X638311283768843821

 

 

Banner-02

 

 

 

"اليونسكو" تبادر و"مسقط" تؤلف

 

د. سيف المعمري: نخوض معركة تعليمية مع كوفيد 19.. بإصدار فريد

 

حوار ـ الحسين الهنائي.

“ماذا يجدر بنا أن ندرس في ظل ما كشفت عنه جائحة “كوفيد ـ 19” من ثغرات في الحياة الإنسانية وقيمها ووعيها؟ السؤال العميق، يجيب عنه كتاب فريد، تم توزيع 10 آلاف نسخة منه في الوطن العربي خلال الأيام العشرة الأولى من إطلاقه ولاشك أن هذا شيء جميل، لكن الأجمل أن من ألف هذا العقد الفريد مجموعة من الأكاديميين بكلية التربية بجامعة السلطان قابوس، وحرره الدكتور سيف بن ناصر المعمري -أستاذ مشارك بقسم مناهج وطرائق تدريس الدراسات الاجتماعية؛ لذا كان طبيعيا أن نذهب إليه حاملين باقة تهنئة وباقات أسئلة؛ لنسلط الضوء أكثر على ما بين دفتي الكتاب الذي يعد الأول من نوعه في الشرق الأوسط.

– “تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد ـ 19: استشراف من قلب الجائحة” هذا عنوان كتابك، ماذا بين دفتيه؟


يطرح الكتاب هذا السؤال ونحن لا نزال نعيش هذه الجائحة: هل ما يدرسه الطلبة يساعدهم على التعامل مع ما تفرضه الأزمات والجوائح؟ وكيف يجب أن تطور مضامين المناهج الدراسية في أعقاب جائحة كوفيد-19؛ لكي تقود إلى بناء أجيال قادرة على التعامل مع جوائح مستقبلية من ناحية، ومن ناحية أخرى تمتلك معارف ومهارات وقيم مهمة في الأوضاع العادية من الحياة وأكثر أهمية خلال فترات الجوائح. ويدعو الكتاب إلى تقييم واقع التعليم قبل أن ترحل الجائحة، ليس فقط من حيث وسائله وآلياته التي تستحوذ على معظم النقاشات والدراسات، إنما من حيث محتوى التعلم لأجيال تبدأ عملية تعلمها في ظل هذه الجائحة، وفي ظل عالم رقمي لم يكن ليساعد على اختفاء الإشكاليات الإنسانية وتحدياتها، فلكل تحول إنساني تحدياته التي لا بد من إعداد الأجيال الصغيرة للتعامل معها. يتطلب العالم القادم مهارات جديدة، وطرائق تفكير جيدة من أجل تحقيق النجاح على المستويات الفردية والجماعية، ويحتاج إلى تجارب تعلم غنية ومرنة تختلف عن تلك التجارب التي تعلم بها أولياء أمورهم.
يضيف د. المعمري: تم التطرق إلى عدة مجالات دراسية شملت الجوانب الإنسانية (اللغة العربية، والتربية الإسلامية، والدراسات الاجتماعية)، والجوانب العلمية التطبيقية (العلوم والرياضيات)، والمهارات الفردية (التربية الفنية، والتربية الرياضية، والتربية الموسيقية)، والجوانب التكنولوجية (تكنولوجيا المعلومات والاتصالات)، فقدم المختصون في كل حقل خلاصة قراءتهم وخبرتهم الثرية في إبراز جوانب إعادة التفكير في هذه المناهج خلال الجائحة وما بعدها، ونظرا لأهمية موضوع الكتاب، ومعالجته -عبر فصوله المختلفة- هذه الجوانب فقد تم توزيع ما يقرب من عشرة آلاف نسخة منه في الوطن العربي خلال العشرة الأيام الأولى من إطلاقه، حيث تمت إتاحة النسخة مجانا للجميع من قبل الناشر “دار الوراق العمانية” تماشيا مع مبادرة اليونسكو وغيرها من المنظمات الدولية؛ لتعزيز العلم المفتوح خلال فترة كوفيد 19.

ـ كيف ترى فاعلية التعليم عن بعد؟


المدرسة لا تحقق مهمة تعليمية لاكتساب المعرفة فحسب، ولكنها تلبي أيضًا احتياجات التنشئة الاجتماعية للطلبة، مع وجود الطلبة في المنزل، فإن المجتمع المدرسي غائب، وعلى الرغم من التفاعلات الافتراضية، وفرص التعلم التي توفرها الإنترنت والشبكات الاجتماعية، يتم إنشاء حاجز في العلاقة التعليمية بين التلاميذ والمعلمين، وتوفر المدرسة بيئة منظمة يمكن للأطفال من خلالها تعلم وتطوير الكفاءات الاجتماعية، مثل: الثقة بالنفس، والصداقة، والتعاطف، والمشاركة، والاحترام، والامتنان، والمسؤولية، فالتعلم الاجتماعي والعاطفي مهم للشباب؛ ليصبحوا أعضاء واعين في مجتمع قائم على التضامن. والسؤال هنا إذا كانت هذه هي غاية التعليم الأزلية هل يستطيع التعليم عن بُعد تلبيتها؟ الإجابة بدون مواربة قطعا لا.

ـ إذن ما الأضرار التي خلفها كوفيد-19 في مجال التعليم؟


قادت أكثر من مليار ونصف من الطلبة إلى هجر المدارس إلى أجل غير مسمى، وبدا واضحًا أن دول العالم تواجه معركة صحية، وإلى جنبها معركة تعليمية من أجل ضمان تعليم هؤلاء الطلبة بأي شكل كان في ظل توقعات باستمرار الجائحة إلى أجل غير معلوم، وبدا واضحًا أنه لا سبيل إلا للاستعانة بالأدوات التكنولوجية لربط الطلبة بمناهجهم وهم في منازلهم، لذا طوع كثير من الباحثين دراساتهم من أجل دراسة المنصات الإلكترونية، وتصورات الطلبة ومعلميهم حول هذا الشكل من أشكال التعلم الطارئ، وفي ظل توجه معظم الاهتمام بأدوات التعلم لم يحظَ محتوى التعلم إلا باهتمام بسيط، رغم أن هذه الجائحة كشفت ما أكدته تقارير سابقة صادرة من مؤسسات دولية، مثل البنك الدولي عن الفقر التعليمي، وعن أزمة التعلم؛ فقد ظهرت تلك الفجوات في أكثر من شكل؛ من ضعف الوعي الصحي، وتداول المعلومات المغلوطة، ونشر الشائعات، وغيرها؛ ما يعني أن هذه الجائحة فرصة لإعادة التفكير ليس في الوسائل فقط وإنما في مضامين التعلم، وقاد الفيروس إلى مخاوف في بعض من دول العالم من تزايد التعلم المفقود، فمثلًا في إنجلترا هناك مخاوف من أن الوباء قاد إلى توسيع فجوة التحصيل بين الطلبة الأفقر وأقرانهم.

ـ ماذا عن تحديات التعليم الإلكتروني في ظل أزمة كورونا وما بعدها؟


برزت المنصات التعليمية إلى الواجهة، وتزايد الحديث عنها، وتصاعد كشف إمكاناتها المجهولة رغم وجود بعضها منذ زمن، إلا أن التعلم الإلكتروني ظل محكومًا بالإمكانات، وتوافر الشبكات والحواسيب، وغيرها، فأظهر ذلك الفجوة التي تعيشها مجتمعات العالم؛ فوفقًا لإحصاءات البنك الدولي: يغطي التعليم عن بعد في البلدان مرتفعة الدخل ما بين 80% – 85% من مجموع الطلبة، بينما تنخفض هذه النسبة في البلدان منخفضة الدخل إلى أقل من 50%، وهو ما يشير إلى تحديات كبرى سيواجهها الاستمرار في هذا النهج، خاصة من ناحية توفير الموازنات اللازمة لتحقيق ذلك، فوفقًا لإحصاءات اليونيسف يتمكن أقل من نصف السكان من الوصول إلى الإنترنت في 71 دولة.
بل إن الفجوة الرقمية في إفريقيا كما تشير إحصاءات لليونسكو في عام 2020 أن 11٪ فقط من المتعلمين في إفريقيا -جنوب الصحراء- يمتلكون أجهزة كمبيوتر منزلية، و18٪ فقط لديهم إنترنت منزلي، مقارنة بـ 50٪ من المتعلمين لديهم أجهزة كمبيوتر في المنزل، و57٪ لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت على مستوى العالم، إذن، على الرغم من الفرص الواعدة التي يحملها هذا التغير التربوي الذي أخذت قراره جائحة كوفيد-19 من دون الرجوع إلى أي أحد، فإنه محكوم بالقناعات السياسية والأوضاع الاقتصادية، وأيضًا بنوعية إتاحة الإنترنت، وتعزيز المساواة بين السكان في الوصول إليها، ويبدو أن الأمر سيكون صعبًا مع الأوضاع الاقتصادية التي خلفتها جائحة كوفيد-19 على اقتصاديات العالم وخاصة الدول النامية.
ويضيف د. المعمري: لقد أدرك الطلبة والمعلمون صعوبة الوجود أمام الشاشات طوال اليوم، وقد ذكّرنا التعلم عن بعد أن التعلم القوي لا يمكن أن يحدث إلا عندما نشارك بحيوية، وإذا تعلق الأمر بملء الساعات فإننا نفتقد النقطة التي يجب أن نفهمها. وكشف باحثون في جامعة بكين أن الجلسات الأكثر فاعلية في التعلم عبر الإنترنت هي بين 15 إلى 30 دقيقة؛ لذا يجب التفكير في مدى فعالية نماذج التعليم الحالية حيث يكون الطلبة في الفصول الدراسية ساعات مع فترات راحة قليلة. وظهر أمر آخر خلال هذه الفترة، وهو صعوبة الحفاظ على طقوس التعليم المدرسي عبر التعلم عن بعد، من خلال توفير فرص التفاعل الاجتماعي، وبقاء الطلبة على اتصال مع أقرانهم وأصدقائهم أمر مهم من الناحية النفسية خلال هذه الأزمة، وهنا -كما ترى اليونيسف- يظهر سؤال مهم للتعليم المستقبلي وهو ما إذا كانت معظم المدارس تراعي الاحتياجات الاجتماعية والعاطفية الأساسية للأطفال، إذ تنسى المدارس من خلال تركيزها على الجوانب التحصيلية أن الصحة النفسية تأتي أولًا وقبل كل شيء.

ـ البعض يرى أن استخدام التكنولوجيا ساعد على تغيير طريقة التدريس والتعلم، ما رأيك؟


المميزات التي يحملها التعليم الإلكتروني كإتاحة حرية اختيار مكان وزمن التعلم، والقدرة على الوصول إلى أعداد كبيرة من الطلبة ليست ضمانًا حقيقيًا على تحقق أهداف التعلم الأخرى غير المعرفية التي تتطلب أكثر من التركيز على المهمة التعليمية والانتقال إلى التفاعل وبناء الاتجاهات، يركز ما نشر حتى الآن من دراسات على الموقف من هذه الوسائل، وقليل من الدراسات ذهبت إلى كشف آثار التعلم بهذه الأدوات؛ لذا لا تزال الصورة غير واضحة حول كيف غيرت التكنولوجيا طريقة التدريس، هل جعلتها أكثر فاعلية أم أكثر تقليدية.

 

About the Author

Dnngo Company

بوابة أنوار الإخبارية