التوازن بين الدراسة والعبادة: كيف يعيش الطلبة روحانيات رمضان؟
- استطلاع: أصيلة بنت أحمد المعولية
شهر رمضان، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر العتق والغفران، شهر الصدقات والإحسان، شهرٌ تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، وتقال فيه العثرات، شهرٌ تجاب فيه الدعوات، وترفع فيه الدرجات، وتغفر فيه السيئات، وكما يسعى المؤمنون في شهر رمضان لترتيب وقتهم واستغلال كل لحظة بطاعة الله، ينبغي للطلبة أيضًا أن يعتنوا بتنظيم وقتهم والاستفادة القصوى من ساعات الدراسة لتحقيق أهدافهم الأكاديمية، إنّ الاجتهاد في الدراسة خلال هذا الشهر المبارك ليس فقط من واجباتنا العلمية، بل هو أيضًا جزء من عبادتنا وطاعتنا لله، حيث يعد الاجتهاد في العلم والتعلم وسيلة لنا لنتقرب من الله ونحقق التقوى والتطهير لأنفسنا.
تحدثنا رؤى الجبورية، طالبة في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، تخصص الجغرافيا: أن الروحانيات الرمضانية تضفي خلال هذا الشهر المبارك بعدًا روحانيًا على تجربة الدراسة، وهذا الجو الروحي يعزز التفاهم والتعاطف بين الطلاب؛ مما يجعلهم يشعرون بالتقارب والتضامن في مواجهة التحديات المشتركة خلال شهر رمضان. ولذا، يمكن أن يؤدي هذا الشعور بالتواصل والترابط إلى تحسين الأداء الأكاديمي ورفع مستوى الرضا الشخصي لدى الطلاب. حيث أشعر بزيادة في الروحانية، والتأمل خلال هذا الشهر، وبالارتياح النفسي والروحي بفضل الصيام والعبادة مما ينعكس إيجابًا على مستوى التفاؤل والإيجابية خلال فترة الدراسة. إلى جانب ذلك، تعد فترة الإفطار والسحور مهمة في تعزيز التواصل الاجتماعي والترابط بيني وبين زملاء الدراسة من خلال التجمع وتناول الوجبات وسط أجواء مليئة بالألفة والتعاون.
ولكن في الجانب الآخر كان للأجواء الرمضانية تأثيرًا كبيرًا في الدراسة بما في ذلك الروتين اليومي، ومدى الالتزام والتوازن بين الصيام والعبادة، والتغيرات في نمط الحياة. فبدأ يقل لدي التركيز والانتباه تدريجيًا نتيجة للجوع والعطش. وأيضًا الصعوبة في ضبط جدول زمني لمواكبة الصيام وأوقات الصلاة، إذ نحتاج إلى تنسيق البرنامج اليومي باتقان لضمان الحفاظ على الصحة والعافية وتحقيق النجاح الأكاديمي في الوقت نفسه.
يشاركنا الأيهم الرحبي، طالب بكلية الهندسة تجربته قائلاً: تقسيم الوقت في رمضان مختلفٌ نوعًا ما عن باقي الأيام ويتكلل بشيءٍ من الصعوبة حقيقةً، حيث أن الموازين فيه مختلفة، وكذلك الأوقات، ولكن في مجمله تكون الفترة الصباحية للمحاضرات وغيرها من الأعمال الأخرى داخل الجامعة، ومن بعدها تأخذ الدراسة النصيب الأكبر من الوقت، وبحكم أنها فترة اختبارات غالبًا أبدأ المذاكرة بعد صلاة التراويح إلى الساعة الواحدة تقريبا؛ فدرجة التركيز في هذا الوقت تكون في أعلى مستوياتها.
ويذكر محمود البندري، طالب تسويق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن أبرز تحدي يكمن في كيفية التوفيق بين وقت العبادات والطاعات، وبينَ الموازنة في الدراسة والأنشطة الطلابية المختلفة التي تساعد في تعزيز الثقة بالنفس، وتحفيز الإبداع والابتكار، وتطوير المهارات القيادية، وهذا تحدٍ صعب، ولكن له شعور خاص، فهو يُشعرنا بلذّة الإنجاز والتحدي في هذا الشهر الفضيل.
وتقول نور اليحمدية، طالبة تربية علوم ورياضيات: إنَّ تقسيم الوقت وإيجاد وقت لكل شيء هو التحدي الأكبر، ورأيت الحل الأفضل لذلك هو النوم مبكرًا ثم الاستيقاظ قبل الفجر بساعة أو ساعتين؛ بحيث أمنح العبادة حقها، ومن ثم أبدأ يومي الدراسي بالمراجعة والتحضير والاستعداد للمحاضرات، بعدها آخذ قسطًا من الراحة في فترة الظهر، وأستيقظ عند العصر لاستكمال يومي. أمّا التحدي الآخر فهو القدرة على التركيز، فقد وجدت أنَّ شرب القليل من القهوة قبل الفجر أو عند المغرب يعدُّ كافيًا لاستعادة تركيزي لوقت أطول، مع الحفاظ على جدول نوم ثابت.
وتعبر مارية الفليتية، طالبة بكلية التمريض، عن أجمل لحظات رمضان فتقول: في رمضان نجتمع لنفطر سويًا مع صديقات الدراسة في لحظات تتلألأ بالفرح والترابط، ونتبادل الضحكات، وشرح المقررات الدراسية لنخفف عن بعضنا الضغوطات الدراسية، ونشعر بروح الإيثار والتكاتف فيما بيننا.
وفي الختام، ينبغي علينا تقسيم الوقت بحكمة للدراسة وتحصيل العلم، مع الاهتمام بأداء العبادات والطاعات من خلال تنظيم الجدول الدراسي بذكاء، وتحديد أهم الأولويات لكل يوم على حدة، وبذلك يمكننا تحقيق التوازن بين الجانبين بكفاءة وسلاسة، وهذا يعيننا على الاستفادة القصوى من فضل هذا الشهر المبارك.
About the Author