تنظيم الذات وتنمية المهارات التنظيمية
- د/ فاطمة بنت محمد الكاف- أستاذ مساعد بقسم المناهج وطرق التدريس - كلية التربية.
في هذا العالم السريع اللاهث نحو التحصيل المعرفي، تبرز الحاجة القصوى المُلِّحَة إلى تنمية المهارات التنظيمية لذواتنا بشكل عام، ولذوات أولادنا بشكل خاص انطلاقًا من حكمتيّ: "من شبَّ على شيء شاب عليه"، و"التعلم في الكبر كالنقش على الحجر" لذا، فإن تنمية العادات الصحيحة التي تتسق مع معطيات العصر والتأكيد عليها من قِبل الأسرة والمدرسة؛ يحولها مع التراكمية الزمنية إلى سلوكيات قائدة للتلميذ/ الفرد، وتتشكّل في جوهرها إلى مهارات تنمو مع نمو الطفل حتى تصبح جزءًا رئيسًا مكونًا لتفرده ونمط شخصيته المتميزة بهذه المهارات.
وعليه، فإن تنمية المهارات التنظيمية تُعَدُّ أحد المكونات الأساسية للنجاح، ومن المتفق عليه أن بعض الأفراد أكثر تنظيمًا عن غيرهم بشكل فطري طبقًا لنظرية الفروق الفردية، إلا أنه من الممكن للآباء وأولياء الأمور والمعلمين أن يطبقوا بعض اللوائح المنظمة، والقوانين المساعدة ليصبح أولادهم أكثر تنظيمًا.
إن تلميذ اليوم هو طفل الأمس وهو رجل الغد، ومن ثمَّ فإن الكثير من أنشطة الحياة اليومية قد تتأثر سلبيًّا أو تحبط نتيجة لافتقاد المهارات التنظيمية لدى الطفل الذي يمارس هذه الأنشطة.
إن عملية تنظيم الذات تشتمل على قدرة التلميذ بأن يكون فاعلاً أو كفؤا - عن طريق إنجاز العمل المنوط به بأكثر سرعة وسهولة ممكنة - كما يجب أن يكون فعالًا: أي أن يُنجزَ العمل بحيث تنطوي نتائجه على أعظم فائدة ممكنة، وأن يعي بأنه، رغم وجود العديد من الإرشادات المتوفرة والخاصة بمهارات التنظيم، لا يوجد أسلوب واحد صحيح يمكن اعتماده بشكل مطلق دائمًا، وإنما يجب أن يتناسب الأسلوب مع قدرات التلميذ الذي يؤدي هذه المهارات.
إن المهارات التنظيمية تساعد على تكيّف الطالب مع مُناخ مليء بالواجبات والمهام، وتضفي بنية خاصة على مكان وجوده، وتخلق جوًّا من النظام في حياته بشكل عام.
وبناء على ما سبق؛ فإنه يقع أولًا على عاتق الأسرة، ثم المدرسة ثانيًا، مسؤولية إعداد هذا التلميذ المؤهل بهذه المهارات التنظيمية كي يصبح رجل الغد المنشود، والذي ستعول عليه مسؤوليات جسام في عمله أو في أي موقع من مواقع المسؤولية مستقبلًا.
إن البداية إذن لابد أن تكون من الطفولة؛ لأن المهارات التنظيمية لازمة للتلميذ فيما بعد في جميع مراحله العمرية والدراسية وحياته العملية، نظرًا لما تلعبه في تحقيق النجاح المدرسي والتفوق الأكاديمي والعملي فيما بعد.
وتشير الدراسات إلى أن المهارات التنظيمية تؤثر تأثيرًا كبيرًا على جوانب متعددة في مكان العمل نفسه الخاص بالتلميذ في المنزل، وترى "أنه يمكن تقسيم هذه المهارات إلى قسمين:
التنظيم المكاني: وتهدف فيه هذه الإستراتيجيات إلى الحفاظ على نظام المكان الخاص بالكمبيوتر- مثلا - وكذا وضع جميع الأدوات في أماكنها حتى يسهل الوصول إليها.
التنظيم المعلوماتي: ويشمل كتابة الملاحظات، وبالطبع فإن الطريقة التنظيمية المتبعة ستعتمد على طبيعة المعلومات التي يلزم تنظيمها، وكذا طبيعة المهمة المنوطة والأسلوب المفضل للتنظيم، ويشمل تنظيم المعلومات استخدام ألوان مختلفة لتمييز المواد المختلفة باستخدام الجداول، وباستخدام الخطوط الإرشادية لتسهيل القيام بالمهمات".
About the Author