هل للنظام الغذائي علاقة بالقدرات المعرفية للطفل؟
نعم، كما تقول الدراسات والأبحاث العلمية فهناك علاقة وثيقة توضحها الدكتورة رقية بنت موسى البلوشية، أستاذ مساعد بكلية العلوم الزراعية والبحرية – قسم الغذاء والتغذية، في الحوار الآتي:
- هل يؤثر النظام الغذائي للطفل على قدراته المعرفية؟
هناك مجموعة متزايدة من الإثباتات العلمية التي تشير إلى أن النظام الغذائي أثناء الطفولة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالقدرات المعرفية للطفل لاحقًا. في أحد الأوراق البحثية الحديثة تم تحليل ثمانية دراسات فحصت العلاقة بين النظام الغذائي والنتائج المعرفية، وجدت الورقة البحثية أن الأنظمة الغذائية الصحية للطفل ترتبط بنتائج معرفية أفضل. فيما يتعلق ببعض الدراسات التي تم مراجعتها كجزء من هذه الورقة البحثية، تم استخدام طرق مختلفة لتقييم النظام الغذائي والنتائج المعرفية. على سبيل المثال، فحصت إحدى الدراسات العلاقة بين النظام الغذائي وتحقيق “معايير المرحلة الرئيسية”، وهي طريقة لتقييم تحقيق المعرفة المناسبة على مستوى الصف بين الطلبة.
وجدت هذه الدراسة أن اتباع نظام غذائي عالٍ في الوجبات السريعة على وجه الخصوص ارتبط بتحقيق درجات أقل. أنشأت دراسة أخرى مقياسها الخاص لجودة النظام الغذائي وتأثيرها على القدرات المعرفية ووجدت أن الأطفال الذين لديهم أنظمة غذائية ذات جودة أفضل لديهم قدرات معرفية أفضل حيث تم قياسه باستخدام معدل الذكاء. ووجدت دراسة أخرى أن تناول المزيد من الأطعمة المصنعة في الأعمار الأصغر كان مرتبطًا بانخفاض معدل الذكاء.
بناءً على هذه الدراسات ودراسات أخرى، يبدو أن هناك أدلة قوية على وجود ارتباط وثيق بين النظام الغذائي أثناء الطفولة والنتائج المعرفية، جميع الدراسات المذكورة أعلاه كانت قائمة على الملاحظة. على وجه الخصوص، غالبًا ما يرتبط النظام الغذائي بالعوامل الاجتماعية الاقتصادية، التي يمكن أن يكون لها أيضًا تأثير على الإدراك المعرفي. إضافة إلى ذلك، في بعض الحالات كان تأثير النظام الغذائي على الإدراك محدودًا، مما يشير إلى أن العوامل الأخرى مهمة أيضًا.
- ما الطعام المناسب للأطفال في مراحلهم العمرية التي تتشكل فيها مهاراتهم المعرفية؟
في حين أن هناك أدلة جيدة على أن النظام الغذائي له تأثير على المهارات المعرفية، فإن تحديد أفضل الأطعمة لتحسين الإدراك يمكن أن يمثل تحديًّا كبيرًا. أشارت بعض الأبحاث إلى أن الأغذية من المصادر الحيوانية هي الأفضل للنمو المعرفي للأطفال. في حين اقترحت أبحاث أخرى أن الاستهلاك الجيد للفواكه والخضروات في الأعمار الأصغر يرتبط بتحسين المهارات المعرفية بما في ذلك ارتفاع معدل الذكاء.
على الرغم من أن بعض الأبحاث قد تشير إلى أن تناول منتجات الألبان قد يرتبط بتحسين المهارات المعرفية، فلا يوجد حتى الآن أدلة كافية للتوصل إلى استنتاجات حازمة بأن هناك علاقة قوية.
هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتحديد الطعام الأنسب تمامًا للنمو المعرفي للأطفال، في حين أن الكثير من الدراسات تشير إلى أن الأطعمة الحيوانية ومنتجات الألبان والفواكه والخضروات قد تكون مفيدة. ولكن المزيد من الدراسات، لا سيما الدراسات التجريبية العشوائية مطلوبة للتوصل إلى نتيجة حازمة لهذه العلاقة.
- هل يمكن تحسين المشاكل السلوكية من خلال الانتباه إلى ما يأكله أطفالنا؟
من المتوقع أن يكون للنظام الغذائي تأثير على السلوك من خلال الدراسات العلمية. عندما يضعف التطور المعرفي، من المتوقع أن ترى مشاكل سلوكية نتيجة لهذا التطور المعرفي الضعيف. لا يوجد حتى الآن مجموعة واسعة من الدراسات حول التأثيرات التي يؤثر عليها النظام الغذائي على سلوك الأطفال. ومع ذلك، هناك بعض الأبحاث التي قد تقدم دليلًا على هذا الارتباط. على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أن الأطعمة غير الصحية، ولا سيما “الحلويات المحلاة والأغذية المقلية والملح” ارتبطت بـ “المزيد من المشاكل المرتبطة بالتعلم والإدراك والمشاكل السلوكية” بين الأطفال. في المقابل، ارتبطت الأنظمة الغذائية الصحية بنسبة أقل من هذه المشاكل. وجدت دراسة من النرويج أن السلوكيات الغذائية الصحية ارتبطت بعدد أقل من المشاكل السلوكية بين الأطفال. بالرغم من أنه لا يوجد حتى الآن دليل ثابت على تأثير النظام الغذائي على السلوك عند الأطفال، فإن الدراسات تظهر بشكل متزايد أن هناك ارتباطًا قويًا بينها.