X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

لماذا نقرأ كتابًا أكثر من مرة؟!

يصادف اليوم العاشر من شهر مارس من كل عام اليوم العربي للمكتبة، تقديرًا للكتاب العربي ودعوة للتوجه نحو القراءة، وإيمانًا بأهمية المكتبة في نشر فكرة ثقافة القراءة بين الشعوب. وبين من هم مهتمون بالقراءة بحثنا عن الكتب التي تكررت قراءتها لأكثر من مرة. فما الذي يدفع القارئ إلى أن يعيد قراءة الكتاب نفسه لمرتين أو أكثر؟ وما الذي يتميز به ذلك الكتاب الذي استطاع أن يجذب نفس القارئ لأن يقرأه مرات ومرات. هنا عبَّر القراء عن تجاربهم.

لدواوين محمود درويش وطنٌ مختلف

يقول الدكتور سيف بن ناصر المعمري أستاذ مشارك بقسم المناهج والتدريس بكلية التربية
” نعم قرأت دواوين محمود درويش أكثر من مرة وأعيد قراءة قصائده بشكل يومي، علاوة على قراءة بعض الروايات مثل “موسم الهجرة للشمال” للطيب صالح، و”نهاية رجل شجاع” لحنا مينة، و”ملحمة الحرافيش” لنجيب محفوظ”، مشيرًا إلى أن السبب في تكرار قراءته كما قال أن هذه الكتب أو الدواوين هي حجر فكري ثقيل يخبط أدمغتنا فيجعلنا في حالة أسر دائمة لما قرأنا فيها، ومهما حاولنا التخلص منه لبرهة من الزمن نعود إليه لنعيد اكتشاف ما فقدنا من معنى.
ويضيف الدكتور سيف المعمري “بالنسبة لمحمود درويش فأنا لم أفق بعد من ذلك التوهان والتناقض والتشظي واللاستقرار الذي وضعتني أبيات دواوينه فيه، ولا زلت أحاول أن أفهم من أي لغة ومن أي عالم يستقي ذلك النفس الشعري الاستثنائي في تاريخ الشعر العربي. كل بيت قصيدة وكل قصيدة معلقة. وما بين ثنايا الكلمات تتزاحم الأسئلة. إنه يصنع وطنا مختلفا لا يمكن أن يحصل أحد على جنسيته من زيارة واعدة عابرة”.

 

أسباب تكرار القراءة تختلف باختلاف الزمن

أما باسمة بنت يحيى الشبيبية نائبة مدير دائرة النشر العلمي والتواصل بعمادة البحث العلمي فتقول “قرأت العديد من الكتب بشكل متكرر في المجال الأدبي منها رواية “شقة الحرية” التي قرأتها ثلاث مرات في السابق. أما الكتاب الذي قرأته وما زلت أعود لقراءته بين حين وآخر فهو كتاب للمؤلف روبرت كيوساكي بعنوان “الأب الغني والأب الفقير”.
وتوضح باسمة الشبيبية أن أسباب تكرار القراءة تختلف حسب الفترة الزمنية والظروف المحيطة والتوجهات الفكرية، إذ تقول “لو تم سؤالي هذا السؤال في السابق فستكون إجابتي في بدايات الـ2000 أن الكتب التي أكرر قراءتها هي الكتب المصنفة كقصص وروايات وذات الطابع الأدبي، لذلك في ذلك الوقت قرأت شقة الحرية بسبب اللغة السردية التي يستخدمها الدكتور غازي القصيبي والمحتوى الثقافي والسياسي والاجتماعي في رواياته. أما في الوقت الحالي فإنني أتوجه للكتب التي تنمي التفكير الاقتصادي والتغيير والإدارة لذلك كان كتاب الأب الغني والأب الفقير نقطة فارقة بالنسبة لي؛ إذ أنه يحتوي على أسلوب حياة وتوجه يمكنني أن أمارسه مع أبنائي وغيرهم وهو كتاب بمحتواه ينقل صورة لم تكن في بالي سابقًا.

 

نشتاق لقراءة بعض الكتب مرة أخرى

“بعض الكتب تستحوذ على تفكيرنا، وتجعلنا نقبل عليها بشوق في كل مرة” هكذا عبرت رحمة بنت حارث الحراصية رئيسة قسم التنسيق والمتابعة والأرشفة بكلية التمريض عن قرأتها المتكررة لبعض الكتب. وتضيف “على سبيل المثال لا الحصر قرأت كتاب “الإسلام” للدكتور مصطفى محمود أكثر من مرة، وهو كتاب فكري وديني في الوقت ذاته. وكذلك كتاب “ما أعرفه على وجه اليقين” لأوبرا وينفري، ورواية “قواعد العشق الأربعون” لأليف شافاك. و”رجال في الشمس” لغسان كنفاني”.
وتقول رحمة الحراصية “عادة أقرأ الكتاب أكثر من مرة لسببين: أولاً: كون الكتاب عميق جدًا وثري ولا تكفيه قراءة واحدة لسبر أغواره وللاستفادة من مكنوناته. وثانيا: كون الكتاب مؤثرًا جدا ويلامس شغاف القلب ويفتح لي آفاق جديدة للتفكير والبحث والتقصي، ويزيد من معلوماتي وتجاربي، فهنا قراءة واحدة لا تكفي حتماً.
كما أشعر أنني حين أعيد قراءة كتاب قرأته منذ عشر سنوات أو أكثر فأنا أعيد قراءته بعقلية جديدة ومختلفة تماماً، وبالتالي يكون تقييمي للكتاب مختلف، وكذلك تقديري لقيمة ما فيه من معلومات، والاستفادة منها تكون بطريقة أفضل في أغلب الأحيان، فأنا أرى فيه أمور لم أرها من قبل. كما أنه من المعروف أننا في القراءة الأولى نركز على الفهم واستيعاب الأفكار، أما في القراءات التالية فنكون أقدر على التحليل والنقد وبالتالي الاستفادة من الكتاب بشكل أوسع”.
وتعدد الحراصية مميزات الكتاب الذي من الممكن أن نقرأه لأكثر من مرة فتقول: أن يكون الكتاب ثري وعميق وليس سطحي، بحيث يكتشف القارئ في كل مرة شيء جديد ومدهش فيه. كذلك أن يناقش قضايا مهمة. كما أن يكون أسلوب الكاتب ممتعاً وشيقاً. بالإضافة إلى أن تكون الأفكار المطروحة جديدة ومن وحي الكاتب وليست مكررة ومقتبسة من كتب سابقة. وظهور الصدق والمشاعر الحقيقية في النص.

 

نعود للكتاب مرة أخرى حين تسرقنا مفرداته

وعبرت أفنان بنت سليمان الفليتية طالبة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عن رأيها قائلة “قد تسلبُ بعض الكتبِ شيئًا من دهشتنا، تستوقفنا لساعات، أيام، بل شهورٍ عدة، والعجيبُ في الأمرِ أننا نعودُ لنستلهمُ منها مُجددًا بينَ الحين والآخر؛ لما تحويهِ من مُميزاتٍ تؤهلها لذلك. ككتابِ “كلمةُ الله” لأيمن العتوم، الذي أنارَ بصيرتي لقلبي، كيف أعتني بهِ وأصلحه بقربي من ربي. كما أنّ الحديث فيهِ حول طهر الحُب بين الأب وابنته أمرٌ لطيف آخر استوقفني فيه، ولاختلافِ ديانةِ شخصيّات الرواية لفتَ روحي نحو وجودِ الله في قلبِ كل مخلوق مهما اختلفت ديانته”.
ما الذي دفعها لتقرأ هذا الكتاب أكثر من مرة؟ تقول أفنان “أسلوبُ الكاتبِ وعمقِ مفرداته التي يسوقها لنا في كلّ جملةٍ كانت أعظمُ دافعٍ لأعيد قراءة الكتاب مرتين، ففي المرة الأولى غرقتُ في عذوبةِ محتوى الكتاب، أما المرة الثانية فكانت مُخصصة للتلذّذ بروعةِ اللغةِ العربية وجمالِ مفرداتها العجيبة والتعلمِ من أسلوب الكاتب المُبهر لأقتبسَ منهُ شيئًا وأعكسه في نصوصي البسيطة. لذا، متى تعودُ أفنان لقراءة كتابٍ ما؟ حتمًا عندما يأسرُها أسلوبُ الكاتبِ ومحتوى كتابهِ وحين تسرقُها مُفردات الكتاب وتعودُ بها محمّلةٌ مُثقلة من وزنها، مُبتهجةً بما تحمل، معنىً وعُمقًا”.

 

About the Author

ايمان الحسنية

ايمان الحسنية

محرر محتوى