X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

"الحكاية وما فيها: السرد (مبادئ وأسرار وتمارين)"

06 May, 2024 |
  • إعداد: د/ سناء بنت طاهر الجمالية، أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية وآدابها، بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية 

 

  • تعريف الكاتب:

    
    محمد عبد النبي، روائي ومترجم مصري من مواليد (1977)، صدرت له مجموعة قصصية وروايات عدة، منها:
•    رواية "في غرفة العنكبوت"، التي ترجمت إلى اللغة الفرنسية والإنجليزية، وحازت على جائزة الأدب العربي من معهد العالم العربي في باريس عام (2019).
•    رواية "رجوع الشيخ".
•    رواية "شبح أنطون تشيخوف".
•    مجموعة قصصية: "كما يذهب السيل بقرية نائمة".
•    مؤسِّس لورشة: "الحكاية وما فيها" للكتابة الإبداعية، المهتمة بتعليم وتطوير مهارات الكتابة الأدبية.
•    

  •    أهمية الكتاب:

تكمن أهمية الكتاب، الذي صدر في عام (2016)، ثم صدرت منه بعد ذلك طبعة جديدة مزيدة في عام (2023)، في تركيزه على المفاهيم الأساسية في الكتابة، وعلى التمارين الموجودة فيه، التي تفيد الكاتب المبتدئ إذا ما طبقها. 

  •    أهمية ورش الكتابة:

يذكر المؤلِّف في الكتاب أنَّ ورش الكتابة مهمّة للكُتّاب المبتدئين؛ لأنَّها تضعهم في أول طريق احتراف الكتابة، لكنّها طريق غير كافية إذا لم توجد عند مَن يدَّعي أنَّه كاتب موهبة حقيقية وأصيلة؛ فيجب أنْ توجد لدى مَن يمارس الكتابة موهبة تساعد الورشُ على صقلها.

  •    أهمية القراءة في حياة الكاتب:

يوضِّح المؤلِّف -محمد عبد النبي- أنَّ الكاتب ما هو إلّا قارئ نهم أساسًا؛ قراءاته المبكّرة والكثيرة هي التي ساعدته في اكتشاف موهبته في الكتابة وأسهمت في تشكيلها؛ فقراءات الكاتب تعدّ اللبنة الأساسيّة التي تمكّن الكاتب من البناء على أساسها في كتاباته.

  •    الكتابة وظيفة:

يذكر المؤلف، في هذا المجال، أنَّ الكاتب المبتدئ لا بدَّ أنْ يدرك أنَّ الكتابة ما هي إلّا وظيفة، يجب عليه أنْ يكون ملتزمًا تجاهها، فيفضَّل أنْ يمارسها بشكل ملتزم في توقيت محدَّد كلَّ يومٍ؛ لتطوير إنتاجه وتحسينه، وإلَّا فإنَّ كتاباته لن تتطوَّر ولن تؤتي أُكُلها إذا لم يمارسها بانتظام يتَّسم بالجدية.

  •    الكتابة بطريقة التداعي: 

ينصح المؤلِّفُ الكُتَّابَ المبتدئين، أنْ يلزموا أنفسهم بالجلوس إلى مكاتبهم في توقيت محدَّد كلَّ يومٍ للكتابة، حتى وإنْ لم يعرفوا عمَّا يمكنهم الكتابة، وأنْ ينطلقوا في تدوين أيِّ فكرة تخطر بذهنهم دون تخطيط لها، أيْ أنْ يقوموا بتدوين أفكارهم بشكل متداعٍ كلَّ يومٍ لمدة معينة؛ وعندما يشعرون أنَّ تدفُّق كتابتهم في ذلك التوقيت قد توقَّف لذلك اليوم، عليهم أنْ يتوقّفوا عن الكتابة وأنْ يتركوا تلك الأفكار كما هي، ليعودوا إليها في اليوم التالي لتطويرها بأسلوب لا يخلو من التداعي الحر، أيضًا، وبعد الانتهاء من جزء معين من تلك الكتابة يقوم الكاتب بالربط بين تلك الأفكار المتداعية بأسلوب فنّي مكوّنًا بذلك جزءًا أو مقطعًا من النص.

  •    أهميّة وجود دفتر ملاحظات صغير وقلم مع الكاتب دائمًا:

يؤكِّد المؤلِّف على ضرورة وجود دفتر صغير وقلم مع الكُتَّاب دائمًا أينما وجدوا، لتدوين أيِّ فكرةٍ تخطُر في ذهنهم في أيِّ مكان يكونون فيه، نتيجة ملاحظة معينة رأوها في ذلك المكان؛ لأنَّ هذه الملاحظات قد تفيدهم في كتاباتهم مستقبلًا.
    

  •    الإلهام:

يبيِّن الكاتب، أنَّ الكتابة الأدبية يوجد فيها دور كبير لما يُعرف بين الناس والأدباء أنفسهم بالإلهام، لكنَّه ليس أساسيًّا، لأنّه قد لا يتأتّى إلّا من حين لآخر، لذا يفضّل ألّا يعتمد الأديب عليه؛ ومن هنا تأتي أهميّة التعامل مع الكتابة بالتزامٍ وظيفي، أيْ أنْ يُجبر الكاتب نفسه على الكتابة بدلًا من انتظار الإلهام أنْ يأتيه؛ فقد يطول انتظاره.

  •     الناقد الموجود داخل الكاتب:

داخل كلِّ كاتب -كما يقول محمد عبد النبي- يكمن ناقد، ينقد ما يكتبه هو نفسه، وهذا قد يتسبَّب في عدم اقتناع الكاتب بما يكتبه فيتوقّف عن كتابته أو يتأخّر في إنجاز ما يكتبه؛ لذا يفضّل ألّا يصغي الكاتب لصوت الناقد الكامن داخله في بداية كتابته وأثناء عملية الكتابة؛ لكن بعد الانتهاء من الكتابة بمدة يستحسن أنْ يعود الكاتب إلى قراءة ما أنجزه، لكن يجب أنْ يقوم بذلك بعين الناقد.

  •    أهمية التأمّل بالنسبة للكاتب:

يدعو المؤلِّف الكُتّابَ المبتدئين إلى تأمُّل محيطهم الواقعي من النّواحي جميعها، وكذلك إلى تأمّل حياتهم والأحداث المعيشة في بيئتهم؛ لأنَّ ذلك هو المصدر الأول بالنسبة للكتّاب في استقاء أفكارهم منه لتصويرها في أعمالهم الأدبية. 

  •    اعتماد الكاتب على خبرته وميوله النفسية فيما يكتب:

ونتيجة لما ذكر في النقطة السابقة، يفضّل للكاتب الروائي أنْ يعتمد في كتابته على خبرته الشخصية في الحياة، إضافةً إلى تطرّقه للمواضيع التي يميل نفسيًّا إلى تناولها بالمناقشة؛ لأنَّ ذلك يضفي مسحة صدق في لهجة الكاتب تقنع قارئه بمصداقية وجهة نظره في قضية ما.

  •    الأوهام التي تحيط بشخص الكاتب:

يجب ألَّا يقع الكاتب المبتدئ في فخ تصديق الأوهام المنتشرة عن أسلوب حياة الكُتّاب فيقوم بتقليدها، من مثل تصديقه أنَّ الكاتب كائن فوضوي لا يوجد أيُّ نظام في حياته، وأنَّ الكاتب الناجح يجب أنْ يكون منضمًّا إلى جماعة تدفعه إلى الأمام وتقوّي من مركزه الأدبي لنيل الجوائز الأدبية؛ فهذه الأفكار عن الكُتّاب الروائيين تُعدّ مغلوطة. فالروائي المحترف يجب أنْ يكون منظَّمًا في أسلوب حياته، ليتمكّن من الإنتاج المنظَّم، وهو يعتمد على مجهوده الخاص في الصعود إلى أعلى السُّلَّم الأدبي ليثبت أصالة موهبته دون الاعتماد على أحد.

  •     لكلِّ كاتبٍ طقوسٌ خاصةٌ في الكتابة:  

تعدّ هذه الفكرة صحيحة إلى حدٍّ كبير، فأغلب الكُتّاب يفضّلون ممارسة الكتابة في أوقات وأماكن محدَّدة بعد التحضير لذلك بشكل يشجعهم على الكتابة، كإعداد القهوة لأنفسهم وتناولها أثناء الكتابة، أو كالاستماع إلى موسيقى معينة ... إلخ. وطالما تساعد هذه الطقوس الخاصة الكاتب في تركيزه على عمله، فلا ضير من ممارستها. 

  •    أهمية أن يوجد لكلِّ كاتبٍ قدوةٌ من الكتّاب الكبار:

يفضَّل في بداية مشوار الكاتب في الكتابة، أنْ يتَّخذ كاتبًا كبيرًا يحب أسلوب كتابته قدوةً له في الكتابة، فيقلّده لمدة معينة إلى أنْ يكتشف صوته/ أسلوبه الخاص في الكتابة، حينها يقلع للتعبير بأسلوبه دون الاستناد على كاتب آخر؛ الهدف من ذلك هو تمكين الكاتب المبتدئ من الكتابة بشكل جيد عن طريق محاكاته لأسلوب بعض الكُتّاب الكبار الذين يحب القراءة لهم.

  •    الكتابة تساعد الكاتب على مواجهة ذاته (التحرّر):

يُعرَف عن الكتابة أنّها تساعد الإنسان على التحرر من الذاكرة والضغوطات النفسية، فيعبِّر بحرية وصدق عن أفكاره ومشاعره وخبرته المستقاة من الحياة، لذا يضرب الكثير من الكُتّاب المبتدئين عن الكتابة لمدة طويلة، وربما يتوقّف بعضهم عن الاستمرار في الكتابة؛ خوفًا من مواجهة ما يفكّر أو يشعر به فيعبّر عنه، ولا سيَّما إذا كان تعبيره عن رأيه أو وجهة نظره في موضوع ما قد يؤخذ عليه. لذا يوضِّح المؤلِّف، أنَّ على الكاتب ألّا يخاف من التعبير بحرية عن أفكاره ومشاعره تجاه الحياة وتجاربها، فذلك يُكسب الكاتب المبتدئ مصداقية كبيرة عند قرائه كما يحرّره من أيّ قيود اجتماعية أو ثقافية.

  •    أهمية وجود ثيمة واضحة لدى الكاتب لتكون محورَ مناقشته:

تعرَّف "الثيمة" أنَّها الفكرة أو الموضوعة أو المغزى المتناول بالمناقشة في النص الروائي كما يقول نورثروب فراي في كتابه: "تشريح النقد"، فقد يكتب الكاتب النص و"الثيمة" متمثّلة بوضوح في ذهنه، وتتطوّر بأسلوب متسلسل؛ وفي بعض الأحيان قد يبدأ بالكتابة دون وجود "ثيمة" لديه، وهذا -أيضًا- يجوز؛ لأنَّ الكاتب لا يلبث أنْ يكتشف "الثيمة" التي يتضمّنها نصه الروائي من خلال أسلوب تطوّر ذلك النص.

  •     عناصر السرد الفنية (الحكاية):
  •    مفهوم السرد: حكاية تحكى، ترتّب أحداثها بطريقة معينة (من وجهة نظر الكاتب أو الراوي)، ويجب أنْ يكون بعيدًا عن الدعاية المباشرة لأيِّ قضية أو فكرة، ويفضّل استخدام الكاتب فيه أسلوب التجسيد والتشخيص أكثر من أسلوب الإخبار الوصفي فحسب.
  •     الشخصية: هي أساس النص الروائي، فهي نقطة يلتقي عندها الكاتب والقارئ؛ توضّح عمن تحكي الحكاية، لذا يجب أنْ تؤنسن فلا تعامل أنها كائن ورقي فحسب؛ لأنَّها تصوّر أناسًا يشبهوننا، فالكاتب استمدّ وجودها من الواقع المحيط به، وربما تعكس بعض جوانب حياة الكاتب؛ ولأنَّها مستقاة من الواقع هذا لا يعني أنّه لا يمكن أن يضفي عليها الخيال، لأنَّ الخيال لا ينافي الواقع، بل يعني إمكانية تصوير ما لم يحدث في الواقع مع إمكانية حدوثه فهو موازٍ للواقع ويعيد تشكيله وَفقًا لرؤيته، و"الثيمة" المعبَّر عنها في الرواية. ويفضّل أنْ توحي الشخصية السردية بواقعها وطبيعة تكوينها، وأنْ يمنح الكاتب اسمًا لها؛ لأنَّ من خلال تسميتها يكمن تعريفها، إلى جانب وصفها من الجوانب الآتية، بما يتوافق مع المجتمع الذي تنبع منه ومع الدور الذي تؤديه، وهي:

أ-البعد المادي: أي البدني/ المظهر.
ب-البعد النفسي والثقافي والاجتماعي. 
وأنْ يكون وصف الكاتب للشخصية من هذه الجوانب وصفًا مقنعًا متماسكًا؛ مركِّزًا بذلك على بؤرة معينة فيها من الناحية الثقافية أو النفسية مثلًا، ليميّزها عن بقية الشخصيات وليبرزها في الدور الذي تؤدّيه. وتُقسَّم الشخصيات السردية إلى: محورية/ رئيسة، وثانوية، وهامشية؛ وَفق الدور الذي تؤديه في النص، ويمكن للمحورية والثانوية أنْ تكونا ضمن مجموعة الشخصيات: النامية أو الثابتة، وَفقَ الظروف التي تصادفها. وأفضل طريقة لوصف الشخصية وفهم الفكرة التي تعبّر عنها من خلال أفعالها وحوارها مع نفسها أو الآخرين.

  •    الحُبكة: يجب أنْ تثير فضول القارئ وألّا تكون تقليدية (بداية ووسط ونهاية)، ويجب أن تحتوي على إجابة هذين السؤالين وهما: لماذا حدث ما حدث؟ وكيف حدث؟ والحُبكة، وهي ذروة الأحداث في الرواية مرتبطة جدًا بالشخصية/ الشخصيات الموجودة في النص الروائي؛ لأنَّها تفسِّر الطبيعة النفسية للشخصية/ الشخصيات الموجودة؛ لذا يفضّل أنْ تكون شخصيات الرواية واضحة في ذهن الكاتب قبل الكتابة بشكل كبير. والحُبكة تتضمّن تصوير وضع الشخصية والأزمة، مع إيجادها لحلول الأزمة/ الصراع؛ لذلك فهي تحتوي على بداية/ تمهيد لتصل إلى ذروتها إلى أنْ تصوِّر نهاية الصراع.
  •    الحوار: وهو يهدف إلى توضيح الشخصية نفسيًّا وفكريًّا، ويسهم في تطوير الحدث والحُبكة، ويخفف من حدة السرد والوصف، لذا يجب ألّا يكون فيه أيُّ ثرثرة لا وظيفة لها، وأن يتّسم بالوضوح، وليكون مقنعًا وواقعيًّا يفضَّل أنْ يكون بلغة وسطى أي بالعامية الفصيحة التي تناسب مستوى الشخصية، كما يكتب كتّاب اليوم.
  •    الوصف والمشهد: الهدف من الوصف هو نقل خبرة حسيّة أو معنويّة (مرتبطة بمشاعر الشخصية)؛ ولكي يكون وصفًا جيدًا يفضّل ألّا يبالغ الكاتب في استخدام الأساليب البلاغية، وألّا يستخدمها بطريقة تقليدية، ويفضّل الإيجاز في الوصف. ويُنصح أنْ يكون الوصف من خلال عين الراوي أو إحدى الشخصيات في الرواية. أمّا فيما يتعلَّق بالمشهد الذي يتوقَّف فيه الزمن في الرواية، فهو مرتبط بشكل وثيق بالوصف، لاحتوائه على ما يوصف، مثل: البيئة الجغرافية والتاريخية (المكان والزمان)، وما يقع فيهما من أحداث من قبل الشخصيات.
  •    العتبة/ العتبات في الرواية: بمعنى باب أو أبواب النص الروائي التي يجتازها القارئ، وهي: عنوان النص الأدبي الرئيس، وعناوين الفصول، والجملة الافتتاحية التي يُفتتح بها النص، لذا يجب أنْ تُنتقى بحذر وبفنية عالية، وأنْ توحي بمضمون النص؛ لأنَّها هي التي تشجِّع القارئ على إكمال قراءة النص أو الانصراف عنه، وجملة النهاية/ النهاية، وهي التي يُتوقع أنْ تحتوي على خاتمة واضحة ومرضية نفسيًّا للقارئ.
  •    كيفية مواجهة الكاتب للحُبْسة: عندما لا يستطيع الكاتب أنْ يبدأ بالكتابة، أو عندما يتوقَّف في منتصف كتابته للنص، فيجب أنْ يقوم بالخطوات الآتية: 

أ‌-    ألّا يتسرّع بالبدء في كتابة نص إلّا بعد تأكّده من نُضج الفكرة بذهنه.
ب‌-    مقاومة إحساس الرغبة بالتوقّف لديه عن طريق التمرن على الكتابة في كلِّ يوم.
ج- قتل الناقد داخله.

  •    مرحلة تحرير العمل: بمعنى تصحيح النص الروائي بشكل دقيق قبل دفعه لدار النشر؛ فلا بدَّ للكاتب بعد انتهائه من كتابة الرواية من الابتعاد عن النص لبعض الوقت، ثمَّ العودة إليه لقراءته قراءةً ناقدةً متمعِّنة دقيقة، فيصحِّح اللغة، ويسدُّ الثغرات غير المتماسكة فنيًّا في هيكل الرواية، ويحذف كلَّ الأجزاء التي يشعر أنَّ فيها نوعًا من الإسهاب دون داعٍ أو تكرار؛ ثم بعد ذلك يطلب من محرّر يثق بعمله أنْ يقرأ نصَّه الروائي لتحريره (تصحيحه)، وبعد أنْ ينتهي المحرِّر يجب أنْ يعود الكاتب إلى قراءته مرة أخرى، ليتأكَّد من نضج نص الرواية.

About the Author

حسن اللواتي

حسن اللواتي

رئيس قسم الإعلام