X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

الغرس الفضيل

25 May, 2021 |

 

  • زينب بنت ناصر العزرية - مدرس بقسم الأمومة والطفولة- كلية التمريض.

تمر الأيام والأزمان، والبشرية لا تزال تبحث عن تعريف السعادة، جوهرها، والطريق إليها، وهل النجاح هو سر السعادة، أم ليس بالضرورة؟ وقد تم تأليف العديد من الكتبالتي تحلل العلاقة بينهما بكل لغات العالم، كما تم تحليل كل من السعادة والنجاح بإطناب.

لقد تم تدريسي واحدة من هذه الكتب عندما كنت طالبة في الجامعة، فقد اجتهدت الأستاذة -آنذاك- في الشرح لنا كيف نكون قادة ناجحين، فقد كتبت لنا قائمة بكلالصفات المطلوبة في الشخص الناجح في عمله، لا أنكر أنها قد أحسنت في شرح القائمة، ولكن التفكير في تلك القائمة لم يفارق مخيلتي، وعدت بعدها إلى البيت وكتبتالقائمة من جديد في خانة، وفي الخانة المقابلة كتبت كل آية من القرآن الكريم تحث على كل صفة من تلك الصفات، كنت أعزم على إعطاء الاستاذة وكل زملائي الجدول،ولكنني لم أفعل، لا أعلم لماذا! ربما رأيت أنه لا فائدة من إعطاهم الجدول، أو لأنني -آنذاك- لم أكن أثق بأفكاري ومعتقداتي.

مرت الأيام وأنقضت الأعوام، وأشارت عليّ إحدى زميلاتي أن أتابع مقاطع منصة “تيد”، حسب ما قالت أن هذه المقاطع مفيدة جدا وتعطي دروسًا في الحياة، بدأتأشاهد الكثير منها، أوافقها الرأي أن هذه المقاطع مفيدة جدا، ولكني وجدت أن هذه المقاطع ما هي إلا بحث مضني عن النجاح وأسرار السعادة، مشوار البحث قد بدأمنذ أزمان بعيدة، وكلما شعر العالم أنهم قد أقتربوا، زادت الفجوة بينهم وبين الحقيقة، وتبعثرت الخطى؛ وذلك لأن سرعة التغيير في الحياة أكبر بكثير من سرعة تقاربوتآلف هذه الأفكار.

وكل هذا قد لا يهم، ما يهمني أنني مجددا استطعت أن أستحضر آية من القرآن الكريم لكل مقطع يحمل مضمون سليم، عندها أدركت أننا أمة لديها النور ولكن قررت أنتغمض عينها عنه، وأن تهيم في الأرض مع الهائميين، نسعى لتدريس أبناءنا مختلف العلوم والكتب حتى يكونوا ناجحين وسعداء، ونغض الطرف عن تدريسهم القرآنالكريم وكل ما ورد فيه من نور وحكمة، قد يتكفل النظام التعليمي بتعليمهم شيء يسير منه ولكنه غير كاف مطلقا أن يرسخ في أذهان أطفالنا أسرار السعادة والنجاح، بلوجدت طريقة تعليمه مشتته بما فيه الكفاية لجعل الطفل لا يربط بين ما تعلمه وكيفية تطبيقه في حياته. لذلك من الضروري أن يفطن الآباء والآمهات أن تعليم أبنائهم القرآنالكريم هو سر سعادة أبنائهم وهو الغرس الفضيل الذي حتما سيجد الآباء ثماره، وهنا لا أقصد بالضرورة تحفيظهم القرآن، وإنما التركيز على المفهوم والمعنى، فعندمانرسخ آية “والكاظميين الغيظ والعافيين عن الناس والله يحب المحسنيين” في أذهان وقلوب أطفالنا، ستكون بمثابة النور الذي يهتدون به في كل تعاملاتهم سواء العملية أوالاجتماعية، ستكون لهم قاعدة فكرية راسخة عن كيفية إدارة المشاعر والغضب وكيفية التعامل مع من أساء إليهم. فإن تعلم هذه الآية فقط قد يكفل لهم النجاح والسعادةفي كثير من مواقف الحياة، ويغنيهم عن قراءة كثير من كتب إدارة الغضب والمشاعر وغيرها. فلنحسن نحن الأباء والأمهات إلى آبناءنا بتعليمهم من يكفل لهم سعادتهم، فإنجلسة تدارس آية من القرآن في الأسبوع مرة أو مرتين مع أطفالنا في البيت ومحاولة تطبيقها في جميع المواقف كفيل بأن يرسخ فيهم الكثير من الآيات العظيمة التي هيحتما سر سعادتهم في الدنيا والأخرة.

إذا أن القرآن حياة لمن أراد الحياة الحقيقية، والبعد عنه هو موت محتم تحت أنقاض الحياة البالية.

About the Author