X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

كيف تتحقق الحماية الإدارية للمال العام؟

يمثل المال العام العصب الرئيس لأي دولة من جميع النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية، خصوصًا في ظل تطور وظيفة الدولة من كونها دولة حارسة إلى دولة متدخلة، الأمر الذي يجعل من الحفاظ على هذا المال العام وإحاطته بكافة صور الحماية أمرًا بالغ الأهمية، لاسيما الإدارية منها؛ إلا أن الدراسات المتصلة بالحماية الإدارية قليلة، والنصوص القانونية التي تناولت هذا النوع من الحماية تشتت في مختلف القوانين التي لها صلة مباشرة وغير مباشرة بالمال العام. ومن منطلق هذه الأهمية جاءت دراسة الماجستير للطالبة نجوى بنت مراد البلوشية التي شقت طريقها في كتابة هذا الموضوع النادر، بالرغم من الضغوطات التي مرت بها إبان مرحلة الكتابة في ظل شروعها بفتح مكتب المحاماة الخاص بها، وقدمت رسالتها تحت عنوان “الحماية الإدارية للمال العام” والتي تحدثت عنها معنا في الحوار الآتي:

 

 

إجراءات السلطات المختصة

 

 

تعرف الطالبة نجوى البلوشية الحماية الإدارية للمال العام على أنها الإجراءات والقرارات التي تتخذها الإدارة والسلطات المختصة لحفظ المال العام من أي اعتداء قد يتعرض له، والتصدي لأي خطر قد يهدد استمرار تخصيصه للمنفعة العامة. وتضيف البلوشية أن الحماية الإدارية تمثل خط الدفاع الأول، فهي تأتي في مقدمة الخطوط الدفاعية المقررة لحماية الأموال العامة، وهذا ما يضفي عليها أهميةً بالغةً، وتعدُّ الرقابة المالية والإدارية إحدى أهم الصور التي تجسد مصطلح الحماية الإدارية للمال العام.

 

 

قواعد الحماية

 

 

وتذكر نجوى البلوشية قواعد الحماية الإدارية للمال العام، إذ تقول “تعد الصيانة والإصلاح والتجديد إحدى القواعد الأساسية والتقليدية التي تكاد أن تكون منطقية ومألوفة تقع على عاتق الإدارة لحماية المال العام إداريا، كما وأن الرقابة على مشروعات القطاع العام، وواجب الموظف في حماية المال العام، ووجود قدر كافٍ من الشفافية المالية والإدارية والرقابة على الإنفاق العام كلها قواعد مهمة لتطبيق مفهوم الحماية الإدارية بشكل ناجع وفعال”.

 

 

وسائل الحماية

 

 

وتقول نجوى البلوشية أنه يمكن تقسيم الوسائل الإدارية التي تملكها الإدارة في سبيل حفاظها على المال العام إلى وسائل مباشرة وغير مباشرة، وتعد الوسائل المباشرة أحد أخطر الامتيازات الممنوحة للإدارة، لهذا يجب أن تحاط بجملة من الاشتراطات، ولعل التنفيذ المباشر والحجز الإداري أهمها، أما الوسائل غير المباشرة فتتعدد، منها وسيلة التقارير الإدارية وهي بمنزلة ملخص حسابي وإداري حول الأعمال التي قامت بها الجهة الإدارية، ووسيلة الإدارة وسلطتها في مجال العقود الإدارية.

 

 

جهاز الرقابة المالية

 

 

تلعب أجهزة الرقابة المالية والإدارية دورًا مهمًا في حماية المال العام إداريًّا والكشف عن بؤر الفساد المالي والإداري واقتلاعها من جذورها فور نموها، وتقول نجوى البلوشية أن الوظيفة الرقابية تمثل إحدى أعظم المهام الملقاة على عاتق الأجهزة الرقابية وتحدث أثرًا فوريًّا ومُرضيًّا للمحافظة على الأموال العامة متى ما تم تفعيلها وتسهيل عملها، وتعاون الجهات الخاضعة للرقابة معها. ولتحقيق غرضها الرقابي تستخدم هذه الأجهزة الأدوات القانونية التي سخرها لها المشرع، وتقوم كذلك بمباشرة الرقابة الوقائية قبل حدوث المخالفات عن طريق سلطتها في رقابة أداء الجهات الخاضعة لرقابتها، وتستطيع بناء على ذلك التدخل في الوقت المناسب لتصويب المسار وتفادي الأخطاء والتجاوزات قبل حدوثها ويمثل جهاز الرقابة المالية والإدارية في الدولة الجهاز المستقل المختص بهذه المهمة.

 

 

نتائج الدراسة

 

 

تذكر نجوى البلوشية أهم النتائج التي خلصت إليها الدراسة وهي: الحماية الإدارية التي تعد خط الدفاع الأول في المحافظة على المال العام، وذلك عن طريق الرقابة المالية والإدارية والرقابة على الأداء، وكذلك تلعب الإدارة الإلكترونية دورًا كبيرًا في التقليل من الفساد الإداري والمالي في الدولة، كما أن سلطة الإدارة في تعديل العقد الإداري بإرادتها هي سلطة استثنائية ومتصلة بالنظام العام هدفها المصلحة العامة وحماية أموال الدولة، وتعد المنظمات الدولية للأجهزة العليا للرقابة مرجعًا رئيسًا لعمل الأجهزة الرقابية في الدول، كما يعد مجلس الشورى الشريك الأساسي مع جهاز الرقابة المالية والإدارية في الدولة لمكافحة الفساد وحماية الأموال العامة.

 

 

توصية بتعديلات على قانون الرقابة

 

 

وتوصي نجوى البلوشية في دراستها بإجراء تعديلات على قانون الرقابة المالية والإدارية في الدولة متمثلة في الآتي: تقرير إلزامية تقديم إقرار بالذمة المالية على جميع العاملين بالجهاز الإداري بالدولة وبالشركات التي تساهم فيها الدولة، بما فيهم رئيس جهاز الرقابة وأعضائه، وتفعيل الرقابة السابقة والمعاصرة للعمل الإداري والمالي للجهات الإدارية في الدولة بشكل دوري، وعدم الاكتفاء بالرقابة اللاحقة. كذلك تقرير إلزامية اجتياز أعضاء الجهاز الرقابي بالدولة للدورات والبرامج التدريبية المتخصصة في الرقابة بنوعيها قبل توليهم المهام الرقابية.

كما توصي بإضافة مادة قانونية تقرر العمر الوظيفي لرئيس الجهاز الرقابي بما لا يتجاوز الخمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وبتعديل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وذلك بإعادة النظر في القيد الزمني والقيمي لقبول العطاءات في عقود الشراكة بين القطاعين وتعديله. إضافة إلى تعديل قانون الجزاء العماني فيما يتصل بالعقوبات المقرر في الجرائم الواقعة على الأموال العامة، وذلك بتشديدها للضعف لتحقق معاني الردع العام. وتوصي الدراسة بمكننة العمل الإداري الإلكتروني وتوسيع نطاقه ليشمل أغلب التعاملات، لمساهمته في الحد من التجاوزات الواقعة على الأموال العامة، وبإرساء أسس الصحافة والإعلام الحر وكفالة حرية الرأي والتعبير المتصلة في الكشف عن مواطن الفساد الإداري والمالي.

 

About the Author

ايمان الحسنية

ايمان الحسنية

محرر محتوى