X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

تمكين المرأة العمانية في البحث العلمي!

الدكتورة أنفال الوهيبية

لتمكين المرأة العمانية في مجال البحث العلمي والابتكار لابد من تشخيص واقع المرأة في المجال البحثي لتحديد الصعوبات التي تواجهها سواء على مستوى الحصول على الدعم أو نشر البحث في وعاء علمي مرموق، فما هو واقع المرأة العمانية في مجال البحث العلمي؟ وما التحديات التي تواجهها؟ وما الحلول المُمكنة لتحسين نوعية الإنتاج العلمي المنشور للفرق البحثية النسائية؟ نطرح هذه الأسئلة على مجموعة من الأكاديميين في الاستطلاع الآتي:

ما هو تشخيصكم لواقع المرأة العمانية في المجال البحثي على المستوى المحلي؟

تقول الدكتورة أنفال بنت ناصر الوهيبية، مساعدة العميد للخدمات الاجتماعية بعمادة شؤون الطلبة: “حظيت المرأة العمانية منذ انطلاقة النهضة المباركة برعاية وعناية فائقة، وتكريم متميز من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – طيب الله ثراه – إذ قال: “إن الحكومة والشعب كالجسد الواحد إذا لم يقم عضو منه بواجبه اختلت بقية الأجزاء في ذلك الجسد”، ومن هذا المنطلق تم تعزيز وحماية حقوق المرأة، ولقد أثبت المرأة جدارتها في جميع المجالات بما فيها مجال البحث العلمي، وكانت ولا زالت هناك مساوة بين الجنسين فيما يخص هذا المجال و يعود هذا إلى الدعم الحكومي لتمكين المرأة وفتح مجال التعليم والتعلم لها.
غير أنه بناءً على الإحصاءات العالمية وجد تباين ملحوظ ما بين نسب المشاركة البحثية للإناث والذكور فيما يخص قطاع البحث العلمي، إذ ترتفع النسبة ما بين الذكور وهذا الأمر ينعكس كذلك على المشاركات على المستوى المحلي، ولقد ذُكر في دراسات عالمية أسباب عدة لهذه الظاهرة مع التأكيد أن فروق المشاركة ما بين الجنسين لا تعتمد على خبرات الطرفين ولا على الفرق الجيني ما بينهم، ولكن على ضرورة خلق التوازن بين المشاركة العلمية/البحثية والظروف الداخلية والخارجية المصاحبة لكلا الجنسين التي تندرج تحت أسباب اجتماعية و ثقافية”.
ويجيب الدكتور حمود بن خميس النوفلي، أستاذ مشارك بقسم علم الاجتماع والعمل الاجتماعي بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية، عن سؤال أين هي المرأة العمانية في خريطة البحث العلمي على المستوى المحلي؟ فيقول: “المرأة موجودة وبذات المستوى الذي عليه أخوها الرجل في جانب البحث العلمي، كونها تحصل على ذات الفرص في المجال التعليمي والبحثي، ففرصتها متساوية تمامًا في جانب البحث العلمي، بل أن كثيرًا من المشاركات البحثية والمراكز الدولية في مجال البحث العلمي كانت من نصيب المرأة، فتعيينها كأكاديمية أو في المراكز البحثية في الجامعات أو خارجها يتم بشكل متساوٍ مع أخيها الرجل، ويكفي أن نذكر القارئ بما يحصل هذه الأيام من زخم إعلامي ونشر ودعم من الجميع للمبتكرة سمية بنت سعيد السيابية، فرأينا عددًا من معالي الوزراء دعموها، والجميع يقف خلف فوزها بابتكارها في الميكروبلاستيك والذي يحافظ على بيئة البحار والمحيطات من تلوث البلاستيك، والأمثلة كثيرة في تصدر المرأة العمانية للمجال البحثي”.
وتؤكد الدكتورة فاطمة بنت محمد الكاف، أستاذ مساعد في كلية التربية، أن للمرأة العمانية دورًا حيويًّا يمثل نصف المجتمع في عملية التنمية الوطنية، ليس فقط من خلال المشاركة بالعمل والجهد في هذا المجال أو ذاك، ولكن أيضا من خلال الدور الاجتماعي الحيوي الذي تقوم به المرأة العمانية كأم وربة منزل في إعداد الأجيال العمانية وزرع القيم والتقاليد العمانية الأصيلة فيها، والإسهام كذلك في ترشيد وزيادة الادخار والاستغلال الأفضل للموارد المتاحة لها في إطار الأسرة العمانية. ويبقى ما تحقق للمرأة العمانية مصدر فخر لكل العمانيين، فقد نالت اهتمام السلطان قابوس – رحمه الله – بجعل السابع عشر من أكتوبر من كل عام يومًا للمرأة العمانية.

الدكتورة هدى النعمانية

وتشاركنا الدكتورة هدى بنت سالم النعمانية، عميدة كلية التمريض، في هذا الاستطلاع وتقول: “أرى أن المرأة العمانية في مقدمة الباحثين، وجزء أساسي من فرق البحث العلمية في كل المجالات وعلى مختلف المستويات. فما زلنا نشهد تكريم المرأة العمانية لحصولها على جوائز عالمية في مجال البحث العلمي، والابتكار وبراءات الاختراع. وهذا ينطبق على المرأة العمانية العاملة وعلى الطالبة في مؤسسات التعليم العالي. والجدير بالذكر أن جامعة السلطان قابوس تزخر بالكثير من الباحثات العمانيات اللواتي يرفدن المجتمع العماني بدراساتهن وبحوثهن القيمة”.

وتقول الدكتورة رحيمة بنت حمد الخروصية، رئيسة قسم القانون الخاص بكلية الحقوق: “بالنسبة لواقع المرأة في المجال البحثي في سلطنة عمان هو واقع يشهد بأن المرأة العمانية بعد التعليم العالي تتاح لها فرص متساوية لشقيقها الرجل في المجال البحثي. فلم نشهد في سلطنة عمان أن هناك نصوصًا قانونية أو إجراءات منظمة للأعمال البحثية تميز بين الباحثين بسبب الجنس، فكلا الجنسين تتاح لهما الفرص نفسها في البحث العلمي، ومع ذلك ربما بعض الأكاديميات قد يتأخرن في الولوج إلى المجال البحثي لأسباب أسرية بحتة لا علاقة لها بالوسط العملي .
فيما يتعلق بالعمل على مستوى فريق بحثي قد يتوقف على الحقل العلمي ذاته ففي الحقل القانوني جرت العادة أن تتميز الأبحاث الفردية، ولم نقف على أهمية الانخراط في فريق بحثي إلا بعد الانضمام إلى جامعة السلطان قابوس، والتحدي هنا يتمثل في البحث عن الشريك الثقة الذي بالإمكان تكوين فريق معه والذي يتعين أن يكون لديه الميول البحثية نفسها”.

الدكتور حمود النوفلي

ما الصعوبات والتحديات التي قد تواجهكم ؟

تقول الدكتورة أنفال: “لا توجد إحصاءات شفافة في القطاع البحثي على مستوى سلطنة عمان تسلط الضوء على هذه التحديات والصعوبات، ولكن كما ذكرت سلفًا أنها قد تعود إلى أسباب اجتماعية وثقافية وكذلك اقتصادية تنعكس طردًا على مستوى المشاركة ونسبتها”.
ويضيف الدكتور حمود: “الصعوبات تواجه الرجل والمرأة على حد سواء، ولا أعتقد أن ثمة أي معوقات دينية أو اجتماعية أو قانونية أو رسمية تقف حائلًا دون مشاركتها بالبحث العلمي، أما الصعوبات الفردية لكل حالة على حدة فهذا أمر قد يكون موجودًا، ولكن كما ذكرت تبقى حالات فردية فقط؛ فبعض الفتيات قد تواجه معارضة من الأهل أو الزوج وخاصة إذا كان مجال البحث يتطلب سفرًا أو عملًا ميدانيًّا به مبيت أو بصحفة فريق رجالي، ولكن كما قلت يوجد تذليل وتفهم لذلك، وتوجد حلول”.
وتقول الدكتورة فاطمة الكاف: “بالنسبة للصعوبات التي قد نواجهها في مجال البحث العلمي، فهي كالآتي:
قلّة التمويل: قد تواجهنا نحن كباحثين غالبًا صعوبةً في تأمين التمويل اللازم للأبحاث العلمية وضمان استدامتها، خاصةً وأنّ بعض الأبحاث تتطلّب موازنات ضخمة، ويزداد تفاقم هذه المشكلة مع ازدياد عدد المشاركين في البحث العلمي وانخفاض موازنات الدول المُخصَّصة للإنفاق على البحث العلمي.
انتشار الأبحاث العلمية غير الدقيقة: أصبحت الدراسات ذات العيوب والمشاكل الإحصائية مصدر قلق كبير في الأوساط الأكاديمية، وهو ما يجعل بعض الباحثين يلجأون إلى التلاعب في تصميم دراساتهم، أو يعتمدون على أنماط ركيكة من البيانات بهدف إظهار نتائج أكثر جاذبية للمجلات بغض النظر عن دقّتها وجودتها، وهو ما يؤدّي لاحقًا إلى وجود عدد كبير من النتائج والأبحاث المنشورة ليس لها أهمية أو إضافة علمية حقيقية، الأمر الذي يُشكّل إهدارًا للمال والموارد.
إهمال الأبحاث المكررة: قد تواجهنا صعوبةً في دراسة النتائج التجريبية المنشورة في أبحاث سابقة، بهدف اختبارها وتطويرها والتحقق من صحتها؛ وذلك نتيجة سياسات النشر المتبعة في معظم المجلات العلمية، والتي تُركّز على نشر الأبحاث ذات النتائج الأصلية والرائدة؛ حيث تُحبط هذه المجلات جهود الباحثين للبحث في مواضيع مشابهة؛ لاعتقادهم أنّ هذا النوع من الدراسات يفتقر للجدية والأصالة العلمية، وهو ما كان سببًا لعزوف بعض المجلات والباحثين والهيئات المموّلة عن استثمار مواردهم في الدراسات المكرّرة.

الدكتورة فاطمة الكاف

سوء نظام التحكيم: يُعد التحكيم العلمي أساس النشر العلمي، إلّا أنّ عملية التحكيم قد تتخلّلها بعض المشكلات التي تؤثّر سلبًا على سير البحث العلمي، مثل: تأخّر المُحكّمين في عملهم المُتمثّل بمراجعة البحوث العلمية، أو تقديم بعضهم تقييمًا غير مفيد أو غير محايد، أو إجبار الباحثين على إجراء تجارب إضافية أو تغييرات غير ضرورية.
صعوبة الوصول إلى الأبحاث السابقة: فالعديد من الناشرين المهمّين ما زالوا يُديرون مجلاتهم بالاعتماد على نظام الاشتراك؛ أيّ الحصول على البحث مقابل دفع مبلغ مالي، وهو أمر يُشكّل تحدّيًا للباحثين والمؤسسات بسبب رسوم الاشتراك المتزايدة باستمرار.
غياب التواصل مع الجمهور: فمن المعروف أنّ هناك فجوة اتصال واسعة بين المجتمع العلمي وغير العلمي نتيجة غياب أساليب التواصل والتنسيق بينهما، وقد أدّى ذلك إلى إساءة فهم الحقائق العلمية وانقسام الآراء حولها.
وحول هذا السؤال تجيب الدكتورة هدى وتقول: “من وجهة نظري لا أرى أية صعوبات تواجه المرأة في إنتاج البحث العلمي، وحتى فيما يخص براءات الاختراع إذا ما توافرت لها كل المصادر اللازمة والدعم المطلوب. فالتحدي الحقيقي لأي باحث يكمن في الدعم المادي والمعنوي، لذلك فإنه من المهم تسخير هذه المصادر للباحث كالتمويل والتدريب والمختبرات والمساندة المستمرة وغيرها من سبل الدعم التي تعينه على تحقيق مبتغاه. وخير مثال على ذلك نجاح الباحثة العمانية المبتكرة سمية السيابية وغيرها من النساء اللواتي تم تكريمهن على المستوى المحلي والدولي”.


الدكتورة رحيمة الخروصية

تضيف الدكتورة رحيمة الخروصية: “بالنسبة للدعم في المجال البحثي فجامعة السلطان قابوس ممثلة في عمادة البحث العلمي فتحت أفاقًا عديدة كمنح للباحث الأكاديمي وفق إجراءات مبسطة، والعديد من الأبحاث التي نالت جوائز متميزة كانت من تأليف العنصر النسائي، فيبقى التحدي الحقيقي في الحصول على مجلات علمية مرموقة للنشر فيها؛ إذ الأغلب الأعم يستغرق سنوات حتى ينشر البحث العلمي الأمر الذي قد يفقده مضمونه مع مرور الزمن”.

 

ما أكثر المجالات البحثية التي تبرع فيها المرأة فيما يخص البحوث العلمية؟


يقول الدكتور النوفلي: “حقيقة المجالات البحثية سواء أدبية أو علمية تشارك بها المرأة، بسبب إتاحة الفرصة لها للتخصص في كل التخصصات سواء هندسية أو طبية أو مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية أو التربوية أو الزراعية، أو حتى في مجالات النفط والغاز، وهذا أتاح لها أن تشارك في المجال العلمي والبحثي بعد ذلك، ولكن نجد أن المجال التربوي هو المجال الأكثر إقبالا من المرأة، كون الانتساب إليه من المرأة كان قديمًا وكذلك مرغوبًا، ومقبولًا اجتماعيًّا، وإضافة إلى أن كثيرًا من التخصصات العلمية دخلت لها المرأة في سنوات متأخرة، كالنفط والغاز والتخصصات الهندسية كالهندسة المعمارية والمدنية”.
وتشير الدكتورة هدى إلى أن كل المجالات بلا استثناء، على سبيل المثال لا الحصر مجالات العلوم البيولوجية والكيميائية والهندسة ومجالات الطب والصحة والعلوم الاجتماعية، والنتاج البحثي المتنوع والغزير في سلطنة عمان؛ خير دليل على إبداع الباحثين العمانيين في شتى المجالات.

 

 

ما نصائحكم لتمكين المرأة بشكل أفضل على مستوى البحث العلمي؟


وفي الختام تضع الدكتورة أنفال مجموعة من النصائح لتمكين المرأة على مستوى البحث العلمي وتقول: تسليط الضوء إعلاميًّا على التشريعات القانونية المختصة بفرص التكافؤ ما بين الجنسين. وضع موازنات مالية لعمل دراسات لتعنى بالصعوبات والتحديات التي تواجه المرأة في مجال التمكين على المستوى البحث العلمي. وضع برامج تأهيليه لكلا الجنسين لتحقيق التقدم العلمي. دعم المؤسسات الأكاديمية العامة والخاصة للكادر النسائي في مؤسساتهم وتذليل التحديات التي قد تواجههن من إدارتهم.

 

 

About the Author