X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

لماذا التزايد المستمر في حالات الطلاق!

31 Dec, 2023 |

 

  • تحقيق- إيمان بنت سيف الراشديّة

 

لم يكن حديثا عابرا! عندما أخبرتني صديقتي عن قصة طلاق أثارت في داخلي الرغبة في الاستطلاع والبحث حول هذا الموضوع. فكيف لأسرة متآلفة مترابطة مثل تلك الأسرة تتفكك ويتشتت أبناؤها؟ وما الأسباب وراء حالات الطّلاق التي تتزايد في عصرنا هذا؟ وهل تفتقر مجتمعاتنا للوعي في موضوع الزواج؟

 

  • ماذا تقول الاحصائيات

1

يتبين لنا من خلال الاحصائيات التي نشرها المركز الوطني للإحصاء أنّ حالات الطّلاق ارتفعت في عامي 2021 و2022 مقارنة بعام 2020 بنسبة 8%.

 

  • أسباب وعوامل

ذكر الدكتور عبد الرحمن الخروصي -دكتور بكلية الحقوق في جامعة السلطان قابوس- أنّ للطّلاق أسباب اجتماعيّة واقتصاديّة ومعرفيّة. وفي حديثه عن الجانب المعرفي قال إنّ من الأوامر الشرعيّة اختيار الزوجة وأحيانا سوء اختيار الزوجين يكون سببًا رئيسًا للطلاق. وأضاف أنّ من أسباب تعثر العلاقة وفشل الزواج هو جهل الطرفين أو أحدهما بالحقوق والواجبات المتبادلة.

كذلك ذكر الدكتور محمد سعيد المجاهد – دكتور بقسم العلوم الإسلامية بكلية التربية في جامعة السلطان قابوس- أنّ الله تعالى شرع لعباده الزواج وجعله آية من آيات قدرته وبديع حكمته، فعندما تأوي المرأة إلى رجل غريب ويصبح هذا الرجل أقرب النّاس إليها وأُنسها وفي هذه كشف الله عزّ وجل أسباب سعادة المرء وهي السكن والمودّة والرّحمة؛ فإذا عاش المرء مع زوجته في سكينة وسعادة أينعت في حياته بساتينا وزهورا وطمأنينة ووئام، ولكن تأتي المشكلة إذا وسوست الشياطين لأحد الزوجين فحرفته إما فكريا أو سلوكيا فقد أغلقت باب السعادة وحلّ محلّها البغضاء والشقاق. والطلاق ارتفعت نسبه في هذا العصر بطريقة تخرجه عن مشروعيته وهو مشروع لا شك كما ذكر الله في كتابه، ولكن النسب العالية جعلته ينحرف عن مشروعيته وله أسباب عديدة:

 فمن أهم وأخطر الأسباب هو تأثر المرأة بالصحبة السيئة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي لنساء أو مطلّقات فيتم تيسير الفرقة على المرأة وجرّها للتحرر من سلطة الزوج. كذلك من أحد الأسباب شك أحد الزوجين في الآخر؛ فعلى سبيل المثال عندما تخرج المرأة أو يخرج الرجل للعمل، فقد يخرج أحدهما مع الجنس الآخر من حدود الزمالة من خلال التعامل مثل المحادثات الجانبية وهذا ما يثير الشكوك في أحدهما.

أما الدكتور سيف المعمري -دكتور بكلية الحقوق في جامعة السلطان قابوس- عند حديثه عن أسباب الطلاق قال إنّ أحد أسبابه تكون بسبب الوعي الثقافي بالزواج والهدف منه والغاية من تكوين أسرة، وفي النظرة المبدئية قد نُخدع ونتصور بأنّه موجود، ولكن الحقيقة من خلال رؤية حالات الطلاق يتبيّن أنّ أساس بعض المشاكل الزوجية التي لا تحتاج للطلاق أساسها هو الوعي الثقافي بمسألة الزواج. وأضاف المعمري أنّ من الأسباب كذلك هو عدم فهم الشخصية الأخرى وهو فهم الذكر لطبيعة الأنثى وفهم الأنثى لطبيعة الذكر؛ لأنّ الله تعالى ميّز بين طبيعة الجنسين وهذا الاختلاف تكاملي.

أيضا يذكر المحامي أحمد العرفي أنّ أحد أهم أسباب الطلاق هو عدم الانسجام بين الزوجين بسبب اختلاف الثقافات ويحدث الطّلاق في فترة زمنية قصيرة ليس مثلما كان الوضع في الماضي فقد كانت المرأة تصبر وتتنازل عن بعض الحقوق وسبب ذلك عدم معرفتها بحقوقها ربما، وفي المقابل نجد أن الرجل في الماضي يصبر كثيرًا، فلا يلجأ لتطليق الزوجة والتفريط بها بسهولة، أما الآن فأغلب حالات الطلاق في هذا السياق يأتي بسبب عدم صبر الرجل، على الرغم من وجود طرق كثيرة لحل الخلاف أو المشكلة. ويضيف قائلا إنّ أحد أسباب الطلاق هو عدم الحوار وهذا السبب يؤدي لتفاقم المشكلة وبذلك يؤدي للطّلاق.

ويقول الدكتور سيف الهادي -دكتور بقسم العلوم الإسلامية بكلية التربية في جامعة السلطان قابوس- أنّ الطّلاق تشريعٌ مكروهٌ واستدل بقوله حديث النّبي صلى الله عليه وسلم: (أبغض الحلال عند الله الطلاق) وله عدة أسباب:

أ. إهمال الوالدين في تثقيف أبنائهم عن الزواج ولا بد للابن أن يحصل على المعلومات الكافية من أبويه ويعلم أنّ الزواج مؤسسة مقدسة قائمة على احترام بين الطرفين وأنّ الزوجة التي ستنتقل إليه كيان له شعور وإحساس.

ب. أصبحت العلاقة بين الأزواج الآن في هذا العصر المتأخر علاقة ليست مخلصة قائمة على الإخلاص والود وإنّما هي علاقة قائمة على المصلحة المتبادلة بين الطرفين وإن تحققت المصلحة وُجدت المودة، ولكنها مودة زائفة.

 ويذكر الدكتور صالح بوشلاغم -دكتور بكلية الحقوق في جامعة السلطان قابوس- أنّ للطّلاق أسباب متعددة وتؤثر بنسب مختلفة والطّلاق مرتبط بالزواج والزواج قرار شخصي؛ أي أنّه لا يوجد معيار للنّاس ويمكن لشخص أن يتوافق مع شخص ولا يتوافق مع غيره. ومن أهم أسبابه: عدم الخبرة في الحياة؛ فمن الممكن أن يكون الجانب الأخلاقي والديني والمالي وغيرهم عند الشخص، ولكن ليس لديه خبرة في الحياة وهي أنّ الزوجين لا يعرفان طريقة التعامل مع الحياة الزوجية. وفي حالات قليلة يكون سبب الطلاق هو عدم الرضى بالزواج؛ أي أنّ أحد الطرفين لم يكن هذا الزواج قراره.

  • تكاليف الزواج والإعسار بالنفقة

يذكر الخروصي أنّ تكاليف الزواج تؤثر في الطلاق إيجابا وسلبا؛ فإذا تكبّل الزوج مصاريف كثيرة في الزواج قد يعيش في الدَّين وهذا الدَّين له عامل نفسي واقتصادي. ويؤكد هذا الرأي الدكتور بدر اليحمدي بقوله إنّ الرجل إذا أصبح مدينا بسبب تكاليف الزواج فلن يستطيع أن يوفر العيشة السعيدة لزوجته.

يذكر المجاهد أنّ الإعسار بالنفقة في هذا العصر قد يكون سببًا من أسباب الطلاق، ولا سيما عندما تحدث المقارنات وتبدأ الزوجة تقارن بين حياتها وحياة قريباتها.

بينما يقول بوشلاغم أنّ الجانب المادي وتكاليف الزواج تكون سببًا في الطلاق، ولكن بنسب ضئيلة؛ لأنّ الشخص العاقل لا يُضحّي بشخص بسبب المال، ولكن المشكلة في نمط وتربية الطرفين، مثل أن تكون الفتاة اعتادت أن تحصل على كل ما تريده وهي ليست على عقل وهذا خطأ تربوي.

  • ضحايا الطلاق

يقول الهادي أنّ الطلاق لا بد أن يؤثّر في الأبناء لأنّ المؤسسة الأسريّة تمثل للأبناء دفئا نفسيًا ودفئا فكريًا. فمن الجانب النفسي فإنّ الأبناء يشعرون بالراحة والرضى مع وجود الوالدين وهذا جانبٌ فطريٌ لا يمكن أن يتوفر مثله بغيابهم حتى وإن عاش مع أحد أقربائه فلن يسد الجانب النفسي عنده. أمّا الجانب الفكري فإنّ الأبناء يأخذون رؤيتهم للأشياء واستمدادهم الفكري والأخلاقي والديني من أبويهم، إضافةً إلى أنّ عند الأبوين همّة في أن تنغرس هذه القيم والأخلاق في أبنائهم. وفي حالة الطلاق كل هذا سيفقده الأبناء.

ويضيف العرفي أنّ معظم الأبناء يتأثرون سلبيا بعد الطلاق لأنّ لكل من الأب والأم دوره المختلف في تنشئة الأبناء؛ ففي الغالب تأتي العاطفة من المرآة، والحكمة من الرجل، وهكذا يكتنف الأبناء المودة والرحمة، ويحيطون بأم وأب كلن يكمل دور الآخر في التربية.

ويذكر بوشلاغم أنّ الأبناء هم أول متضرر من الطلاق. وأغلب الحالات يرى كل من الأب والأم أنّ كسب الأبناء هو انتصار فتحدث منافسة من يحصل على الحضانة، وقد يدخلون الأبناء في الخلاف بينهم وهذا يسبب ضرر آخر. وقد يحدث أنّ أحد الطرفين أو كلاهما يحرّض على الآخر، وقد يستخدم أحدهم الأبناء كوسيلة للتجسس على الآخر. إضافةً إلى أنّه في بعض الأحيان يتولد نوع من الانعزال عند الأبناء.

  • علاج الطلاق

يذكر المجاهد أنّ الأسرة والمجتمع قد يكون لهما دور إيجابي في معالجة الطلاق أو دور سلبي؛ فالأسرة الحصيفة ستنظر إلى موضوع الطلاق بنظرة عاقلة وأنّ المشكلة قد تحتاج إلى معالجة دون الوصول إلى الطلاق. أما إذا كانت الأم أو الأخت مثلا ليست ذات عقل ودين فقد تحرّض الزوجة.

ويضيف الدكتور بدر اليحمدي -دكتور بقسم اللغة العربية وآدابها في جامعة نزوى- في جانب دور المجتمع بأنّه يجب أن تتضافر جهوده ويكون هناك وعي كافٍ في عدم المبالغة في المهور والتيسير.

يذكر الخروصي أنّه من أجل التقليل من حالات الطلاق اختيار الشريك المناسب، بالإضافة إلى العلم بالحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين ضروري لسير الحياة بالطريقة الصحيحة.

ويقول المعمري إنّ لعلاج مشكلة الوعي مصادر متعددة مثل الشابكة، الناس المصلحة، الكتب، المحاضرات، الورش التدريبية، والجهات المسؤولة عن الأسرة مثل وزارة التنمية ووزارة الأوقاف ووزارة العدل والمجلس الأعلى للقضا

About the Author