وفاء الحسنية

عندما نكون مصدر سعادة للآخرين –ولو بالقليل- نجد هذه السعادة تنعكس في حياتنا بألوان متنوعة، وها هم مقدمي الرعاية الصحية يبدعون في محاولاتهم للتخفيف عن المرضى المصابين بفيروس كورونا كوفيد-19 ليضربوا الأمثال بالإنسانية قبل المهنة والواجب.

ويقال إن الضيافة الأولى في جميع المستشفيات بالعالم هي التمريض والممرضات؛ هن بمثابة الرحمة التي تسير على أقدام.

لدى وفاء بنت سليمان الحسنية -رئيسة الممرضات بجناح مرضى الكوفيد (رقم 4 أزرق) في مستشفى الجامعة- مبادرة وتجربة جديدة لرفع معنويات مرضى الكوفيد والتخفيف عنهم، أخبرتنا عنها عبر الأسطر القادمة وهناك المزيد، فإلى التفاصيل:

28 ملصقا

تقول وفاء الحسنية بأن المبادرة انطلقت العام الماضي، وهي عبارة عن مجموعة من الملصقات التي تتضمن صورًا جميلة وعبارات تحفيزية، تهدف إلى رفع المعنويات والتخفيف عن المريض، وكان الوباء في بداياته، ويعد جديدًا على الجميع؛ لذا شكّل تحديًا كبيرًا، ونقلت وسائل الإعلام المختلفة بكل أنواعها أخباره، وسمعنا عن الوفيات هناوهناك. وتضيف في الصدد ذاته بأنها فكرت في وضعية المريض، وعزله عن الجميع، ووحدته التي يعشيها، وبعده عن أهله وأحبابه، فقررت مواساة المرضى من خلال عمل ملصقات فيها صور وعبارات تحفيزية، وتمّ عرض الفكرة على الفاضلة فخرية بنت محمد العامرية -رئيسة قسم التثقيف الصحي بالمستشفى الجامعي-، وتبرع أحدهم لطباعة هذه الملصقات، كما قام الفاضل علي بن جمعة السعدي -موظف بدائرة خدمات المرضى- بالتعاون مع قسم الصيانة بوضع هذه الملصقات، وعددهم 28 في سقف الغرفة.

وتتابع وفاء حديثها فتقول: “عندما بدأنا في تنويم المرضى لاحظنا أن كل مريض ينظر إلى السقف، ويقرأ الرسالة التحفيزية، ويسأل عن الرسائل الأخرى الموجودة فوق أسرة المرضى الآخرين، كما قام البعض منهم بتصويرها من خلال هواتفهم المحمولة، ونشرها عبر تطبيق الواتس آب، وطالب البعض منهم بنشر هذه الفكرة في الأقسام الأخرى للمستشفى؛ لما لها من أثر إيجابي على نفوس مرضى الكوفيد وغيرهم، وهناك مبادرة أخرى وهي عبارة عن بطاقة كتب عليها “نجم الكوفيد” ويتم تقديمها لكل من تماثل للشفاء من هذا المرض بهدف رفع معنوياته”.

مكتبة في الجناح رقم 2

لم تتوقف مبادرات وفاء الحسنية عند هذه الفكرة، ولديها تجارب سابقة متنوعة تخبرنا عنها قائلة: “عندما كنت رئيسة الممرضات في جناح النساء والولادة رقم 2 أصفر كانت لدينا الكثير من الحالات التي تعاني من ضعف في عنق الرحم، ويحتاج معها المريض إلى الاستلقاء في وضعية معينة لمدة طويلة قد تصل إلى ستة أشهر أو أكثر، وكان همي الكبير الحفاظ على الصحة النفسية للأم والجنين، ولمواجهة هذا التحدي قررت إنشاء مكتبة صغيرة في مكان قريب، وهي قاعة الاستقبال في الجناح، فقمنا بإعداد قائمة بعناوين الكتب وتصنيفها، ولدينا مجموعة من القصص والروايات والكتب الدينية وكتب التنمية الذاتية والاتيكيت والصحة والجمال وغيرها، وقمنا بشراء هذه الكتب من معرض الكتاب ومن مكتبات أخرى، وأصبح المرضى في الجناح يقبلون عليها لتمضية أوقات الفراغ والاستفادة ومحاربة الأفكار السلبية، كما استعار الطاقم الطبي بعض الكتب وخصصنا سجلًا خاصًا للإعارة، كذلك قمنا بترقيم الكتب”.

مبادرات أخرى

هناك المزيد من المبادرات لدى وفاء الحسنية؛ لأجل خلق بيئة صحية وإيجابية لدى كل من المرضى والعاملين في الحقل الطبي، ومن هذه المبادرات: تكريم الموظف المجيد كل شهر؛ إذ يتم اختيار عامل نظافة، أو طبيب، أو مضمد، أو موظف من قسم الصيانة على حسب وذلك في الجناح رقم 2. كما بادرت وفاء بعمل مجسم على شكل منارة،ووضعته بجوار كل مريض لتضع بداخل كل مجسم مسبحة ومصحف وسجادة للصلاة. وتقوم سنويًا بتزيين الجناح في أيام المناسبات والمواسم الكبيرة منها العيد الوطني،وشهر رمضان. بالإضافة إلى ذلك قامت بتصميم ميداليات وأوسمة لمختلف العاملين في المجال الطبي، والعديد من المبادرات الأخرى.

والجدير بالذكر أن وفاء الحسنية فازت في مسابقة عن سلامة المرضى بالمركز الثالث، وذلك في ندوة أقيمت بمناسبة اليوم العالمي لسلامة المرضى عام 2019، وقد شاركت بتصميم ملصق عن استخدام نظام توافق الأدوية في جميع مراحل تقديم الرعاية الصحية.