
علي الزعابي- كبير التقنيين بقسم الفيزياء
استمعت إليه: جمانة العوفية
” العمانيون يسجلون اسمهم بحروف من نور في موسوعة غينيس ” كان هذا هو عنوان الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء، وفي التفاصيل: ” حققت سلطنة عُمان رقمًا قياسيًا في موسوعة غينيس للأرقام القياسية وذلك من خلال مبادرة وطنية للتبرع بالدم “دمك حياة لغيرك”، إذ بلغ عدد المتبرعين والمتعهدين في الحملة 5555 متبرعًا خلال ثماني ساعات ـ أي ما يزيد على 11 متبرعا كل دقيقة ـ ” .
كان ذلك خلال عام 2018، وشهد 2019 ارتفاعا بنسبة 93% في أعداد المتبرعين بالدم بالسلطنة، لتنخفض بعد ذلك متأثرة بجائحة كورونا، لكن قافلة العطاء لم ولن تتوقف.
علي بن سالم بن محمد الزعابي، كبير التقنيين بقسم الفيزياء في كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس، خير شاهد على ذلك؛ فقد جعل العالم ينبض بالحياة، إذ اعتاد التبرع بالدم على مدى سنوات؛ لذا التقيناه في هذا الحوار والعالم يحتفل اليوم الرابع عشر من يونيو بيوم المتبرعين بالدم فإلى التفاصيل.
ـ حدثنا أكثر عن رحلة عطائك مع التبرع بالدم؟
ـ بدأت رحلة التبرّع بالدم بصفة دورية ومستمرة منذ مطلع التسعينيات وحتى الآن؛ انطلاقا من قول الحق سبحانه تعالى “.. ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا ” فهو واجب ديني وأخلاقي، قبل أن يكون إحساسا متناميا بالمسؤولية تجاه المجتمع والوطن، كذلك لما فيه من فوائد صحية تعود بالنفع على المتبرع كتجديد خلايا الدم بإعادة إنتاجها بعد التبرع مباشرةً لتعويض الدم المتبرّع به وهو عادةً ما يكون قليلا (٤٥٠مل)من كمية الدم الموجودة بجسم الإنسان وهي ما بين ٥-٦ لترات، والمساعدة على تقليل نسبة الحديد في الدم الذي يعد أحد أسباب الإصابة بأمراض القلب وانسداد الشرايين، كما أن التبرع بالدم يقلل من الاعتماد على استيراد الدم من خارج الدولة وبدوره يقي من انتقال الأمراض المعدية والفتّاكة والتي عادةً ما يكون الدم هو الوسط الناقل لمثل هذه الأمراض، وإضافة لذلك هناك آثار إيجابية أخرى يحققها التبرع بالدم للفرد، منها الراحة النفسية؛ حيث ينتاب الانسان شعور مريح بأنه قام بعمل إنساني وأخلاقي عظيم، بمساهمته في إنقاذ نفس كانت في أمس احتياجها للدم، كما أن الفحص الروتيني للدم من خلال التبرع يشعرك بالراحة والطمأنينة على صحتك أيضَا.
ـ ماذا عن اليوم العالمي للمتبرعين بالدم؟
يحتفي العالم في الرابع عشر من يونيو كل عام باليوم العالمي للمتبرعين بالدم ، وهو التاريخ الذي ولد فيه “كارل لاندشتاينر” مؤسس نظام الفصائل الدموية ” ABO” والذي حاز على جائزة نوبل بسببه، وقد بدأ الاحتفال بهذا اليوم منذ 2005، ويأتي هذا الاحتفال تقديرا لجميع المتبرعين بالدم حول العالم الذين ينقذون أرواحًا كثيرة وكذلك لتعزيز الوعي بأهمية التبرع بالدم، حيث لا يخفى على أحد عظم هذه الصنيعة وآثارها على المجتمع، وفي كل عام تختار منظمة الصحة العالمية شعارا للاحتفال بهذا اليوم، وقد اختارت “تبرع بالدم واجعل العالم ينبض بالحياة” شعارا لهذا العام، وأصبح أول اهتمامات العالم الصحية في هذا العصر الاكتفاء الذاتي في سد احتياجات الدم ومشتقاته لتجنب انتقال أمراض الدم المعدية التي عادةً ما تكون منتشرة في بعض البلدان التي يتم استيراد الدم منها.
ـ صف لنا شعورك بعد تبرعك بدمك؟
شعور عظيم؛ فبعد كل تجربة تبرع يراودك إحساس مريح بأنك أديت خدمة لأحد أبناء وطنك، دون أن يطلب منك ذلك؛ فالمبادِر بالتطوع لخدمةٍ مّا يختلف شعوره عمن طُلب منه عمل تلك الخدمة فشتّان بين الشعورين بالطبع. ومن المشاهد الآسرة في تجارب التبرع بالدم هو هذا التلاحم الذي نلمسه بين أفراد المجتمع الذي يجسده حديث رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ:”مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” وهذا ما نراه من سرعة التجاوب المجتمعي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي في حالة وجود حالةٍ ما تستدعي سرعة التبرع.
ـ ما نصيحتك لمن يتردد في التبرع بدمه؟
أقول لكل أفراد المجتمع الذين تنطبق عليهم شروط التبرع: “تبرعوا” لأن في تبرعكم إنقاذ لحياة إنسان ما هو أحوج ما يكون لهذه القطرات الثمينة من دمك ليحيى، وتذكّر دائمًا وأبدًا أنك ربما في يومٍ ما قد تكون أنت في أمس الحاجة لذلك. وتذكر دائما أنه لا يوجد أي ضرر على المتبرع وهذا ما أثبتته الدراسات العلمية والبحثية في هذا المجال وهذا ما أجمع عليه المختصون جميعًا والعكس هو الصحيح.