• صلاح بن سالم الشكيلي- رئيس قسم التغذية والتغذية العلاجية- مستشفى جامعة السلطان قابوس

من الجيد أن يستعد الإنسان لشهر الصيام، حتى يتحصل على الفوائد القصوى لهذا الشهر الفضيل، ويعد الغذاء والتغذية جزءًا لا يتجزأ من الطقوس الخاصة لشهر رمضان، حيث في هذا الشهر الكريم تظهر بعض الوجبات التي لا تكون متوافرة عادة في الشهور الأخرى، ويتنافس الناس على تقديم موائد شهر رمضان، وتتفنن الزوجات والأمهات في تحضير أطيب الأكلات والوجبات وخاصة إذا كان هناك طفلًا صغيرًا يحاول الصيام لأول مرة في البيت.

في هذا الشهر الكريم تكثر اللقاءات خاصة على موائد الإفطار حيث تتجمع الأسرة الصغيرة عند البيت الكبير أو بيت العائلة لتناول وجبة الفطور مع بعض، ومع هذه اللقاءات والاجتماعات حول موائد الطعام يزيد الإنسان من كمية الطعام التي يتناولها لا إراديًا، وذلك كرد فعل طبيعي عند اجتماع الناس حول سفرة الطعام،  لذلك يتوجب علينا الحذر من الإفراط في عملية طبخ الطعام بكميات ونوعيات مختلفة، وكذلك تناول كميات كبيرة من الطعام، و هذا يتنافى مع بعض أصول الطعام، ويدل على ذلك قول الرسول صل الله عليه وسلم " صوموا تصحوا" فأساس الصيام ليس تناول كميات كبيرة من الأكل عند الفطور وإنما تهذيب النفس والابتعاد عن ما حلل الله من الأطعمة والأشربة حتى نقترب أكثر من الله، ولكن للأسف فإن بعض الأشخاص يسيؤن فهم الصيام والفطور ويتناولون كميات كبيرة من الطعام انتقام للجوع وهذا خاطىء ومضر لصحة الصائم.

تناول الأطعمه والمشروبات خلال شهر رمضان يجب أن يكون كما في الشهور الأخرى، حيث يقول الله تعالى"وكلوا واشربوا ولا تسرفوا" فمن المفترض أن يتناول الإنسان كميات بسيطة من الأكل كل يوم، حيث يقول الرسول صل الله علية وسلم " ما ملأ آدمي وعاء شرًّا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه" صدق رسول الله صل الله علية وسلم.

التغذية الصحية مهمة لمساندة الإنسان المسلم على أداء العبادات، والتغذية الصحية قد تكون جزءًا من العبادات، يقول الرسول صل الله علية وسلم " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه فيم فعل فيه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟ "، من هذا الحديث نرى أهمية التغذية السليمة، حيث أن التغذية السليمة هي من أساسيات الجسم السليم.

التغذية الصحية هي التغذية التي توفر كميات متوازنة من العناصر الغذائية والطاقة، فالنقص في تناول الطاقة المطلوبة قد تؤدي إلى حدوث أمراض مثل الهزل اللاإرادي و ضعف المناعة عند بعض الناس، و العكس من ذلك صحيح، حيث تناول كميات كبيرة من الطاقة مما يحتاجه الإنسان يؤدي إلى تراكم هذه الطاقة الزائدة وتخزينها في الجسم على شكل دهون مما قد يؤدي إلى الزيادة في الوزن و مع مرور الوقت تتحول الزيادة في الوزن إلى السمنة، و السمنة كما هي معروفة مرتبطة مع أمراض جميع أجهزة الجسم دون استثناء فهي تؤثر سلبًا على سبيل المثال على الجهاز التنفسي، والجهاز الهضمي، والجهاز الدوري، مما يؤدي الى إنخفاض وتدهور كفاءة عمل هذه الأجهزة ومما يؤدي إلى ظهور أمراض مختلفة مثل أمراض القلب والشرايين، السرطان، السكري وخاصة من النوع الثاني، وليس هذا فقط فالسمنة لا تؤثر على الإنسان جسديًا فقط، إنما تؤثر عليه نفسيًا، مما ينعكس على ثقة الشخص في نفسه، و في بعض الحالات التعرض إلى سلوك التنمر من قبل أشخاص مقربين منه مما يؤدي إلى العزلة الإجتماعية، وكذلك تؤثر السمنة على جودة النوم الذي هو من أساسيات الصحة وسلامة العقل والجسم.

 هذه الأمراض ممكن تجنبها أو حتى التخلص من بعضها عن طريق التغذية الصحية، ويعد شهر رمضان فرصة ربانية لا تعوض لتغير السلوكيات الغذائية السيئة وغير الصحية، والخروج من هذا الشهر الفضيل بصحة أفضل وعزيمة لتحقيق المزيد لتطوير جودة صحة الانسان.