”الجانب العاطفي مرتبط أيضًا بهذا النمط من التعليم، لأن لغة المخاطب ونبرة التخاطب مع الطلبة عبر وسائل التواصل لها أثر من الممكن أن يكون إيجابيًا أو سلبيًا في الوقت نفسه، لذلك فالتأهيل ضروري ومهم للكادر الأكاديمي ليتأكد أن مزاج الطلبة ضمن هذه البيئة التفاعلية لتحصيل التعليم عن بعد”..
التصريح السابق جاء على لسان الدكتور محمد بن علي الفيروز، أستاذ مساعد بقسم نظم المعلومات في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، خلال حوارنا معه أما تفاصيل الحوار فتحمله السطور الآتية:
ـ هل يعد التعليم عن بعد تحديا للطلبة في استيعاب المقررات الدراسية؟
يعد التعليم عن بُعد تحديًا في كل الأحوال لكلا الطرفين سواء للكادر الأكاديمي أو للطلبة، ومثل ما نعلم هناك نمطان للتعليم عن بعد، هما النمط التزامني والنمط غير التزامني، فالنمط التزامني هو المباشر بين الكادر الأكاديمي والطلبة باستخدام وسائل التواصل عن بعد كوسيلة لنشر المعرفة، التحدي الحاصل الآن ليس في هذا النوع من التعليم إنما في النمط غير التزامني الذي يسجل فيه الكادر الأكاديمي محاضرته وينشرها مسجلة، ومن ثم يحضرها الطلبة في أي وقت يناسبهم، هذا النمط هو الأفضل للطالب إذ يكون لديه الوقت الاختياري في حضور المحاضرة في الوقت الذي يناسبه ومن أي مكان، فهو غير ملزم بوقت محدد أو بكيفية معينة للحضور، ولكن تكمن الصعوبة هنا للكادر الأكاديمي، إذ إن إخراج هذه المادة المرئية يجب أن تكون وفق محددات وضوابط معينة تتناسب مع النمط التعليمي عن بعد، إذ يجب أن تكون جاهزية هذا التسجيل بأسلوب معين يتناسب مع الإخراج الذي من خلاله يكتسب الطلبة المعرفة بشكل واضح ومهيئ للتعليم عن بعد، الذي يتضمن محددات معينة يجب أن يكون الكادر الأكاديمي مؤهلًا ليخرج المحاضرة بالصورة الجيدة. لذلك أرى أن يأخذ الكادر الأكاديمي دورة تأهيلية للتعرف على المرتكزات وعوامل نجاح النمط التعليمي غير التزامني والمرتبط بشكل متكامل بنمط التعليم عن بعد، وهناك جوانب تحتاج للتركيز عليها تساهم في إيصال المعلومة بشكل أفضل للطلبة بعضها إداري والبعض الآخر عملي، كذلك الجانب العاطفي مرتبط أيضًا بهذا النمط من التعليم، لأن لغة المخاطب ونبرة التخاطب مع الطلبة عبر وسائل التواصل لها أثر من الممكن أن يكون إيجابيًا أو سلبيًا في الوقت نفسه، لذلك فالتأهيل ضروري ومهم للكادر الأكاديمي ليتأكد أن مزاج الطلبة ضمن هذه البيئة التفاعلية لتحصيل التعليم عن بعد.
يضيف د. الفيروز: هناك تحد آخر وهو أننا كأكاديميين نتوقع أن الطلبة يستهلكون المادة التعليمية في النمط غير التزامني في أي وقت يتناسب معهم، والطالب بالعادة يحتاج إلى مساعدة في بعض الدروس ولديه استفسارات يحتاج أن يسألها في وقته هو ليجد الإجابة ويكمل الدرس ويستوعب كل الأمور المرتبطة بجوانب الدرس، ولكن من الممكن أن يكون الكادر الأكاديمي في ذلك الوقت في إجازة أو في وقت راحته، إذ من الممكن أن يستقبل بريدًا إلكترونيا من الطالب في أي وقت خارج أوقات الدوام، ويجب أن يكون الكادر الأكاديمي مهيأ في أي وقت لاستقبال هذا الاستفسار من خلال النمط غير التزامني، فهذه الأمور تحتاج جاهزية تامة من الكادر الأكاديمي في كل وقت وأن يتجاوب معها بالشكل الصحيح.
ـ وماذا عن استخدام الأدوات التعليمية المساعدة في التعليم عن بعد؟
الأدوات التعليمية المساعدة في نقل هذه المعارف عن بعد عديدة وكثيرة، وهي سهلة الاستخدام سواء للكادر الأكاديمي أو للطلبة والكثير منها متوفر بشكل مجاني، وستكون أكثر تطورا مع الوقت، لأننا لم نكن نتصور قبل ظهور هذه الجائحة أن كل العالم سيتوجه لهذا النوع من النمط في التعليم، والمؤسسات التعليمية هنا ليست مخيرة بل أصبحت مضطرة بالعمل بهذا النمط وعلى كافة المستويات سواء المستوى الجامعي أو المستوى التعليمي المدرسي، وصار هناك الكثير من التطور في هذه الأدوات خلال العشرة أشهر الماضية وما زال التطور في هذا الجانب قائما، ونتوقع خلال الفترة القصيرة القادمة أننا سنشهد تطور الكثير من طرق وأساليب التعلم عن بعد.
ـ التجربة العملية لهذا النمط من التعليم تواجه صعوبات في التقبل المجتمعي لها ما تعليقك؟
التعليم عن بعد هو نمط تواصلي ويكون نشطا في غالب الوقت ويحتاج لأدوات تساعد المتعلم أو الطالب على إدارة وجدولة الأعمال التعليمية المرتبطة بالشكل الصحيح، الإشكالية ليست فقط في التعلم عن بعد بل يجب أن تكون هناك إدارة حقيقية وصحيحة لهذا الجانب من قبل الطلبة، وهذه المهمة ليست سهلة بل هي صعبة خصوصا للطلبة المستجدين على هذا النوع من الأنماط التعليمية، لأنهم سيواجهون صعوبة في السيطرة على الوقت والتحكم فيه إذ إن هناك أدوات كثيرة منتشرة وكل كادر أكاديمي يتوقع من الطالب أن يتعلم أداة معينة مختلفة عن الأداة التي يستخدمها كادر أكاديمي آخر، كذلك الفروض الدراسية ستكون مكثفة في جانب آخر وسيضطر العمل مع مجموعات أخرى من الطلبة ويجب التواصل معهم، في حالة إدارة أدوات كثيرة ومختلفة من الممكن أن تسبب صعوبة للطالب في السيطرة على الوقت والتحكم في المواعيد الخاصة باجتماعاته مع زملائه، كل ما سبق صعوبات يجب أن يتعود عليها الطالب ويعرف كيفية إدارته لها بنفسه. بشكل عام التعليم عن بعد يحتاج إلى مصادر وأدوات من الممكن أن تكون غير متوفرة للجميع وخصوصا أن هذه الحالة جديدة على المجتمع ومسألة التأقلم تحتاج إلى وقت ومن غير الممكن الحكم عليها من الآن، خصوصا أن المدارس كانت مغلقة منذ بداية الجائحة وإلى الآن ولكن نحن على مشارف أن تكون مسألة التعليم عن بعد شيء اضطرارية يجب أن يستوعبه الجميع خصوصا المدارس.
الجميع يشترك في هذه المطالب وكذلك المصادر من الممكن أن تكون في بعض الأحيان مشتركة بين أكثر من طالب في المنزل الواحد، فالتحديات قائمة ولكن الجوانب الإيجابية الأخرى كذلك تسهم في جعل هذا النمط التعليمي الجديد خيارا مفضلا للعديد من أفراد المجتمع.
للمزيد من المعلومات عن هذا الموضوع أرجو الاطلاع على العدد رقم 24 من نشرة اقرأ عبر هذا الرابط:
https://anwaar.squ.edu.om/iqraa/