حاورته: شهد بنت عبد الله المعمرية
"ليس للمرء إلا حياة واحدة، وإن لم يجرّب فيها سيخسر كثيرًا من جمالها المختبئ خلف الستائر التي بحاجةٍ لتحريكٍ بسيط".
نحاور اليوم أحد الفائزين بالمركز الأول في مبادرة صُنَّاع الأفكار، ومثَّل عمان في برنامج تمكين الشباب العربي في الرياض، وشارك في برنامج السفراء الشباب الذي نظمته وزارة الرياضة والثقافة والشباب بالتعاون مع وزارة الخارجية والأمم المتحدة، هو جاسم بن سالم بني عرابة، طالب بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية يدرس في جامعة السلطان قابوس بتخصص العلوم السياسية في سنته الأخيرة فماذا يقول إلى تفاصيل الحوار..
عن مواهب جاسم يقول: لدي عدد من المواهب منها كتابة الشعر الفصيح، وقد شاركت في عدة مسابقات محلية، وفزت بالمركز الثالث على مستوى محافظة شمال الشرقية في الشعر الفصيح في مسابقة "إبداعات شبابية" المعروفة بـ "إبداعات ثقافية" حاليًّا. ونُشرت لي بعض المقالات منها "هوياتي أيضا!.. دفاعا عن الهوية العربية" في صحيفة المثقف الأسترالية، ومقال "علي المزروعي البروفيسور المنسي في عمان"، في صحيفة شؤون عمانية، في جزئين، حول المفكر العالمي من أصول عمانية البروفيسور علي المزروعي.
شارك جاسم مؤخرًا في مبادرة "صنَّاع الأفكار" التي نظمتها الأمانة العامة لمجلس الوزراء ضمن ملتقى (معًا نتقدم)، وفاز مع مجموعة من طلبة وخريجي الجامعة بالمركز الأول في محور "التواصل بين الحكومة والمجتمع".
وذكر جاسم عن مشاركته فيها أنه عَلِم عنها من منصات التواصل الاجتماعي وعقد نية المشاركة، عدا أنّه لم يجد الأشخاص المناسبين لضمّهم في مجموعته بادئ الأمر، إلى أن تواصل معه أحد المشاركين وأبلغه برغبتهم في جمع فردٍ من كل تخصص تتطلبه الفكرة، ووقع عليه الاختيار من تخصص العلوم السياسية، بجانب ثلاثة أفراد من تخصص الإعلام، وفردٍ من تخصص علم الاجتماع، وآخر من تخصص التربية.
وأردف في أثناء حديثه شرحًا لفكرة المسابقة التي شاركوا فيها أنها قائمة على بناء دائرة لقياس واستطلاع الرأي العام، وهي تابعة لوحدة دعم اتخاذ القرار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وتهدف إلى إطلاع العامة على المجريات المُتَّخذة، ومساعدة المسؤولين في معرفة توجهات المجتمع فيما يتعلق بالوزارات الخَدَمية بشكلٍ خاص، وقد استطاعوا من خلال هذا التنوع في الفريق الحصول على المركز الأول عن محور "أدوات التواصل بين الحكومة والمجتمع"، من أصل محوَرين الآخر منهما هو "تعزيز الهوية الوطنية والانتماء"
وفي إجابته عمَّا إذا كانوا يتوقعون الفوز على ما يقارب ٤٢٠٠ فكرة مشارِكة، قال إنّهم جميعًا كانوا يملكون الثقة في رصانة ومتانة فكرتهم منذ البداية؛ إذ أنّهم كانوا مراعين لأدق التفاصيل بما يتوافق ومتطلبات الأمانة العامة لمجلس الوزراء، والخطط الوطنية التي تسير عليها الحكومة، وعلى الرغم من هذه الثقة التي وصفَها بـ"الكارثية" في كثيرٍ من الأحيان، إلا أنَّهم كانوا متشوقين للحظة الإعلان والتأكد من الفوز.
وأشار إلى أن عوامل الفوز كثيرة وقد قسَّمها إلى عوامل جماعية وعوامل فردية، فالجماعية تتمثل في أن اختيار أعضاء الفريق لم يكن عشوائيًا، بل دقيقًا؛ إذ أنَّ تنوع خلفياتهم الثقافية والعلمية صنع تناغمًا بين الأعضاء فَسدّ كلٌّ منهم ثغرًا يتطلبه الفوز.
وأما العوامل الفردية فتنقسم إلى عوامل تسبق المسابقة منها: القراءة والاطلاع في مجالات متعددة بقدر الإمكان، ومحاولة البقاء على خط تماسٍ مع الواقع وعدم الانفصال عن مجرياته، بالإضافة إلى متابعة التحليل النقدي لكثيرٍ من القضايا الواقعية التي تتعلق بالسياسات العامة وما تتطلبه من تطويرٍ وتعديل.
وعوامل أخرى ساهمت خلال وقت المسابقة نفسه ويُمكن تلخيصها في كونه شخصًا عمليًا ينظر إلى مختلف الجوانب التي يمكنها المساهمة في إنجاح المشروع، إضافةً لاهتمامه بالتفاصيل، ومحاولة ملاءمتها مع ما يتطلبه كلٌّ من المشروع، والجوانب التطويرية في السياسات العامة.
وفي حديثه عن الصعوبات التي تواجهه في مثل هذه المشاركات أشار إلى أنها مختلفة باختلاف ظروف المسابقة نفسها، فعلى سبيل المثال، في برنامج السفراء الشباب، كانت الصعوبة تتمثل في قلة الوقت والتفاوض، أما في صناع الأفكار كانت متمثلةً في بناء مشروعٍ واقعي متناسبٍ مع الاحتياجات المطلوبة بشكلٍ عام.
أما على المستوى الشخصي، فالصعوبة "الممتعة" حسب ما وصف هذه المفارقة العجيبة، فهي متعلقة بالتعرف على شيء جديد لم يكن قد اطلعَ عليه سابقًا، ومحاولة موافقة هذا مع الوقت المتاح، إضافة إلى التنسيق بين وقت المشاركة وأوقات الأعمال الأخرى مثل الدراسة، وغيرها.
وذكر بأنه لم يواجه صعوبةً كبيرة في الأساس فيما يتعلق بالتوفيق بين الدراسة والمشاركة في هذه المسابقة، بل على العكس، فقد استفاد من الدراسة خلال المسابقة، واستفاد من المسابقة في دراسته كذلك.
وتحدَّث كذلك عن رغبته بالمشاركة في مزيدٍ من المسابقات والتحديات، واصفًا الحياة بأنها مليئة بالتجارب التي تستحق أن تُعاش، ويخطط لذلك عن طريق بحثه المستمر عن فرصٍ تناسبه، ويستطيع استغلالها لصالح تحقيق أهدافه المستقبلية.
واختتم الحديث بنصيحةٍ موجهةٍ للشباب الراغب في تحقيق ذاته، بأن يجرّبوا حتى يعثروا على ما يساعدهم في ذلك، فبالتجربة سيتضح لهم ما يتناسب مع طموحهم وما قد لا يتناسب، ويرى بأن حرمان الذات من التجربة خسارةٌ كبيرة؛ لأنه "ليس للمرء إلا حياة واحدة، وإن لم يجرّب فيها سيخسر كثيرًا من جمالها المختبئ خلف الستائر التي بحاجةٍ لتحريكٍ بسيط".