X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

كيف تتحقق الاستدامة الذكية في المدن؟

تعد المدن الذكية تطورًا حديثًا في مجال التخطيط الحضري والتكنولوجيا، الذي يهدف إلى تحسين جودة حياة المواطنين وكفاءة إدارة الموارد الحضرية. الدكتور شهم العلوش _أستاذ مشارك في قسم الهندسة المدنية والمعمارية في كلية الهندسة، والمحرر الرئيسي للمجلة الدولية المحكمة_ يجيب عن سؤال: كيف تتحقق التنمية المستدامة من خلال المدن الذكية؟

PHOTO-2023-11-30-11-...

 

 

مصطلح المدن الذكية

يقول الدكتور شهم العلوش: إنه رغم أن مفهوم المدن الذكية ظهر منذ أكثر من عقد سابق من الزمان، إلا أنه لا يوجد إلى الآن تعريف عام ومتفق عليه للمدن الذكية، رغم ذلك يمكن فهم المدن الذكية بمعناها الأعم كحوكمة وإدارة التكنولوجيا لتحسين الأداء البيئي والاقتصادي والاجتماعي للمدن.

ويُؤكد التوجه الأكثر حداثة في علوم التخطيط الحضري على أن مفهوم المدن الذكية يجب أن يقترن بمفهوم الاستدامة؛ وعليه فقد اُستبدل مصطلح "المدن الذكية " بمصطلح "المدن الذكية المستدامة"، موضحًا أن هذا المصطلح يتفق مع أحد الأبحاث العلمية المنشورة لهم التي تتبع فيها مفهوم المدن الذكية منذ ظهوره حتى الوقت الراهن، ويقول: "لقد وجدنا أنه يمكن تصنيف مفاهيم المدن الذكية ضمن مجموعتين: المجموعة الأقدم من التعريفات للمدن الذكية تركز على أنواع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي يمكن استخدامها في المدن الذكية وطريقة استخدامها، وتعطي هذه التعريفات الثقة العمياء لهذه التكنولوجيا كمُسيرٍ رئيسٍ للمدن، أما المجموعة الأحدث من التعريفات فتركز على أثر استخدام التكنولوجيا، وتسعى إلى تحقيق التوازن بين هذه التكنولوجيا وحاجات وتفضيلات القاطنين في هذه المدن، حيث أنها تَعدهم شركاء رئيسين في تخطيط وتشغيل وإدارة المدن والتكنولوجيا المستخدمة في المدن الذكية.

المدن المستدامة الذكية

يقول الدكتور شهم العلوش: "من وجهة نظرنا كباحثين في مجالات تتعلق بالمدن الذكية والتخطيط الحضري نرى أن المصطلح الأكثر صحة هو "المدن المستدامة الذكية" -مع تقديم الاستدامة-، حيث أننا نؤمن أنه يجب النظر إلى فكرة أن تكون المدينة ذكية كوسيلة لتحقيق الاستدامة لا أن تكون غايةً بحد ذاتها.

 ونرى أنه ليس كل حل "ذكي" مستدام، ولكن كل حل مستدام "ذكي"، ونعتقد أن هذه النظرة يجب أن تُوجِّه الجهود المحلية والاقليمية والعالمية باتجاه تحقيق تنمية مستدامة حقيقية بعيدا عن استعراض الإمكانات وتبديد الموارد.

 ويمكن تعريف المدن المستدامة الذكية بأنها المدن التي توفر حاجات قاطنيها الحاليين بدون استنزاف الموارد بطريقة لا تتيح للأجيال القادمة تلبية حاجاتهم، بدعمٍ من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

ملامح ومواصفات

يقول الدكتور شهم العلوش: "تشترك المدن الذكية في استخدامها لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تخطيط وتشغيل وإدارة المدن.

 في أحد الأبحاث العلمية -التي أشرفنا عليها- وجدنا أن مفهوم المدن الذكية يجب أن يعمل كعضو حي وديناميكي يربط بين ثماني مقومات أو مفاتيح للمدن الذكية، وأن هذه المقومات لا بد أن تتداخل وتترابط معا بانسيابية وتوافقية؛ لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. تشمل هذه المقومات على: الاقتصاد الذكي، والمواطن الذكي، والبنية التحتية الرقمية الذكية، والإدارة الذكية للمواصلات، والحوكمة الذكية، والعيش الذكي (الصحة، التعليم، إلخ)، والقوانين الداعمة للابتكار، ووجود إدارة قادرة على التعامل مع المدن الذكية وتطويرها".

ويضيف: ربما تتساوى جميع هذه المقومات من ناحية الأهمية وبدون هرمية أو تتابعية زمنية، وعليه يجب أن تتناغم هذه المقومات وتعمل بتوازٍ وانسجام. ومن بين هذه المقومات نركز على مقوم "المواطن الذكي"؛ لأن الهدف من أي عملية تنموية على مستوى المدن هو المواطن بحد ذاته، يدعو هذا المُقوّم المدن والحكومات لتعزيز قدرة المواطن على استخدام التكنولوجيا بشكل فعال للتواصل والانفتاح على عالم المعلومات والاتصال من خلال التدريب وجعل هذه التكنولوجيا متوفرة لكل فئات المجتمع، وبوصفه المواطن مرتكزا أساسا في العملية التنموية؛ بالتالي ضرورة إشراكه في المراحل المختلفة للتحول للمدن المستدامة الذكية بطرق تكنولوجية حديثة.

كذلك تدعم المراجع العلمية فكرة المشاركة المجتمعية الذكية في تخطيط وتشغيل وإدارة المدن كمتطلب أساسي لتحقيق الاستدامة الاجتماعية في المدن الذكية مما ينتج عنه مدن ذكية "مُؤنسنة" تلبي احتياجات وتفضيلات المواطنين، وتستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحقيق ذلك.

 والجدير بالذكر أننا أشرفنا على أكثر من بحث متعلق بالمشاركة المجتمعية الذكية، واستعداد كل من صناع القرار والمواطنين لفكرة التخطيط التشاركي الذكي عن طريق النمذجة التفاعلية ثلاثية الأبعاد.

 وقد وجدنا في أبحاثنا التي شملت حالات دراسية من دول مختلفة أن أحد أهم عوامل قبول فكرة التخطيط التشاركي الذكي هو وجود الثقة المتبادلة بين المسؤولين عن العملية التخطيطية من جهة والمواطنين المستفيدين من عملية التخطيط الذكي في المدن الذكية من جهة أخرى.

ودلت أبحاثنا على أن البنية التحتية في سلطنة عمان مهيأة لعملية التخطيط التشاركي الرقمي للمدن الذكية؛ ولكن يجب مراعاة خصوصية المعلومات والعمل على تعزيز الثقة بين المخطط والمواطن.          

مدينة السلطان هيثم

وعن المدن الذكية العمانية يقول الدكتور شهم العلوش: هناك مبادرات متعددة في سلطنة عمان فيما يخص المدن المستدامة الذكية واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، يمكن القول إن هذه المبادرات بدأت منذ عام 2003 ضمن رؤية عمان 2020 تحت بند تفعيل المجتمع الرقمي العماني ووضع تشريعات الحوكمة الرقمية ضمن ما عرف بـ"عماننا"، سعت هذه الاستراتيجية إلى تحويل عمان لمجتمع قائم على المعرفة باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

 لاحقا في عام 2017، اُنشأت منصة المدن الذكية بالشراكة بين الهيئة العليا للتخطيط، وبلدية مسقط، وهيئة تقنية المعلومات. هدفت هذه المنصة لنشر الوعي عن التنمية المستدامة ومبادرات المدن الذكية إضافة إلى تشجيع الابتكار في مجال المدن الذكية وتشجيع الفئات المعنية باقتراح حلول ذكية مبنية على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. عُزِّز هذا التوجه في رؤية عمان 2040 مع التركيز أكثر على التنمية المستدامة والمشاركة المجتمعية كمحركين رئيسيين لعملية التخطيط الحضري. وتُوِّجت جهود السلطنة نحو المدن المستدامة الذكية بتدشين مدينة السلطان هيثم لتكون مثالا يحتذى به للمدن المستدامة الذكية في سلطنة عمان. وخُطِّطت مدينة السلطان هيثم بناءً على 12 معيار عالمي يضمن خلق مدينة مؤنسنة ومستدامة وذكية تضمن تحسين جودة الحياة للقاطنين والاستخدام الأمثل للموارد بالاستعانة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.   

 

  • أطلع على ملف نشرة أقرأ عن المدن الذكية من خلال الرابط الآتي:

https://anwaar.squ.edu.om/Portals/100/DNNGalleryPro/uploads/2023/11/29/Iqraa52..pdf

  

About the Author

ايمان الحسنية

ايمان الحسنية

محرر محتوى