• الدكتورة نوره بنت خليفة الناصرية، قسم الجغرافيا، كلية الآداب والعلوم الاجتماعية 

تُعرف المدن الذكية: على أنها المحلات العمرانية الحضرية التي تستخدم التقنيات والأنظمة الحديثة الذكية في إدارة وتنظيم جميع القطاعات فيها، وتتعدد القطاعات الحضرية التي تستخدم تكنولوجيات الإدارة الذكية في المدن ومن أهمها: قطاع النقل الذكي، إدارة البنية التحتية، مثل: شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، إدارة البنية الأساسية، مثل: الحدائق، والمتنزهات، والخدمات التعليمية والصحية والإدارية والأمنية. 

إن استخدام الأنظمة الذكية لا يقتصر فقط على إدارة قطاعات المدينة وتنظيمها، بل يبدأ مع المراحل الأولى في نشأتها وتأسيسها، على سبيل المثال عند اختيار مواقع الخدمات المختلفة مثل الخدمات التعليمية والصحية والإدارية والأمنية، تسهم التقنيات الذكية بكفاءة عالية في اختيار الموقع الأمثل لهذه الخدمات، مراعية كل الشروط البيئية والطبيعية والبشرية، دون أن يكون هناك احتمالية لاختيار موقع غير مناسب. كذلك في مرحلة بناء المدن وإنشاء البنية التحتية لها، تساعد الأنظمة الذكية في علم الهندسة المدنية على سرعة إنجاز هذه الأعمال وعلى كفاءة إنشاءها وتجنب التعرض فيما بينها. أما في المرحلة الثالثة والمرتبطة بإدارة قطاعات المدينة، فتقدم تكنولوجيات وأنظمة الإدارة الذكية قدرات فائقة في إدارتها، مثل: إدارة شبكات النقل المتعددة، والربط فيما بينها، وتنظيمها، وتنسيقها مهما تعددت وسائطها وحجمها، وفي هذا المجال تجدر الإشارة إلى أنظمة النقل الفائقة الحجم في المدن المليونية مثل: مدينة نيويورك (20 مليون نسمة)، وطوكيو (35 مليون نسمة)، ولندن (12 مليون نسمة)، وغيرها من المدن، فلولا التكنولوجيات الذكية في إدارة شبكات النقل لما تمكّن القائمون من تحقيق الإدارة الفعّالة لشبكات النقل العملاقة في هذه المدن. وتشمل الفاعلية في إدارة شبكات النقل الوصول إلى درجة عالية من الدقة المرتبطة بالخطط الزمنية، وتجنب أوقات التأخير، وتحقيق شبكة مترابطة، تقليل استخدام الوقود، وتخفيض انبعاثات الغاز الحراري، ونقل السلع والبضائع من مناطق الإنتاج، واختيار الموقع الأمثل لمحطات الركاب، واختيار الموقع الأمثل لمحطات تمويل السيارات الكهربائية والسيارات التقليدية، ومراقبة الأعطال في وسائل وشبكات النقل، وتوفير المعلومات الحديثة لسكان المدينة عن خطط النقل وأماكن الازدحام. 

يعتبر قطاع إدارة النفايات بأنواعها المختلفة الصلبة والسائلة من أهم القطاعات التي سوف تستفيد بأنظمة الإدارة الذكية، حيث يمكن الاستفادة منها بعد عمليات التدوير المنظمة في إعادة تصنيع المواد، أو إعادة استخدام المياه في تشجير الحدائق. 

يعتبر تحقيق الأمن المستدام لسكان المدن من أهم الخدمات المعززة للحياة الحضرية المستدامة، تسهم التكنولوجيات الذكية في تحقيق أهداف هذا القطاع داخل المدينة، من خلال المتابعة والمراقبة الذكية لأماكن الازدحام، مثل محطات القطارات الضخمة؛ بهدف تحقيق درجة عليا من الأمان لزوارها وتجنب حدوث الجرائم الحضرية. 

من خصائص المدن الذكية كذلك هو قدرة إدارتها على جمع البيانات من هذه القطاعات كافة، وتحليلها علميا والاستفادة منها في اللحظة نفسها في عمليات اتخاذ القرار، ومن خلال إتاحتها لسكان المدينة بشكل فوري عبر الدقيقة والساعة للاستفادة منها في اتخاذ قراراتهم الشخصية عند القيام بأنشطتهم المختلفة في العمل أو التسوق أو الترفيه. 

تعمل سلطنة عمان على مواكبة أحدث النظريات العلمية في مجال التخطيط الحضري والعمراني، والتي من أهمها تطبيق نموذج المدن الذكية وفقا لأحدث معاييرها العلمية. ويعتبر مشروع مدينة السلطان هيثم في شمال غرب مدينة مسقط هو المشروع الرائد والواعد في مجال المدن الذكية في سلطنة عمان، حيث ستُستخدم أحدث أنظمة الإدارة الذكية والتكنولوجيات الحديثة لتحقيق مفهوم المدينة الذكية للمشروع؛ من أجل الوصول إلى حياة حضرية مستدامة آمنة لسكانها ولزوارها، ونأمل أن تمثل نموذجًا حضريًا يُستفاد به في مجال تخطيط المدن في سلطنة عمان وفي الدول العربية بصفة عامة.

أطلع على ملف نشرة أقرأ عن المدن الذكية من خلال الرابط الآتي:

https://anwaar.squ.edu.om/Portals/100/DNNGalleryPro/uploads/2023/11/29/Iqraa52..pdf