X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

إشكالات اللغة في الكتب المترجمة

ما أبرز إشكالات اللغة في الكتب المترجمة إلى اللغة العربية؟ سؤال ناقشناه مع الدكتور عبد الجبار محمد الشرفي ـ أستاذ مساعد بقسم اللغة الإنجليزية وآدابها، ضمن احتفاء (أنوار) باليوم العالمي للغة العربية الذي يوافق 18 من ديسمبر من كل عام؛ فاللغة عماد الترجمة.. والكتب المترجمة إلى اللغة العربية وسيلة لتعلم اللغة وحفظها أيضًا.. فكيف نتدارك القصور الذي قد يحصل إبان الترجمة.. أفادنا الدكتور بهذا الثراء المعرفي!

تواصل: سارة الغيلانية، خلود البوسعيدية

 

الهياكل والممارسات النصية والخطابية الدخيلة


“إن أكبر إشكاليات اللغة في الكتب المترجمة هو السماح للهياكل النصية والممارسات النصية الإنجليزية بالهيمنة على الممارسات النصية والخطابية في اللغة العربية وهذا من أكثر إشكاليات الترجمة خفاء، وتسلله إلى اللغة العربية أسهل لأنه لا يشعر به إلا القليل. وهو في الوقت ذاته من أكثرها خطرا لأنه يقضي على هوية اللغة العربية في تمايز أنواع نصوصها عن غيرها من اللغات. وهذه الممارسة غير الواعية تكون محصلتها في النهاية هي أنه على المدى البعيد تصبح الأجناس الأدبية وأنوع النصوص العربية نسخ تقليدية لأنواع النصوص في اللغة الإنجليزية مما يزيد في هيمنة اللغة الإنجليزية وتسلطها على ممارستنا اللغوية في عقر دارنا”.

 

 

الاقتراض على مستوى الألفاظ


“هذا أمر فرضته هيمنة اللغة الإنجليزية كلغة اتصال عالمي وكلغة التواصل العلمي والتكنولوجي. وأصبحت هذه ظاهرة عالمية تفرض نفسها على كثير من لغات العالم بما في ذلك اللغات الرئيسية في العالم مثل الفرنسية والألمانية والإسبانية وغيرها وليس فقط على اللغة العربية، إلا أن مما يكرس هذه الظاهرة في اللغة العربية تباطؤ المجامع العربية في الحسم فيما يتعلق بالتعريب المناسب للانفجار الهائل في مفردات التكنولوجيا والاقتصاد والسياسة والاجتماع التي تخرج علينا كل يوم. فكلما تأخرت المجامع في التعريب اضطر الناس لاستخدام اللفظ الدخيل بسبب الفجوة الدلالية وبسبب أن التواصل الكوني في عصر الانفجار المعرفي لا يحتمل الانتظار. والمترجم هو أحد أبرز مستخدمي اللغة، إذا لم يجد اللفظ المعرب جاهزا وسهل المنال ذهب للاقتراض وخصوصا إذا كان هذا المترجم ليس من أهل الخبرة والدراية في مسائل التعريب”.

 

 

الترجمة المقولبة


“وهذا النوع من الترجمة يسبب نوعا من الغربة في النص حيث تكون المفردات عربية لكن القالب غريب وغير شائع في اللغة العربية ومن أمثلة ذلك “غسيل الأموال” و”جمهوريات الموز” و”أسعار تنافسية” و”اقتصاد معرفي” إلى غير ذلك من المتلازمات التي لم تعرفها اللغة العربية من قبل. ورغم أن هذا النوع من الاقتراض الخفي يمثل غربة في النص العربي إلا إنه سرعان ما يكتسب الألفة ويصبح نوعا مقبولا من الممارسة النصية العربية خصوصا في عصر العولمة والتوسع اللغوي لاستيعاب التعابير الجديدة”.

 

 

الترجمة الحرفية


“هي الترجمة التي تراعي قواعد العربية من حيث المباني ولكنها لا تراعي نظامها من حيث المعاني وهذا يخلق شعورا بالإغراب الشديد الذي يؤدي في أغلب الأحيان إلى الغموض وصعوبة الفهم. مثال على ذلك ترجمة العبارة الإنجليزية “we undertake party orders” في سياق الإعلان عن خدمات طلبات الحفلات التي يقدمها مطعم من المطاعم، ظهرت الترجمة العربية بهذه الطريقة: “نحن نتعهد أوامر الحزب!!” دون الالتفات إلى سياق العبارة والغرض منها”.

 

 

العبث بمنظومة المتلازمات اللفظية العربية


“ينتج هذا بسبب التأثر الشديد بتركيبة المتلازمات اللفظية الإنجليزية وعدم احترام خصوصية المتلازمات اللفظية العربية، فمثلا متلازمة الفعل والاسم في “يكسر القانون” متلازمة غريبة في اللغة العربية وهي ناجمة عن تأثر شديد بتركيبة متلازمة في اللغة الإنجليزية ولا تراعي خصوصية اللغة العربية في هذا الجانب والتي تنزع نحو استخدام المتلازمة اللفظية “يخالف القانون” بدلا من “يكسر القانون”. وكثيرا ما يقع المترجمون في مثل هذه المشاكل مما ينجم عنه إلحاق أثر بالغ في سلاسة المتلازمات اللفظية في اللغة العربية”.

 

 

العبث بمنظومة التعابير الاصطلاحية العربية


“التعابير الاصطلاحية تختلف صياغتها وأنماطها من لغة إلى لغة فكل لغة لها سماتها الخاصة في هذا الجانب والمترجم المبتدئ عادة ما يقع ضحية للترجمة الحرفية لمثل هذه التعابير فيترجمها حرفيا مغفلا الجانب الاصطلاحي فيها فينتج عن ذلك إشكالات في الصياغة وصعوبة في فهم النص وركاكة في الأسلوب. مثال على ذلك مصطلح “البطاطا الساخنة” عند الحديث عن موضوع مثير للجدل أو شائك، وهذه ترجمة حرفية للتعبير الاصطلاحي “hot potato”. مثل هذه الترجمة تخلق نوعا من الغموض في المعنى وركاكة في الأسلوب العربي ويستحسن في مثل هذه الحالات استخدام تعابير اصطلاحية عربية أصيلة تفي بالغرض البلاغي المطلوب”.

 

 

العبث بمنظومة الأمثال الشعبية العربية


“الأمثال الشعبية هي المخزون الثقافي للشعوب وتمثل خصوصية كبيرة للغات وعليه يجب احترام هذه الخصوصية عند الترجمة باستعمال الأمثال الشعبية العربية عند الترجمة من الإنجليزية إلى العربية وخصوصا عندما يكون في سياق السرد الروائي. فمثلا ما الداعي لترجمة المثل الإنجليزي “carrying coal to Newcastle” إلى العربية بهذه الطريقة “كحامل الفحم إلى نيوكاسل”؟ مثل هذه الترجمة تخلق غربة في النص دونما ضرورة في حين أن المترجم يمكنه أن يستخدم مثلا عربيا يقوم بالوظيفة الدلالية والاتصالية والجمالية ذاتها وهو: “كناقل التمر إلى هجر” وهو مثل عربي راسخ في الثقافة العربية والعبرة فيه أن منطقة هجر كثيرة التمور ولا تحتاج إلى من ينقل إليها التمر كما هو الحال في مدينة نيوكاسل في إنجلترا حيث كانت مركزا للتنقيب عن الفحم”.

 

 

العبث بمنظومة المجاز والصور البيانية


“رغم أن المجاز والصور البيانية جزء من النظام العقلي والمعرفي المستقل عن اللغة، إلا أن كل لغة تصوغ نظامها المجازي والبياني بصورة خاصة بها وعلى هذا فإن المجازات والصور البيانية السائدة في اللغة الإنجليزية لا يمكن بحال ترجمتها بصيغتها المباشرة دونما توطينها وتكييفها للسياق العربي، فكثير من الاستعارات في اللغة الإنجليزية لا يمكن ترجمتها باستخدام الاستعارات ذاتها. على سبيل المثال، العبارة الإنجليزية “hit the nail on the head” لا يمكن ترجمتها باستخدام الصورة البيانية ذاتها وهي صورة المسمار ورأسه “ضربت المسمار على رأسه” لأن هذا التعبير المجازي لا يعني شيئا في العربية وفي مثل هذه الحالة ينبغي الرجوع إلى مخزون اللغة العربية الغني بالصور والاستعارات التي تغني عن الترجمة المباشرة والحرفية لهذا التعبير، ويمكن أن تكون الترجمة المقبولة هنا هي: “لقد أصبت كبد الحقيقة” باستخدام تعبير مجازي ولكنه مختلف من هذه الصورة والمحتوى لكنه بذات الأثر والتأثير”.

 

 

About the Author