X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

الجامعة الخضراء.. نجمنا الشمالي

ما إن دخل الحرم الجامعي، حتى أقلته سيارة تعمل بالطاقة الكهربائية، وهو في طريقه لمبنى كليته، كانت الأشجار مختلفة الألوان وأشجار السدر والسمر، والنخيل في أرجائها، وحاويات تدوير المخلفات هنا وهناك؛ لا تدع للتلوث أي فرصة، وألواح الطاقة الشمسية تظلل أسقف البنايات أينما يولي وجهه، وفي قاعات المحاضرات، كان كل شيء بها صديقا للبيئة وقبل أن يرفع حاجب الدهشة، عرف أنه في حضرة الحرم الجامعي الأخضر حيث تصادق الهدوء وتتنفس النقاء، هنا تندهش تنتعش وتأمل ألا يمضي الوقت.

الحرم الجامعي الأخضر تعده الأمم المتحدة هدفا ضمن أهداف التنمية المستدامة، نجمها الشمالي لهذا العمل، حسب تعبيرها، لكن ماذا عن نجمنا نحن، عن حرمنا الجامعي الأخضر؟

الدكتور يعقوب بن سالم البوسعيدي -أستاذ مساعد بقسم السياحة بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية- لديه فكرة مشروع الجامعة الخضراء، ويرجو أن يتحقق يوما ما على أرض الواقع، لذلك كان هذا الحوار معه:

-ما المقصود بالحرم الجامعي الأخضر؟

للتخفيف من آثار الإنسان على البيئة ظهرت العديد من المؤسسات والبرامج والأنشطة على المستوى العالمي، مثل: برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP. ومن ضمن المفاهيم التطبيقية ظهر فيما يعرف بـ “الحرم الجامعي الاخضر”، أو “الجامعة الخضراء”، أو “الحرم المستدام”. وهي عبارة عن ممارسات أو تطبيقات صديقة للبيئة داخل الحرم الجامعي كثرشيد استهلاك الطاقة، وتدوير المخلفات وبقايا الأطعمة، وإعادة استخدام المياه، وتوسيع رقعة الغطاء النباتي من خلال الاعتماد على الأشجار المحلية الملائمة لمناخ المنطقة، والعمل على مفهوم النقل المستدام داخل الحرم الجامعي، ويقوم بممارستها كافة الفئات من أكاديميين وإداريين وفنيين وطلبة وكذلك القاطنين داخل الحرم الجامعي، والحرم الأخضر ليس فقط للبيئة، لكن لبناء شخصية الطالب، وله عوائد اقتصادية كبيرة، مثل: تبني وتسويق مشاريع طلابية، من خلال إطلاق سوق طلابي لمنتجات حرفية أو ماكولات عمانية.

-كيف يمكن تطبيق هذا المفهوم عمليا؟

من خلال دمج مفاهيم وتطبيقات الحرم الجامعي الأخضر في الاستراتيجيات والبرامج الخاصة بالجامعة التي تؤدي لتحقيق ذلك، أيضا الدعم المادي من حيث التمويل مثلا، والمعنوي من حيث التحفيز والتقدير على المستوى الطلابي والأكاديمي والإداري والفني وعلى مستوى القاطنين داخل الحرم الجامعي، وتوفير الوسائل والأدوات والمعدات اللازمة، مثل: حاويات التدوير موزعة في مختلف الوحدات والكليات، الاستثمار في ألواح الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء، استخدام مصابيح أقل استهلاكاللكهرباء، استخدام حنفيات نسبة صرفها للمياه أقل، زراعة أشجار متوائمة مع مناخ بلادنا تتحمل الحرارة وتستهلك مياه أقل، استخدام مواد صديقة للبيئة أو ترشيد استهلاك مواد كالمنظفات والمبيدات، تدوير المخلفات بمختلف أنواعها (زراعية، ورقية، بلاستيكية، زجاج، أغذية، مياه، أدوات إلى آخره)، عمل أنشطة داخل الحرم الجامعي لتشجيع مختلف الأفراد داخل الحرم للمشاركة، مثل: حملات تنظيف، أو ورش عملية للتدريب على كيفية تطبيق مفاهيم الحرم الجامعي الأخضر، بث الرسائل التوعوية من خلال لوحات أو رسائل في التواصل الاجتماعي، أو في المطبوعات الجامعية، وأخيرا، تنظيم النقل داخل الحرم الجامعي، والتخفيف من التلوث الضوضائي والهوائي والبصري لتسهيل الحركة.

-حدثنا عن تجارب الجامعات العالمية في هذا المجال؟

هنالك نمو متزايد في الجامعات التي تعمل على تبني مفهوم الحرم الأخضر وتطبيقاته كجزء من ثقافتها، ونمط الحياة داخل الحرم الجامعي، وكذلك في تصميم مبانيها وتنظيم فعالياتها. ويمكن هنا الإشارة إلى بعض الممارسات المميزه التي تقوم بها بعض الجامعات في دول العالم، ومنها: فعالية الأسبوع الأخضر، إعادة استخدام الزيوت النباتية لإنتاج الطاقة، سكنات طلابية صديقة للبيئة، قياس معدلات استهلاك الطاقة والمياه للمباني سنويا من خلال عمليات تدقيق مستمرة، التركيز على مشاريع طلابية ذات علاقة بالاستدامة البيئية، التخفيف من انبعاثات الكربون، أيضا يتضمن تحسين بيئة الحرم الجامعي مثلا عمل مساحات ومسارات محددة لممارسة ركوب الدراجات أو المشي.

يضيف البوسعيدي: “وتعمل وحدة التعليم والتدريب البيئي التابعة للأمم المتحدة للبيئة (EETU) من خلال برنامجها الرائد GUPES ، مع مؤسسات التعليم العالي في تطوير وتنفيذ شبكات الجامعات الخضراء الوطنية والإقليمية، وشبكة الجامعة الخضراء عبارة عن شبكة وظيفية من مؤسسات التعليم العالي التي تدمج استراتيجيات تطوير القدرة على التكيف مع المناخ منخفض الكربون، وجوانب الاستدامة في التعليم والتدريب، وعمليات الحرم الجامعي، وتعزيز مشاركة الطلاب، وحاليًا تقوم الأمم المتحدة بتطوير شبكات الحرم الجامعي الخضراء لكينيا، وأوغندا، والمغرب، وغرب آسيا، وغرب إفريقيا”.

-وماذا عن فوائد الحرم الجامعي الأخضر؟

العمل بمفاهيم الحرم الأخضر له فوائد اقتصادية وبيئية، منها: تخفيض النفقات، واستثمار المخلفات في أشياء مفيدة، وتمرير الفكرة أو تصديرها من الطلبة إلى خارج الحرم الجامعي ليشمل كافة جوانب حياتهم في ترشيد الاستهلاك في البيت أو عند الخروج في الرحلات. ويمكن ملاحظة الفرق بسهولة في خفض النفقات وفي بيئة الحرم الجامعي عند اتخاذ الإجراءات المتعلقة بالحرم الاخضر. وفي السنوات الأخيرة، هناك توجه من قبل جامعة السلطان قابوس للعمل بمفاهيم الحرم الجامعي الأخضر، وذلك من خلال ترشيد استخدام الطاقة الكهربائية، وإعادة التدوير للمخلفات المختلفة، وعدم استخدام الأكياس البلاستيكية، ويمكن ترسيخ المفاهيم بشكل أكبر من خلال العمل على زيادة الوعي لدى أفراد المجتمع الجامعي.

-ما الخطوة الأولى نحو الجامعة الخضراء؟

مبادرات الحرم المستدام لها ثلاثة جوانب: جانب بيئي، وجانب اجتماعي ثقافي، وجانب اقتصادي، والخطوة الأولى لتحقيق ذلك، هي عدم رمي الملفات البلاستيكية التي يقوم الطلبة بتسليمها عند تسليم تقرير أو بحث أو غير ذلك، وإنما الاستفادة منها بعد الانتهاء منها وتجميعها وعرضها لمن أراد الاستفادة منها في المكتبة أو في الكلية مثلا، كذلك الكثير من الأوراق المطبوعة والمنسوخة تم استخدامها من جهة واحدة فقط هنا يمكن استثمارها في طباعة ملفات أخرى وخاصة إذا كانت هذه الملفات عبارة عن مسودات أو مذكرات، أيضا، كثير من الطلبة يقومون بالتخلص من المذكرات أو المنسوخات الورقية، هنا يمكن أن يقوم الطالب بإعطاء هذه المذكرات أو إعادتها للمحاضر ليتم الاستفادة منها من قبل طلبة آخرين بدل إعادة الطباعة وتخفيض التكلفة، إضافة لذلك يمكن التنبيه إلى ضرورة إطفاء المصابيح والمكيفات والأجهزة الالكترونية في قاعات الفصل الدراسي والمكاتب، وإعادة تدوير الأطعمة أو الاستفادة منها عند وجود فائض بدل رميها، فهنالك جمعيات ممكن أن تستفيد من هذه الأطعمة، وتوزيعها على المحتاجين في أوقات محددة، كما أوصي بعمل مبادرة تنافسية سنوية تطبيقية بين مختلف الوحدات داخل الجامعة من كليات وإدارات ويكون لها تأثير ملموس داخل الحرم الجامعي قد تكون عبارة عن دراسة أو توفير نشاط لتوعية الطلبة أو تصميم برامج ونحو ذلك، ويمكن التعاون مع شركات القطاع الخاص لدعم المبادرات ورعايتها ضمن “المسؤولية الاجتماعية للشركات”، واقترح بث الرسائل التوعوية عبر عمل ملصقات في حرم الجامعة أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

 

About the Author

حسن اللواتي

حسن اللواتي

رئيس قسم الإعلام