التعليم التمريضي خلال جائحة كورونا
- د. خلدون الذيابات- قسم صحة المجتمع والصحة النفسية- كلية التمريض.
أثرت جائحة فيروس كورونا المستجد 19 على جميع جوانب الحياة بما في ذلك تعليم مهنة التمريض، إذ أدى ذلك إلى تغيير أساليب التدريس التقليدية داخل الفصل إلى طرق أكثر ابتكارًا عبر الإنترنت.
هذا التغيير المفاجئ وضع كلاً من مدرسي التمريض والطلاب تحت الضغط النفسي والتوتر لتلبية المتطلبات الأساسية من تعليم التمريض عالي الجودة وتحقيق أهداف ومخرجات برامج التمريض المختلفة. واجهت برامج التمريض في سلطنة عمان تحديات لإجراء تغيير في المناهج إلى ما يسمى بخطة التعليم عن بعد خلال جائحة كورونا. ففي أوائل أذار 2020، اتخذت السلطات العمانية - مثل العديد من الدول حول العالم - قرارًا سريعًا ومفاجئًا بإغلاق جميع المؤسسات التعليمية والتوقف عن التدريس وجهًا لوجه وذلك من أجل سلامة الطلاب والمدرسين والحدِّ من انتشار الفيروس. ترك هذا القرار العديد من المؤسسات الأكاديمية والطلاب في حالة من عدم اليقين لاختيار طرق تدريس مبتكرة جديدة ـ مثل التعلم الإلكتروني ـ قد لا تكون مألوفة لكلا الجانبين.
ومن التحديات التي واجهت بعض المؤسسات التعليمية: غياب ثقافة المؤسسات الأكاديمية فيما يتعلق بالتعليم الإلكتروني، والاستعداد لذلك التغيير، وتوفر الدعم اللازم والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات (IT)، والأمية الرقمية لبعض مدرسي وطلاب التمريض، وإيجاد طرق مبتكرة لتدريس وتدريب الطلبة السريري عن طريق التعليم الإلكتروني.
كذلك واجهت طلاب التمريض تحديات أخرى بسبب تحول تعليمهم إلى التعليم الإلكتروني، فعلى الرغم من أن بعضهم كانوا جاهزين وتكيفوا بسرعة مع هذا التحول، وأبدوا رضى وتقديرًا لهذا النوع من التدريس بسبب مرونته بالنسبة للمكان والزمان، فقد أظهر طلاب آخرون عدم الراحة إما بسبب معاناتهم من الأمية الرقمية وإما بسبب عدم التفاعل المباشر مع العنصر البشري الذي يفرضه التعليم الإلكتروني. وقد أثار العديد من طلاب التمريض الذين يعيشون في مناطق نائية مشكلة تتعلق بضعف أو عدم وجود اتصال بشبكة الإنترنت لمناطقهم، ولم يتمكن بعض الطلاب من تغطية تكلفة الإنترنت أو الملحقات الضرورية الأخرى للتعلم الإلكتروني.
فضلا عن ذلك، يواجه مدرسو وطلاب التمريض تحديات أخرى نتيجة التحول إلى التعليم الإلكتروني خلال جائحة كورونا مثل: الشعور بالعزلة بسبب الحجر الصحي والتزام البيت خلال الفصل الدراسي، طريقة التدريس الإلكتروني والتي تحدث على الأرجح من داخل المنازل بالنسبة للطلاب وللعديد من المدرسين، تصميم المنهج الدراسي الإلكتروني والذي هو مختلف تمامًا عن تصميم المنهج داخل الفصل، الوقت اللازم لإعداد ودراسة المواد عبر الإنترنت والذي يأخذ وقتًا أطول في الإعداد والشرح والمراجعة، وتوفر المصادر البشرية والمادية لدعم التعليم الإلكتروني على مدار الساعة لضمان جودة التعليم الإلكتروني وتلبية احتياجات المدرسيين والطلاب.
في عمان، لا يوجد مجلس أو نقابة للتمريض من أجل تنظيم المهنة وتدريسها غير وزارة الصحة، مع عدم وجود إستراتيجية عمانية وطنية لتعليم التمريض خلال جائحة كورونا، قام كل برنامج اتمريض في سلطنة عمان بتطوير وتبني إستراتيجيته الخاصة لضمان جودة الإعداد التعليمي النظري والسريري المقدم لطلاب التمريض. ونظرًا لضيق الوقت، تم تطوير هذه الإستراتيجيات بطريقة سريعة وعاجلة، ولم يكن كثير منها قائمًا على الأدلة والبراهين ولكن بناءً على التجربة والخطأ، في كثير من الأحيان لم يشارك الطلاب ـ كشركاء ـ في تطوير هذه الإستراتيجيات من أجل تلبية احتياجاتهم الخاصة، وبسبب قيود الوقت، لم يتم تطبيق العديد من هذه الإستراتيجيات بشكل فعال كما هو مخطط له.
كان من أكثر التحديات التي واجهت مدرسي التمريض في سلطنة عمان ـ مثل البلدان الأخرى - سحب طلاب التمريض من التدريب السريري وإيجاد أفضل إستراتيجية لتدريس مساقات التمريض السريري باستخدام طريقة التعلم الإلكتروني لتحقيق نتائج مرضية. وعلى الرغم من أن مدرسي التمريض استخدموا سيناريوهات دراسة الحالة، والتدريس المتزامن وغير المتزامن عبر الإنترنت، ومقاطع الفيديو، ومنصات المناقشة، وخطط الرعاية، والمسابقات عبر الإنترنت، وطرق التدريس ذاتية القراءة؛ فإن التفاعل مع البشر أو استخدام محاكاة عالية الدقة لا يزال أكثر الطرق فعالية لتدريس المناهج السريرية.
أوصت الدراسات بأن التعليم الإلكتروني مُحدد الزمن، واستخدام منصات النقاش يعتبر أفضل وسيلة لإشراك ودمج الطلاب وتقليل شعورهم بالعزلة خلال التعليم الإلكتروني. إضافة إلى ذلك، يعد تطبيق مفهوم العدالة والمساواة في التعليم الإلكتروني أمرًا ضروريًّا للطلاب والمدرسين مثل: توفر سهولة الوصول إلى تكنولوجيا المعلومات، توفر حزم الإنترنت بأسعار منافسة، تدريب والعمل على محو الأمية الرقمية عند مدرسي وطلاب التمريض، توفير موارد كافية للمعلمين والطلبة، ويجب على المؤسسات الأكاديمية التأكد من أن الطلبة من خلفيات اجتماعية واقتصادية متدنية قد حصلوا على نفس مستوى التعليم مثل الطلبة الآخرين.
يعد البحث في تعليم التمريض خلال جائحة كورونا في سلطنة عمان من وجهة نظر مدرسي التمريض والطلبة موضوعًا مهمًا لأن نمط التعليم بعد هذه الجائحة سيتغير إلى الأبد. إن فهم تعليم التمريض أثناء جائحة كورونا من وجهات نظر مختلفة سيساعد صانعي القرار في تعليم التمريض على تطوير وتنفيذ خطة تعليم تمريضية شاملة ومتسقة تستند إلى الأدلة خلال هذه الجائحة أو في حالات مماثلة تعمل على إعداد التمريض العماني بكفاءة وفعالية عالية.
About the Author