X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

تعليم عن بعد ... ولكن!

مع اقتراب نهاية الإجازة الصيفية وبدء العام الدراسي الجديد؛ تُثار تساؤلات عديدة حول تجربة التعليم عن بعد.. فكيف قيّمت الجامعة تجربتها؟ وماذا يقول طلبة الدراسات العليا عن أهم التحديات التي واجهتهم؟ وهل غيرت أزمة جائحة كورونا مفاهيم وأساليب التعليم لدينا؟ كل ذلك في الموضوع الآتي:

تجربة الجامعة

تقول الدكتورة ماجدة بنت طالب الهنائية – مديرة مركز التعلُّم الذاتي: “مع بداية تعطيل الدراسة في الأسبوع الثامن من ربيع 2020م تفاعلت مختلف الكليات والمراكز مع ما أُطلق عليه “التعليم الطارئ عن بعد” بهدف ضمان استمرارية العملية التعليمية في ظل الوضع الاستثنائي الذي فرضته الجائحة. وتبنَّت الجامعة خططًا مرنة تتيح للطلبة مواصلة الدراسة بعبء أقل من 9 ساعات معتمدة إلى جانب تمديد فترة الانسحاب من المقرر لنهاية آخر أسبوع في الدراسة، وغيرها من التسهيلات التي قدَّمتها الجامعة للتيسير على الطلبة في ربيع 2020م”.

وأضافت عن الجانب التقني قائلة: “كما نعلم جميعًا.. عملية التعليم عن بعد تستند إلى البنية التحتية التقنية، التي تستثمر فيها الجامعة منذ سنوات عديدة بتبنيها لمنصة موودل للتعليم الإلكتروني وكذلك تطبيق Big Blue Button للتعليم عن بعد المتزامن. ثم أرفدت الجامعة هاتين المنصتين بإتاحة حزم تطبيقات جوجل للتعليم، وجميع ذلك مدعوم بمزودات الأنظمة ذات المواصفات العالمية التي تمتلكها الجامعة؛ وكان لذلك الأثر الأساسي في تسهيل العمل على الأكاديميين في مختلف الكليات بالجامعة وتهيئة المقررات لعملية التعليم الطارئ عن بعد”.

وتابعت: “أما على مستوى الكليات فقد حرصت جميع الكليات على تشكيل لجان لمتابعة سير عملية التعليم الطارئ عن بعد، وكذلك كثفت لجان التواصل مع الطلبة من أعمالها للتنسيق بين الطلبة والأكاديميين وتذليل أي صعوبة تواجه الطلبة أثناء التعليم عن بعد. وبصورة عامة التجربة كانت مدعومة بكل الجهود المبذولة من جميع الأطراف، أكاديميين وإداريين وفنيين وطلبة، وتعد ناجحة مما دعا الجامعة لتبنيها حاليًا في صيف 2020م”.

ويرى الدكتور نبهان بن حارث الحراصي ـ عميد كلية الآداب والعلوم الاجتماعية – أن تجربة الجامعة في التعليم عن بعد تجربة ناجحة بشكل عام، وخطوة جريئة اتخذتها الجامعة في التعامل مع الجائحة، بالنظر إلى أن النظام التعليمي القائم على الساعات المعتمدة لا يحتمل التأجيل والتأخير. وأضاف موضحًا: “خلال هذه الفترة تطورت النظم الآلية المساعدة، وكذلك البرمجيات المستخدمة في التعليم الإلكتروني، واستطاعت الجامعة في وقت وجيز أن تخرج من الملاحظات والإشكاليات المصاحبة للتعليم الإلكتروني، من ناحية أخرى صاحبت التجربة حلقات عمل وتدريب للطلبة وأعضاء هيئة التدريس لغرض رفع المهارات اللازمة لاستخدام مختلف البرامج”.

تحديات التقنية

عن التحديات التي وقفت في وجه هذه التجربة الجديدة، يقول الدكتور الحراصي: “هناك تحدٍّ كمُن في صعوبة تلقي التعليم من البيت عند البعض، فتجده ينهمك في النشاط الاجتماعي متجاهلا الوقت الذي يفترض أن يصرفه في التعليم، والاستماع إلى المحاضرات. والتحدي الآخر يتعلق بتنظيم الوقت، إذ يبقى ضروريًّا في بيئة التعليم الإلكتروني؛ فالطالب ملزم بدراسة مجموعة من المقررات في الوقت نفسه، وكذلك القيام بأعمال وتكاليف يسلمها أسبوعيًّا، ودون تنظيمٍ جيد للوقت قد يصعب عليه تحقيق هذا الهدف!”.

وتذكر أسماء بنت علي البلوشية – ماجستير علم النفس التربوي – أن أهم التحديات أو المعوقات التي واجهت الطلبة أثناء التعليم عن بعد: “هي التحديات التقنية؛ إذ إن التقنية لها جانب إيجابيّ وجانب سلبيّ؛ واستخدام التعليم عن بعد وهو وسيلة قد تكون جيدة في هذه المرحلة ولكن أحد أهم عيوبها عدم وجود تغطية جيدة للإنترنت. إضافة إلى صعوبة التركيز وعدم توافر المكان المناسب، فلكل أسرة ظروفها، والتعليم عن بعد لا يتطلب استحضار قدرات الطالب فحسب وإنما يحتاج أيضًا دعمًا أسريًّا ومكانًا مهيأ فيه خصوصية وأدوات وتقنيات داعمة”.

وتقول إيمان بنت سليمان الجابرية – ماجستير صعوبات التعلم: “لعل من أبرز التحديات التي واجهتها في التعلم عن بعد هو ضعف شبكة الإنترانت في المنطقة التي أعيش فيها، مما نتج عنه تغيبي أحيانًا عن بعض المحاضرات على برنامج (جوجل ميت) وتأخري في تسليم بعض المهمات والتكليفات، ووجود صعوبة أحيانًا في تحميل بعض المواد العلمية التي تتطلب وجود شبكة قوية”.

وتابعت عن صعوبة التوفيق بين الأسرة والدراسة عن بعد: “كما أن التعلم عن بعد أوجد تحدّيًا آخر وهو التوفيق بين الأسرة والدراسة، إذ أني أم وطالبة في الوقت ذاته وقد تزامن التعلم عن بعد مع فترة الحجر المنزلي والإغلاق، فلا وجود لحضانات أو أماكن أضع فيه أطفالي وقت الدراسة! وكذلك أجواء المنزل والأسرة هي الأخرى شكّلت تحديًّا من نوع آخر، فكان لابد من البحث عن الهدوء وعن مكان ملائم للدراسة في المنزل في ظل وجود الأسرة، ولا أنسى أن بعض ساعات المحاضرات لم تكن ملائمة تمامًا بل رضخنا لها بناء على اتفاق غالبية الطلبة، وعلى نحو عام أحسست في التعلم عن بعد بشيء من الضغط وكثرة المادة العلمية التي كان علينا تعلمها بشكل ذاتي تقريبًا”.

أما عبدالله بن أحمد السلامي ـ طالب ماجستير كلية الحقوق قانون تجاري – فيقول: “يمكننا إجمال الصعوبات والتحديات التي يواجهها الطلبة أثناء التعلم عن بعد في صعوبة الحصول على شبكة إنترنت مناسبة ومتوفرة في كل الأوقات وفي كل الأماكن بما يخدم العملية التعلمية المستمرة، فهناك مناطق قد لا تتوفر فيها خدمة الإنترنت وقد تكون متقطعة في بعض الأوقات في مناطق أخرى. كما قد لا يتوفر لفئة من الطلبة جهاز حاسب آلي خاص به، وإن توفر فقد يواجه بعض الطلبة تحدي عدم معرفتهم بمهارات التعامل مع البرامج التقنية الحديثة والمنصات الإلكترونية إذ لم تتوفر لهم الخبرة السابقة في ذلك، وهنا قد تكون الصعوبة مزدوجة إذا ما كان المحاضر يواجه التحدي نفسه، هذا إضافة إلى غياب التواصل المباشر بين الطالب والمحاضر بالحضور الشخصي والذي يعد من أهم عناصر نجاح أي تواصل بشري”.

حلول منفردة

يقول الدكتور الحراصي ناصحًا الطلبة للتكيف مع هذا النظام التعليمي: “أنصح الطلبة في حال الاستمرار في التعليم عن بعد بالتعلم الذاتي من جهة، وحضور حلقات العمل التي تصاحب التعليم الإلكتروني من جهة أخرى؛ نظرًا لأنها تساعد في رفع قدراتهم حول استخدامها واستثمارها في خدمة التعليم والتعلم. أما في مجال التعليم، فأنصحهم أيضا بالاستفادة من قواعد البيانات الإلكترونية التي وفّرتها الجامعة، لتكون معينة لهم لاستكمال أبحاثهم وواجباتهم، وهذه القواعد ثرية وكبيرة، وتضم أفضل المجلات العلمية المحكمة”.

وتقترح أسماء البلوشية لزملائها الطلبة في حالة الاستمرار في التعليم عن بعد، استخدام برامج لإعداد مجموعات دراسية مع زملاء الدراسة ليتمكنوا من قضاء بعض الوقت في مناقشة الأفكار، وتستدرك: “ولكن قبلها لابد من أن تخطط لما ستناقشه وتحاول الالتزام بالموضوع حتى تظل المناقشة مثمرة ولا تتشعب حول أشياء أخرى. كذلك عليك أيضا الانخراط في التعلم الخاص والبقاء على اتصال بأساتذة المواد الدراسية، والتأكد من أن لديك جميع الأدوات المناسبة للدراسة، والتفكير في مساحة للدراسة في المنزل وتهيئتها لتكون أكثر تركيزًا وإنتاجية”.

وتضيف إيمان الجابرية: “نصيحتي، وبناء على واقع تجربتي، أن على الطالب ألا يستسلم لظروفه مهما تكون، فقد تكون تلك الظروف هي مشكلته لوحده فقط، لذا عليه مجاراة الآخرين قدر استطاعته بأن يجد حلولًا لنفسه تلائمه وتلائم البيئة التي يعيش فيها. عليه أن يكون صبورًا قوي الإرادة قليل التذمر مجاهدًا من أجل طلب العلم واثقًا بربه العالم بوضعه وجهاده من أجل الوصول لأحلامه”.

أما عبدالله السلامي فيقول: “في حال استمرار التعلم عن بعد أنصح زملائي بأخذ الموضوع بجدية واهتمام بالغ؛ إذ إنه السبيل الوحيد حاليًّا المتاح أمامهم للتحصيل الأكاديمي الذي يطمحون إليه، وعليه يجب عليهم التوسع في معرفة ثقافة التعامل مع البرامج التقنية والمنصات الإلكترونية، وتعلم كل ما هو جديد في هذا المجال حتى يتسنى لهم متابعة الدروس والمحاضرات المعروضة في منصات التعليم بشكل مستمر”.

انتصار مشلول

تقييمًا لتجربة التعلم عن بعد في ظل جائحة كورونا والتطور الذي قدمته للتعليم وأساليبه، تقول الدكتورة ماجدة الهنائي: “قد يظن البعض أن أزمة كورونا بمنزلة أكبر انتصار لعملية تطوير المنظومة التعليمية بالكامل، ومن جانبي أتفق معهم ولكني أراه انتصارًا “مشلولًا” إن لم تدعمه البنية التحتية للاتصالات، فوجود شبكة بيانات قوية واسعة الانتشار غدا من البديهيات في جميع الدول المتقدمة، والتطور الرقمي في شتى القطاعات، وليس فقط التعليم، يفرض نفسه وبقوة ويحث على حتمية الدعم الشبكي لتمكين تلك القطاعات. ويمكن القول أن تطوير شبكات الاتصالات سيصبح بمنزلة تعزيز أحد أهداف التنمية المستدامة ألا وهو المساواة في الفرص والحق في التعليم الجيد للجميع بغض النظر عن المستوى الاجتماعية أو المالي”.

وتكمل مؤكدة على دعم الحلول: “وأيضًا لابد من التفكير في دمج الأهالي في العملية التعليمة بصورتها الحديثة مع ضرورة توفير أجهزة لوحية لكل طالب. الأمر الذي قد يظنه البعض مكلفًا، لكنه في واقع الأمر قد يكون متاحًا. فالأجهزة اللوحية أصبحت متوفرة بأسعار جيدة تشمل الدعم والصيانة. وقد تقل تكلفتها عن طباعة الكتب المدرسية النمطية. وهنا لابد أن تكون لنا وقفة لتدبر حتمية تحديث وإعادة صياغة المناهج الدراسية المدرسية والجامعية بما في ذلك عملية التقويم عن بعد وأدواتها”.

وعمّا تراه الأنسب في المستقبل بعد الجائحة تقول: “من وجهة نظري، أفضل أن يصبح سيناريو للتعليم بعد الجائحة مدمجًا مع ضرورة الإسراع في تدريب المعلمين والمشرفين التربويين على المتغيرات التي ستطرأ على المنظومة التعليمية. صحيح أن التعليم عن بعد خطوة للتطوير لكن حتمًا لن تغني عن الحرم الدراسي سواء الجامعة أو المدرسة، حيث يمارس الطالب عمليتي التواصل والتعاون”.

 

About the Author