية ببرامج التمريض الشاملة. وبصفتي طالبة تبادل، فقد أتيحت لي فرصة فريدة للانغماس في الثقافة العمانية الغنية، واكتساب رؤية ومنظور عالمي يتعلق بمجال ممارسات الرعاية الصحية وتعزيز التفاهم بين الثقافات. بالإضافة إلى ذلك، أدى التعاون مع أبرز المحاضرين اللامعين والطلبة الرائعين أصحاب الخلفيات المتنوعة إلى تعزيز مهاراتي الشخصية وتوسيع شبكتي المهنية، مما مهد الطريق لإتاحة المزيد من التعاون المستقبلي وفرص العمل المحتملة.
- ـ حديثنا عن خططك المستقبلية بعد التخرج؟
بعد التخرج بمشيئة الله، أطمح في متابعة مسيرة الدراسات المتقدمة في التمريض، بهدف الحصول على درجتي الماجستير والدكتوراة. بخلاف ذلك وبعد التخرج، أنوي أن أصب جم تركيزي على مساعدة الناس من خلال العمل الإنساني أيضًا، وليس فقط العمل الأكاديمي. وباستغلال وجود رغبة داخلية نابعة من الأعماق في ترك تأثير إيجابي على المجتمع، سألتزم باستخدام مهاراتي ومعرفتي في التمريض لخدمة المجتمعات ذات الحاجة. سواء كان ذلك من خلال التطوع مع منظمات الإغاثة الدولية، أو توفير الرعاية الطبية الأساسية في القرى النائية، أو المشاركة في البعثات الطبية إلى المناطق المحرومة مثل تلك الموجودة في قارة أفريقيا، أو المساهمة في مبادرات الرعاية الصحية للسكان المضطهدين والأقليات مثل حالة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فإن هدفي الأسمى سيظل أن أكون حافزًا للتغيير وسببًا في الشفاء حيث تشتد الحاجة إليهم. وأطمح من خلال تكريس وقتي وجهدي للعمل الإنساني في أن أجسد مبادئ التعاطف والرحمة والمسؤولية الاجتماعية، تاركة إرثًا خالدًا من التعاطف والرعاية في حيوات وذكريات أولئك الذين قد أتشرف بخدمتهم.
الحياة في سلطنة عُمان تجربة متناغمة وجميلة بالنسبة لي، وجدت فيها نفسي محاطة بأشخاص ودودين ولطفاء وهو ما وفر لي المناخ الداعم المُرحب بالعمل باخلاص وإبداع، حيث تُصنع ذكريات تدوم مدى الحياة. وبينما أسترجع الوقت الذي قضيته هنا، أشعر بالامتنان الشديد للتجارب والدروس والصداقات التي لا تعد ولا تحصى والتي أثرت في حياتي وشكلت وجهة نظري بطرق لم أكن أتخيلها أبدًا.. حقًا، كانت الدراسة في سلطنة عُمان مرحلة لا تُنسى في رحلتي الأكاديمية والشخصية ، وإن شاء الله سأنتهز أي فرصة للعودة إلى هذا البلد الجميل مجددًا، والانخراط مرة أخرى في ثقافته الآسرة ومناظره الطبيعية الخلابة التي تحبس الأنفاس وتسر الناظرين.
About the Author