كتبت/ أميمة بنت محمد الكندية
استضافت جامعة السلطان قابوس بالتعاون مع وزارة الإسكان الدكتور/ جون كلوس -المدير التنفيذي السابق لبرنامج المستوطنات التابع للأمم المتحدة-؛ حيث قدم محاضرة بعنوان: التحول إلى مدن جاذبة للعيش.
وقد أعرب د. كلوس في بداية حديثه عن امتنانه للدعوة التي قدمتها الجامعة له، وكونه شخصية بارزة في الأمم المتحدة في مجال التخطيط الإسكاني والعمراني فقد اعتبر اللقاء حدثًا هامًا لتعزيز التجديد الحضري في المنطقة.
وابتدأ المحاضر بتقديم نظرة عامة عن الأحداث التي حدثت منذ بداية تنظيم مؤتمر الأمم المتحدة للإسكان والتنمية الحضرية المستدامة، والذي يقام كل عشرين سنة في دول مختلفة من العالم. وأوضح د. كلوس اختلاف التوجهات الدولية فيما يخص تطوير المدن على مدى سنوات طويلة، فقد اختص المؤتمر الأول للإقامة -والذي أقيم في ستوكهولم سنة 1976- حول موضوع التنمية البيئية والبيولوجية والمحافظة عليها. كما أقيم المؤتمر الثاني في إسطنبول سنة 1996، وأما الثالث فقد أقيم في عاصمة الإكوادور، كيتو سنة 2016، وسوف يقام المؤتمر الرابع سنة 2036، ولكل من المؤتمرات قضايا مختلفة إلا أن جميعها تهتم بتقسيم السكان في المدن الريفية وتقديمالخدمات المدنية لهم.
وقد أوضح د. كلوس بكل شفافية أن الأهداف المرجوة والخطط المتبعة حول تحقيق الوحدة الوطنية لتجديد المدن لم تتحقق بحذافيرها، وعزى الوضع الراهن إلى الزيادة السكانية منقطعة النظير، حيث يتوقع زيادة الكثافة السكانية سنة 2050 إلى 70-80% ما يستدعي النظر إليه بشكل أسرع لتجنب ظهور عثرات أكثر.
والجدير بالذكر أن المؤتمر الثالث قد اهتم بتحديد استراتيجيتين اثنتين: أولهما، هي تطوير سياسات وطنية ثابتة وواضحة؛ وذلك عن طريق تحديد الكثافة السكانية للدولة،والحركة العامة للسكان من القرى إلى المدن، فالتمدن قضية هامة قد تحدث بشكل عشوائي ومن تلقاء نفسها إذا لم تكن هناك خطة سياسية واضحة.
وأما الاستراتيجية الثانية، فهي تقوية وتعزيز دور الحكومة، بتفعيل القوانين السياسية والقيادة الجادة والخاصة بالمنطقة نفسها، بالإضافة إلى القرب المعنوي من الحكومة للمقيمين. فالقوانين التي يعمل عليها في مدينة معينة لا تنطبق بالضرورة على مدينة أخرى تملك بعض السمات المشتركة للأولى. وقد أشار الدكتور إلى أن السلطنة بالفعل قد بدأت في اتباع بعض السياسات المذكورة.
وأكد د. كلوس أن المؤتمر أوضح ثلاثة أعمدة هامة لتقديم مسار واضح للتمدن وهي: تأطير قوانين وقواعد مسنونة، تحديد خطة لجديد التمدن بشكل فعلي، وبالإضافة إلى التخطيط المالي. وأن تحديد الميزانية هي من أهم الشروط الواجب توافرها، وهذا لا يشمل فقط التكاليف المطلوبة بل المحاسبة المالية الدقيقة لخطة التمدن. فقد يؤدي التخطيط السيئ للإفلاس والتخبط.
وفي نهاية حديثه، قال د. كلوس أن المدن هي المحرك الأساسي للإنتاج والمسرع لتشغيل قيمة المدينة وإحيائها، فالمدن هي نتيجة للتطوير وليس العكس. وقد اختتم اللقاء بإجابة أسئلة الجمهور.
ومن الجدير بالذكر أن د. كلوس كان محافظاَ في أسبانيا عام 1983، ثم وزيراَ عام 2006، وبعدها سفيراَ في عام 2010، ثم أصبح رئيساَ للشبكة الدولية للمدن عام 1998، وقد حصل على اعتراف دولي من مؤسسة روكفلر نظير جهوده ودوره الاستثنائي في تقديم أجندة حضرية جديدة ومساهمته في إعادة تجديد مدينة برشلونة القديمة في إسبانيا.