سعادة الدكتور الشيخ عبدالله آل خليفة
تمثل الرؤى المستقبلية مسارًا تمضي به الدول من أجل تحقيق التقدم والنماء بما يتواءم مع تطلعات العصر والأجيال، وتأتي رؤية البحرين الاقتصادية 2030 ورؤية عمان 2040، في سبيل بلوغ الهدف والصعود بالجوانب التنموية في البلدين لاسيما الاقتصادية، ولكي نبسط نقاط التقاء هاتين الرؤيتان وأهمية كليهما، نحاور سعادة الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة – وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة – للتبصير بدورهما في بناء المستقبل.
تعزيز الازدهار الاقتصادي
يقول سعادة الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة – وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات” – عن أهمية رؤيتي عمان والبحرين المسقبليتين: “تعد رؤيتا البلدين خارطتا الطريق أمام الدبلوماسية في البلدين للاسترشاد بهما في تحقيق الأهداف الوطنية. إذ يأتي طرح وتنفيذ رؤية عمان 2040 ورؤية البحرين الاقتصادية 2030 كخيار استراتيجي في البلدين، مُحددًا لملامح وأهداف التحرك الدبلوماسي”.
وتابع:”لقد رسمت سلطنة عمان، بتوجيهات قيادتها الحكيمة، خارطة طريق نحو تنمية وطنية مستقبلية شاملة ومتكاملة وطموحة، تعتمد على ثلاثة محاور هي: الإنسان والمجتمع، والاقتصاد والتنمية، والحوكمة والأداء المؤسسي في سبيل تحقيق الأهداف المأمولة. وتهدف الرؤية إلى تعزيز الازدهار الاقتصادي، من خلال تنويع مصادر الدخل الوطني، وتوفير الفرص للجميع، ومشاركة القطاع الخاص في عملية التطوير، ورفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من إجمالي الناتج المحلي”. مشيراً إلى أن سلطنة عمان تحولت إلى ورشة عمل لا تهدأ، وأوجدت مبادرات متلاحقة لمشاريع إستراتيجية تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة واستثمار الطاقات الوطنية.
المنافسة عالميًّا
أما عن رؤية البحرين 2030 فقال سعادة الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة: “في مملكة البحرين، صاغت القيادة المستنيرة والحكيمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، حاضر ومستقبل المملكة عبر مشروع تحديثي شامل من أجل إرساء قواعد الدولة المدنية العصرية، وبما يتناسب مع ظروفنا وهويتنا”.
وأضاف: “جاء تدشين رؤية البحرين الاقتصادية 2030 في أكتوبر 2008 كوثيقة وطنية رائدة، بهدف الانتقال من اقتصاد قائم على الثروة النفطية إلى اقتصاد منتج قادر على المنافسة عالميًّا، ترسم الحكومة معالمه، ويتولى القطاع الخاص عجلة تنميته، وفق مبادئ الاستدامة والتنافسية والعدالة، لضمان حياة كريمة وآمنة لكل المواطنين”.
وأكدّ أن رؤية البحرين الاقتصادية 2030 حققت في السنوات الماضية العديد من الإنجازات والمكتسبات في مختلف المجالات، إذ ارتفع نمو القطاعات الاقتصادية غير النفطية، ووصلت مساهمتها إلى أكثر من 80% من الناتج المحلي الإجمالي. وتطورت صناعات الألمنيوم والبتروكيماويات، وتعززت مكانة المملكة كمركز سياحي وتجاري ومصرفي إقليمي.
التحديات مختلفة
وعن التحديات التى قد تواجهها الرؤيتان قال سعادته: “لا شك أن هناك تحديات داخلية تعترض سبيل كل رؤية ويجري التعامل معها لاحتواء تداعياتها، وهي تتعلق بمستوى وحجم العمالة والمهارات المطلوبة، وتطوير الأداء المؤسسي، وارتفاع مستوى المنافسة، والأزمات الاقتصادية العالمية، وغيرها؛ إلا أن أحد أهم تلك التحديات هو: الأمن الإقليمي وما يطرحه من أخطار ومشكلات”.
وتابع: “كما يشهد العالم منذ عام 2020 تحديات صحية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقه جراء تداعيات جائحة تحدي فيروس كورونا، التي جعلت البشرية جمعاء أمام وضع كارثي، وأزمة صعبة ومعقدة، سواء في ضخامتها أو تأثيرها، وخلفت تداعيات مؤلمة على الاقتصاد العالمي”.
نقاط التقاء
وأكد سعادة الدكتور أن مستقبل البلدين مبشر وواعد، بإذن الله تعالى، وأن أهم نقاط الالتقاء بين رؤيتي البلدين هي:
أولًا: إيمان القيادة الحكيمة في البلدين، بأهمية التطوير المدروس للانتقال من مرحلة ما بعد الاعتماد على النفط. وذلك من خلال مرحلتين رئيسيتين أولهما: مرحلة الاقتصاد النفطي الذكي، وثانيهما: مرحلة الاقتصاد الرقمي والابتكار.
ثانيًا: إن الاستثمار الأهم دائماً هو المواطن، كون العنصر البشري هو الثروة الحقيقية والمستفيد الأول من المنجزات عبر تعزيز حقه في بيئة آمنة، ومستوى معيشى لائق، إضافة إلى تهيئة السبل والفرص التي تضمن له الحصول على متطلباته الأساسية من خلال خدمات نوعية ذات جودة عالية.
ثالثًا: استثمار المزايا النسبية في البلدين، سواء من خلال المقومات الطبيعية أم البشرية مثل: العنصر البشري المؤهل، والموقع الجغرافي الإستراتيجي، والموارد المتاحة.
رابعًا: تحقيق معدلات مرتفعة من النمو، وزيادة الدخل الوطني من القطاعات غير النفطية في إطار اقتصاد ديناميكي متجدد، يتمتع بقوة ذاتية للتطوير والاستمرار، وقادر على تنويع قاعدة أنشطته، ويواكب ذلك بنية تحتية وخدمات وتشريعات تضاهي المعايير العالمية.
خامسًا: إيجاد مناخ محفز للريادة والابتكار، كي يكون هناك موقع متقدم في اقتصاد المعرفة. ويعمل البلدان على ترسيخ ثقافة ريادة الأعمال، وتنمية الصناعات الناشئة، وتذليل كافة المعوقات في المجالات الاقتصادية والتقنية الجديدة.
سادسًا: لم تغفل الرؤيتان، البعد الاجتماعي من خلال تعزيز مقومات مجتمع متلاحم يعتز بهويته وانتمائه، وفق المبادئ الإسلامية ومنهج الوسطية والاعتدال، والإرث الثقافي العريق، والشراكة في تحمل المسؤولية.