X638311283768843821

 

 

Banner-02

 

 

 

الأديب كاتب السيناريو وأنا المخرج

31 Jan, 2023 |

في مفترق الطرق بين أوروبا الشرقية وآسيا الغربية تقع (جمهورية أذربيجان) البلاد التي ينتمي إليها الدكتور رشاد حسنوف والذي أنهى قبل أيام قليلة رسالة الدكتوراه في جامعة السلطان قابوس. يعمل د. رشاد في مجال الترجمة ويتحدث إلى جانب لغته الأم العربية والفارسية والتركية والإنجليزية والروسية.

عن حديثي معه حول الريادة في الترجمة والدراسة في الجامعة، وآرائه حول الأدب والأديب العُماني وتحديات الترجمة كان هذا الحوار.

الأول

(2014) في مهرجان باكو المسرحي كانت البداية؛ حيث التقى د. رشاد بمجموعة من الأدباء العُمانيين لينجذب بعدها نحو الأدب العُماني فيقبل عليه قراءةً وترجمة؛ ويكون بذلك أول مترجم أذربيجاني يترجم من الأدب العُماني إلى الأذربيجانية؛ حيث كانت المجموعة القصصية (رغيف أسود) للدكتور سعيد السيابي هي أول ما قام بترجمته. قادت هذه الترجمة لتبدأ معها علاقة بين النادي الثقافي العُماني وجمعية الكُتّاب الأذربيجانيين والتي نتج عنها ترجمة (مختارات من الأدب العُماني)، ضمّ الكتاب ترجمة لنصوص مجموعة من الكُتّاب العُمانيين، وقد قام د. رشاد بترجمة القسم الأكبر منه.

ما الترجمة؟

يصف د. رشاد المترجم بأنه الكاتب الثاني للنص؛ فهو يفهم النص جيدا بمعانيه ومشاعره وينقل ذات المعاني والمشاعر بكلماته وأسلوبه، وبهذا لا يتفق الدكتور والعبارة القائلة إن (الترجمة خيانة للأدب)؛ فيقول: إن تمت الترجمة بهذه الطريقة والدقة فلا مجال للخيانة على العكس تماما هناك نص آخر قد خُلق موازيا للنص الأصل فإذا كان المؤلف هو كاتب السيناريو فأنا المخرج حيث أعرض النص بما يحمله من معاني ومشاعر بطريقتي ورؤيتي.

الأدب العُماني

يؤكد د. رشاد على أن المرأة العُمانية قد تبوأت مكانا رائدا في الأدب العُماني، ويقول: لاحظت من خلال ما قرأت أن الأديبة العُمانية قد تقدمت على نظيرها الرجل. ويعلل ذلك كون المرأة هي الأقرب إلى الحياة والمجتمع في موضوعات أدبها؛ فأصبح لها صوت مسموع وبصمة واضحة. ويؤكد الدكتور على أن الأدب يجب أن يكون انعكاسا لحياة الناس وهمومهم ومشاكلهم. فإذا كانت الكتب تقدم لنا حقائق وأرقام فيما يتعلق بقضايا الشارع فالأدب يعرض ويصور لنا ذلك؛ فعن طريق الأدب نحن ندخل البيوت، ونشارك الناس حياتهم، نلبس ملابسهم، ونجلس على مائدة طعامهم، نتحدث بلهجتهم، نحزن لأحزانهم ونفرح لأفراحهم، ومن هنا تنبع أهمية الأدب وحساسية الترجمة أيضا.

تحديات

على المترجم أن يكون عارفا بثقافة البلد الذي سيترجم منه وعاداته وتقاليده، فالترجمة ليست نقل كلمات بل هي نقل ثقافات؛ ولهذا يجب أن يفهم المترجم ويعي الملامح الثقافية لبلد النص، ويطّلع على تراثه ما أمكنه ذلك، وعليه أيضا أن يركز على المصدر الذي يستقي منه المعلومة، فمثلا قد تغيب عن ساكني العاصمة بحكم الاختلاط بالآخرين بعض التقاليد القديمة، ولهذا يلجأ المترجم إلى ساكني القرية للتثبت من معلومة ما. ويذكر مثالاً على أهمية الوعي بالثقافة فيقول: اطلعت مؤخرا على ترجمة لنص عُماني وردت فيه كلمة (لُبان) فترجمها المترجم إلى (لبن) الأمر الذي أخرج النص الأصلي عن معناه، ولهذا فإدراك ثقافة البلد يمثل التحدي الأكبر للمترجم.

الألم

(من رحم الألم يولد الإبداع)، حول سؤالي له عن ماذا ينقص الأديب العُماني، أجاب الدكتور: الألم، وأوضح إجابته فقال: من وجهة نظري الألم هو الدافع الأساس للأديب في أي مكان حتى يكتب، فآلام الناس وأوجاعهم هي ما يجب أن يكون موضوع الأدب، عليه أن يصور لنا ذلك ويعرض لنا ما يمر به الشارع من هموم وآلام، فكما ذكرت أن الكتب قد تعطينا حقائق وأرقام جامدة لكن الأدب هو القادر على عرضها لنا بتفاصيلها. كما أن الأدب قادر على اختزال حقب زمنية بجوانبها الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية، وهذا ما رأيناه في رواية (سيدات القمر) لجوخة الحارثية الفائزة بجائزة المان بوكر (2019)، فأنا اليوم أمشي في عُمان وأشاهد بعض العادات والسلوكيات واستحضر تلك الرواية وأتعجب كيف استطاعت الكاتبة اختزال فترات زمنية في جوانب متعددة بكل عبقرية.

الأول مرة أخرى

أُجيزت رسالة الدكتوراه للدكتور رشاد بقسم اللغة العربية ليكون بذلك أول طالب دكتوراه أذربيجاني يتخرج في جامعة السلطان قابوس. حملت الرسالة عنوان (صورة المرآة بين جبران خليل جبران وحسين جاويد) والتي رصدت نقاط التلاقي بين الأديبين فيما يتعلق بقضايا المرآة باستعمال منهج المدرسة الأمريكية المقارن والذي يقارن بين أديبين دون أن يكون هناك تأثير وتأثر بينهما. يقول د. رشاد: "المرأة هي مرآة المجتمع ولذلك اخترت المرأة موضوعًا لدراستي. كما أنني أردت أن أعرض كل ما يتعلق بقضايا المرأة في فترة الأديبين من وجهة نظر الرجل.

العودة

الدراسة أبعدتني نوعا ما عن الترجمة، ولكن لا انقطع عنها. حاليا أعمل على ترجمة (نهج البلاغة لعلي بن أبي طالب) وسيرى النور قريبا؛ فقد بلغت الثلث الأخير منه.

سأعود إلى الوطن وأنا أحمل الكثير من التجارب والدروس التي تعلمتها من السلطنة خلال دراستي للدكتوراه وأهمها البساطة والتواضع، وستظل حبال الود بيني وبين هذا البلد متصلة دائما. وسعيد جدا بأن حظيت بفرصة الدراسة في هذه الجامعة المرموقة.

About the Author

${CreateUser.DisplayName}