X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

حوار يمهد لك طريق الدكتوراه

" أجرت اللجنة مناقشة علنية للطالب (....) من الساعة العاشرة صباحا، حتى الواحدة ظهرا، عليه قررت اللجنة منح الطالب درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز" 
عمت الفرحة الحضور، لكن واحدا منهم كاد يطير، فكل مر الصبر الذي ذاقه خلال رحلة البحث في بطون المراجع، ذاب في كأس تلك اللحظة، جمرات القلق أضحت بردا وسلاما، فقد حصد بعد طول غرس درجة الدكتوراه.            
مشهد جميل لا شك أن أي طالب علم يتمناه، وهذا الحوار مع الدكتورة هاجر تركي نصار- أستاذ مساعد بقسم الاجتماع والعمل الاجتماعي بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية ـ يمهد لك طريق الدكتوراه؛ فقد قدمت حلقة عمل لطلبة الدراسات العليا عن التحديات التي قد يواجهونها. 

 

هل تعدّ مرحلة اختيار الموضوع مفصلية في مشوار الطالب البحثي؟

بداية أودّ أن أشكر عمادة الدراسات العليا على اهتمامها بتطوير مهارات طلبة الدراسات العليا من خلال تبنيها لبرنامج تدريبي متكامل وثريّ؛ يحقق فوائد ليست أكاديمية فقط؛ وإنما هو فرصة للتواصل بين طلبة الدراسات العليا من مختلف التخصصات وتبادل الخبرات، كما يتيح لهم التواصل مع أساتذة الجامعة من مختلف الكليات.
وبخصوص استفساركم أعلاه فقد كان محور اهتمام الحلقة التي قدمتها التركيز على مرحلة مهمة في مشوار الطالب البحثي وهي مرحلة اختيار الموضوع، ولا شك أنها مرحلة صعبة ومفصلية؛ يبذل فيها الطالب مجهودا ذهنيا كبيرا؛ فهي مرحلة ذات تسلسل وخطوات مترابطة؛ لذلك تبدو هذه المرحلة وكأنها مجموعة مراحل في مرحلة واحدة، وهي مرحلة تتطلب الإنجاز والتأني في اتخاذ القرار، ويزيد صعوبتها شعور الطالب أن المطلوب منه أكثر بكثير مما يمكن تقديمه، وهي مرحلة يكثُر فيها التعديل والتصويب، وقد يصل الأمر إلى تغيير المسار أحيانا.  
 

ما العوامل التي تزيد أو تقلل من ضغط هذه المرحلة على الطالب؟
هناك العديد من العوامل التي تسهم في زيادة ضغط هذه المرحلة على الطالب، منها على سبيل المثال مواصلة الطالب أو انقطاعه عن الدراسة فترة من الزمن، حيث يمكن أن يكون ذلك مؤشرا على حجم الصعوبات التي التي قد يواجهها، أيضا عدم وضوح الهدف لدى الطالب من إقباله على الدراسات العليا، فقد يكون الهدف في بعض الأحيان مجرد إرضاء لرغبة الآخرين، فكلما كانت أهدافه نابعة من قناعاته؛ زادت قدرته على تحمل ضغوط هذه المرحلة وزادت دافعيته للمواصلة؛ فهذه هذه المرحلة مرتبطة بسمات الطالب الشخصية، كالقدرة على تحمل الضغوط والصبر عليها، واتخاذ القرار وإدارة الوقت. 

ما أكثر التحديات التي تواجه الطلبة في التعامل مع مصادر اختيار موضوع الدراسة؟
التحدي الأكبر أمام الطالب؛ هو كيف يفكر في هذه المصادر ثم كيف يصل إليها ثم كيف يرتبها حسب أهميتها بالنسبة له، ثم كيف يستفيد منها بالفعل ومن تنوعها؛ حيث إنه وبالرغم من تنوع هذه المصادر إلا أن الطلبة يعتمدون غالبا على مصادر بعينها، ولا شك أن انفتاح الطالب على هذه المصادر يعتمد على الاستعداد المبكر، ورغم أن الطلبة يبدأون بالتفكير في موضوعات لأطروحاتهم في المرحلة التمهيدية إلا أن الكثير منهم قد لا يصل إلى نتيجة وربما يتراجع ويؤجل الأمر والسبب أن البحث عن الموضوع يكون عشوائيا ولا يرتبط بخطة. تتعدد مصادر اختيار موضوعات الدراسة ويأتي في مقدمتها الخبرات الأكاديمية التي تتشكل من خلال القضايا المطروحة في المقررات الدراسية، بالإضافة إلى خبرات الحياة اليومية التي قد تستحق الاستقصاء، أيضا المراقبة المنهجية قد تكون مصدر لفكرة بحثية فعّالة، وكذلك الخبرات الميدانية من خلال التدريب وتتبع احتياجات المؤسسات ذات الصلة بالتخصص. كما تعدّ البيبلوغرافيا الخاصة بالقسم مصدرا مهما لاختيار مشكلة البحث.
 

هل هناك معايير لابد أن يراعيها الطالب عند اختيار موضوع الدراسة؟
نعم، وهذه المعايير بعضها متعلق بالطالب والبعض الآخر متعلق بظروف موضوعية، سأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: مدى توافر المراجع والى أي مدى تثير القضية محل الدراسة فضول الطالب ودافعيته للبحث فيها وتقديم حقائق علمية مثبتة وليس مجرد وجهات نظر، أيضا الى أي مدى تكون مشكلة البحث ذات طابع عام وتهم شريحة كبيرة من الناس، الأمر الذي يضيف قيمة اجتماعية كبيرة ويسهم في تعميم نتائج البحث، وأخيرًا أن تتيح القضية محل الدراسة إمكانية الاستفادة من الموارد التي تتيحها الجامعة خاصة من خلال مراكز البحوث.
 

ماذا عن مراعاة الجوانب الأخلاقية عند اختيار موضوع الدراسة؟
يمكن النظر إلى موضوع الأخلاقيات والآداب العلمية في مرحلة اختيار موضوع الدراسة من زاويتين الأولى باعتباره محددًا لاختيار الموضوع وهنا ينبغي تقدير الجوانب الأخلاقية وأن يؤخذ بعين الاعتبار قيم الباحث وتوجهاته وما يعتقد به وإيمانه ببعض القضايا، كأن يعتقد مثلا أن البحث في مجال الخلايا الجذعية الجنينة أخلاقي أو لا أخلاقي، وهنا لابد من الاتصاف بالموضوعية  بكل الأحوال والبعد عن التحيز لمشكلة معينة مع ضرورة عدم تدخل اختيارات الباحث وانتقائيته في أي مرحلة من مراحل البحث ولا يمنع ذلك وجود دافع معنوي لدى الطالب لاختيار قضية معينة للدراسة إلى جانب العديد من العوامل التي تؤثر في اختيارات الطالب كالميول واستعدادات الطالب وقدراته وأهدافه وسماته الشخصية، ومن المهم أن يتعرف الطالب الباحث إلى قيمه وما يحمله من قيم توجهه، فإذا كان يؤمن على سبيل المثال بقضايا البيئة وضرورة الحفاظ على الثروة الحيوانية سيختار بطبيعة الحال قضايا للدراسة أقرب ما تكون لما يؤمن به.
من زاوية ثانية يمكن النظر لموضوع الاخلاقيات والآداب العلمية بطريقة مؤسسية بكونها إجراءات ملزمة، وهذا الدور تقوم به عادة لجان المراجعة المؤسسية بإصدارها دليل للقواعد واللوائح الأخلاقية مع متابعة ضمان الالتزام، حماية للجامعات والمجتمعات وهنا لابد أن يطلع طلبة الدراسات العليا على ما يستجد بخصوص الإجراءات المتعلقة بذلك.

نختم حديثنا بكلمة تقدمينها لطلبة الدراسات العليا؟

أولًا والأهم الحفاظ على صحتهم النفسية والعمل على تعزيزها باستمرار خلال مشوارهم البحثي، ويمكن أن تضطلع الجامعة بدور مهم في ذلك من خلال إنشاء نادٍ لطلبة الدراسات العليا يتبادلو فيه الخبرات والتجارب، وعليه يقوم الطلبة في إطار عضويتهم في هذا النادي بتنظيم أنشطة وملتقيات تسهم في بقائهم متواصلين مع جميع مكونات المجتمع الجامعي.
ثانيا، الخروج من عباءة الطالب إلى التعامل بعقلية الباحث. ثالثا، الاهتمام بجودة العمل وألا يكون إنجازه هاجسا على حساب الجودة والاتقان فيه.

About the Author

حسن اللواتي

حسن اللواتي

رئيس قسم الإعلام