X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

يد بيضاء تصنع الفارق في الزمن والمكان

17 Oct, 2023 |
  • د. فاطمة الشيدي، كلية الآداب والعلوم الاجتماعية


يوم المرأة العمانية لفتة حضارية يقول المجتمع من خلالها للمرأة نحن نقدر دورك الجبار الذي تقومين به في هذا الوطن؛ في البيت والعمل.
 إنك عمود الخيمة في كل مكان تضعين قدمك فيه، فيدك التي تضع اللقمة في الفم، وتربّت على الجسد المرهق، وتشرح العسير، وتداوي الجرح، وتهدهد الأرق، يدك التي ترتب البيت، وترقن الكلمات، وتداوي المرضى، وتعلم الأجيال؛ هي يد بيضاء تصنع الفارق في الزمن والمكان، هي اليد الهشة التي تصنع المعجزات، وكلماتك البسيطة هي النور الذي يضئ النفق، وتمهد السبل لمجتمعات ثابتة ذات تقاليد إنسانية راسخة، قائمة على الخير والجمال والعطاء والمحبة.
ليست المرأة بحاجة لهذا اليوم لتستمر في العطاء؛ ولكنها بحاجة إليه لتبتسم بعمق في داخلها؛ إذن هناك تقدير لما أفعل، لفتة تقف أمامها قليلا كل عام، وتنظر للخلف طويلا بسعادة لأن المنجز كبير والعطاء وفير.
لفتة تجعل المرأة التي توقفت وقد أدت دورها على أكمل وجه تنظر لمنجزها بفخر، تضع ذاكرتها على طاولة العطاء وتتنهد؛ أنا هنا الآن وكل ذلك العطاء مازال يثمر أشجارا عالية، رجال ونساء بدأوا مسيرتهم وهم في صحة جسدية ونفسية، ووظيفة أعطيت فيها من روحي ومن جسدي فداويت إذ كنت طبيبة وخرجت أجيالا يبنون الوطن بكل وعي واقتدار إن كنت معلمة، عطاءات لا تعد ولا تحصى للموظفة، والمهندسة والكاتبة والإعلامية. في حين تشحذ همة المرأة الماضية في طريقها فتستمر في العطاء بقوة وإيمان بأن ثمرة الخير خيرا وجزاء الإحسان إحسانا، في حين تنطلق ابنة البدايات أو تستعد للعطاء بعزم ووعي ومسئولية؛ فهي ابنة هاتين العظيمتين، ولذا فتنطلق وكلها حماس للحاق بالركب وصناعة المستقبل بوعي جديد متجاوز، وعي مستقبلي كله تقدم وتجديد. من تجلس على مقعد الدرس في المدارس أو في الجامعات تدرك أن الطريق طويل وأن الهمة واجبة وأنه لا ينقصها سوى أن تضع خطواتها على الدرب غير الممهد (ومتى كانت الدروب ممهدة!) وأن تستشعر التحديات لتهزمها، فالتحديات دائما كثيرة والهمم الكبيرة وحدها أهل للتحدي.
هل وصلت المرأة العمانية لكل ما تطمح؟ لا بالطبع!
هناك أحلام كثيرة لا تخصها وحدها؛ إنها تحلم بمجتمع آمن وقوانين منصفة، تحلم بأن تغير الوعي بأنها أكثر من نصف المجتمع واقعا لا شعارات، تحلم بصناعة وعي الرجل الذي يقف بجوارها محبا ومساندا، تحلم بحقوق أكثر وتسعى لها.
تحلم بمساحات من الحرية والمساواة أكثر وأكثر.
تحلم ألا يوجد تمييز في أي مستوى وأي مجال وهذا لن يكون إلا بتغير الوعي.
تحلم بمدونة أسرة واضحة وجريئة وتحميها قوانين ثابتة دون مواربة أو ثغرات، تريد حقها في التقدير في كل مكان (رغم أن لها منه الآن الكثير) ولكن تحلم بأن لا يكون هناك حالات تشعر الإنسان بالحنق والغيظ.
المرأة العمانية حصلت على الكثير من الحقوق ولكنها دائما تطمح للأكثر والأجمل. ومسيرتها المتوجة بالعطاء والإنجازات الواضحة تدفعها لتمضي بعزم أكبر لتثبت كل يوم أن المرأة مثل الرجل تماما تتعلم من كل جديد، وتمضي في كل طريق مهما كانت وعرة ومتعرجة؛ وتحقق أهدافها الكثيرة باعتزاز وفخر لكل من يطالع هذه المسيرة العظيمة.
المرأة العمانية اليوم موضع فخر واعتزاز في الداخل والخارج بقوتها وجمالها معا؛ فهي واعية حرة كادحة في كل المجالات، فهي أم عظيمة، وموظفة جادة، وزهرة جميلة تهب كل مكان تكون فيه عطرا وجمالا وبهاء، تواجه تحدياتها بعزيمة وتخطيط، وتعيش حاضرها بوعي وعطاء وتحلم بغد أجمل.  وهذا ما سعت إليه وحققته وهذا ما يؤكد عليه كل عام يوم المرأة العمانية.
 

About the Author