X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

الطباعة ثلاثية الأبعاد منظومة اقتصادية متكاملة

20 Jun, 2022 |

 

  • د/ مبارك بن خميس العلوي- مساعد العميد للتدريب وخدمة المجتمع- بكلية الهندسة.

 

لاقت تقنية الطِباعة ثلاثية الأبعاد رواجا عالميا لمساهمتها الفاعلة في الإنتاج الصناعي ولتعدد تطبيقاتها في صناعات مختلفة كصناعة الطيران والدفاع وصناعة السيارات والطب وصناعة المواد الاستهلاكية والصناعية والبناء والتشييد والهندسة الطبية الحيوية وغيرها من المجالات، يعود تاريخ تقنية الطِباعة ثلاثية الأبعاد إلى سبعينيات القرن الماضي، إذ تم وصف آلية عملها في تسجيل براءة الاختراع رقم US3596285A للمخترع يوهانس جوتوالد، وكما هو متعارف عليه فإن عملية تطبيق براءة الاختراع تمر بسلسلة طويلة من البحث التقني والتطوير وذلك لضمان الجدوى الاقتصادية للمنتج.

تعيش هذه التقنية في الوقت الراهن فترة تطورها الملموس في مختلف جوانب العلوم والتقنية ومن المتوقع أن تواصل الازدهار بوتيرة أعلى في السنوات المقبلة، إذ قدرت القيمة السوقية لهذه الصناعة ب 15 مليار دولار في عام 2021 ويتوقع أن تصل قيمتها إلى 18 مليار دولار عام 2022 و84 مليار دولار في عام 2029.

هذه التقنية عبارة عن صنع مجسم بطريقة ضخ طبقات من مادة مرنة بواسطة آلة تتبع نمط هندسي معين، ويبين هذا التعريف وجود ثلاثة مكونات رئيسية وهي التصميم، مادة التصنيع، وآلة التصنيع. يعد كل مكون من هذه المكونات بحد ذاته مجال بحثي واستثماري له عائد اقتصادي، كمثال في جانب التصميم، يجب على المصممين أن يكونوا أصحاب مؤهلات في جانب العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والمعمار وأن يكونوا على قدر كافي من المهارات التقنية كاستخدام برامج مختلفة في الرسم وأيضا المقدرة على مواكبة التطورات التكنولوجية في هذا المجال، وهنا يأتي دور مؤسسات التعليم العالي في الاستحواذ على الجانب الاستثماري في القطاع المعرفي في صناعة الطابعة ثلاثية الأبعاد. وقد قامت العديد من الجامعات في دول مختلفة باستحداث برامج أكاديمية مختصة في هذه التقنية كمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة وجامعة نوتنجهام في المملكة المتحدة وجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة.

إن طرح مثل هذه البرامج المختصة في هذا المجال له دلالات عديدة أهمها احتضان اقتصادات تلك الدول على الصناعات المرتبطة بها، وهنا يأتي دور المكون الثاني- مادة التصنيع- في دعم الاقتصاد عن طريق استثمار الموارد الطبيعية ومنتجات الصناعات التحويلية وزيادة قائمة المنتجات المصنعة من هذه الموارد. كذلك استخدام المواد في تقنية الطابعة ثلاثية الأبعاد يعتمد على مواصفات المنتج المحددة ويجب أن تستوفي الشروط القياسية التي تمكنها من دخول مختلف الأسواق المحلية والإقليمية والدولية، لذا فإن المواد المستخدمة حاليا والمواد الجديدة التي سيتم تطويرها للاستخدام في الطباعة تخضع لدراسات متواصلة بهدف تحسين خصائصها ومواصفاتها وذلك لضمان استدامة الجدوى لاستخدام هذه التقنية لأطول فترة ممكنة، ومن هنا يأتي أيضا دور مؤسسات التعليم العالي في الجانب البحثي عن طريق اغتنام الفرص في استحداث مراكز بحثية داعمة للقطاع الخاص في كل ما يتعلق بهذه التقنية المتقدمة.

المكون الثالث-آلة التصنيع- ترتبط بارتباط وثيق مع مادة التصنيع، إذ تختلف المواد المستخدمة في خواصها التكوينية وطرق معالجتها قبل ضخها في آلة التصنيع ولهذا يوجد العديد من آليات الطِباعة كالطِباعة باستخدام البلمرة الضوئية والطِباعة النقطية والطِباعة باستخدام المواد اللاصقة والتليين الحراري والطِباعة باستخدام مسحوق الطباعة والطباعة باستخدام المواد الخرسانية، وكما ذكرنا سابقا تخضع جميع أنواع الطابعات إلى تطوير وتحديث مستمر لكي تواكب التطور في مواد الطِباعة المستخدمة.

تعد صناعة تقنية الطِباعة ثلاثية الابعاد ليست منتجا فقط بل منظومة اقتصادية كبيرة لها مستقبل زاهر ومن الضرورة الملحة توطين هذه الصناعة وإشراك مؤسسات التعليم العالي والمراكز البحثية على المستوى المحلي والعالمي بجانب القطاع الخاص عامل مهم لتمكين أسس هذه الصناعة الحديثة في الاقتصاد مستدام في سلطنة عمان.

About the Author