“التاريخ خذوه بحذر، وتدبروا فيه وتفكروا فيه”، انطلقت رؤية الحلقة النقاشية ” إضاءات ورؤى في النقد التاريخي” من الخطاب السامي لجلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ الذي ألقاه في عام 2000م في الجامعة، والذي يعد خطاباً تاريخياً لطلبة الجامعة، حيث تطرق فيه إلى أهمية التاريخ، والنقد التاريخي الذي يجب أن يتحلى به المؤرخون ودارسي التاريخ.
أدار الجلسة التي نظمها قسم التاريخ بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بمناسبة يوم الجامعة الدكتور بدر بن هلال العلوي الأستاذ المساعد بقسم التاريخ، وقد شارك في الجلسة النقاشية مجموعة من الباحثين في التاريخ الفكري العماني، من بينهم الدكتور علي الريامي من خلال ورقة عمل بعنوان ” الوعي بحركة التاريخ في خطب وكلمات جلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ”، والذي ركز خلالها على استقراء الوعي بحركة التاريخ في خطب وكلمات جلالة السلطان قابوس ـ طيب الله ثراه ـ وتقديم إضاءات حول أهمية النقد التاريخي، ولماذا هناك مغالطات كثيرة في التاريخ تستدعي التدبر والتفكر واستخدام المنهج العلمي في دراسة الأحداث التاريخية. أما الدكتور أحمد يوسف فطرح تساؤلاته حول الحاجة إلى النقد الأدبي، مشيرا إلى تحوّل المعرفة التاريخيّة إلى منهج من مناهج البحث العلميّ يطبّق في مجالات عديدة من العلوم الإنسانيّة والعلوم الاجتماعيّة؛ وبالشراكة مع علوم استجدّت في القرن العشرين مثل اللسانيّات والسيميائيّات والتأويليّات والدراسات الثقافيّة التي نقلت المعرفة التاريخيّة بأبعادها المثاليّة والماديّة من التاريخانيّة التقليديّة القائمة على الرصد والجمع والتسجيل إلى التاريخانيّة الجديدة التي تمخضت عنها مناهج نقديّة جديدة.
وقدم الباحث والدكتور محمد القدحات رؤية حول المركز والأطراف في الروايات التاريخية، موجها جملة من الإضاءات حول الرواية التاريخية عن الإسلام المبكر كرواية منقطعة، والتي ركزت على مركزية السلطة وتهميش الأقاليم المعارضة، مع اهتمام المؤرخ بالقدر الذي يبرز دور الخليفة في فرض سلطته على الإقليم، بحجة الشرعية. أما الباحث الدكتور ناصر السعدي، فقدم قراءة نقدية لاتجاهات البحث التاريخي في عمان، كما قدم قراءة نقدية في اتجاهات تلك الأطروحات العلمية، من خلال عينة اختارها الباحث بلغ عددها (150) أطروحة ماجستير ودكتوراه، وذلك بالاعتماد على المنهج الإحصائي الوصفي، بغرض جمع المعلومات وتحليلها وتفسيرها. وقدمت الباحثة عفاف البلوشية _طالبة دراسات عليا بقسم التاريخ _ قراءة حول الحس النقدي عند المؤرخ سالم بن حمود السيابي، إذ انطلقت الباحثة من كون الشيخ العلامة المؤرخ السيابي يتمتع بملكة نقدية ظهرت من خلال مؤلفاته التاريخية، فلم يكتف بالسرد التاريخي للأحداث، وإنما كان ناقداً للمصادر ومؤلفيها، والروايات التي تضمنتها لا سيما المتعلقة بتاريخ عمان، فنجده معلقاً على تلك الأحداث التاريخية، مصححاً لها، ومرجحاً لبعضها، ورافضاً للبعض الآخر، مدعماً مواقفه من تلك الروايات بإخضاعها للمقارنة مع المصادر المحلية.