X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

شوقًا للأزهار تطير!

 

اعداد / خلود البوسعيدية 

يقول طاغور: “لا تُحصي الفراشة الشهورَ التي تمرُ بها، بل اللحظات التي تعيشها، ولديها لِأجل ذلك كل الوقت الكافي”، فهل نستطيع أن نعيش مثل الفراشات؟ كائنات عجيبة متنوعة، تسرُّ الناظرين بألوانها الساحرة، تتنقل ما بين زهرة وزهرة، عمرها قصير لكنها تبعث في الحياة جمالًا ومسرة! الدكتور علي بن خلفان الوهيبي ـ من قسم علوم المحاصيل بكلية العلوم الزراعية والبحرية، يحلِّق بنا إلى عالم الفراشات ويفاجئنا بما نجهله عن هذه الكائنات..

 

 

ومن الجمال ما بهر!

* أخبرنا قليلا عن حياة الفراشات وجمال ألوانها؟

تُقسم الفراشات إلى فراشات نهارية وتسمى “فراش”، وفراشات ليلية وتسمى “عث”، أو إلى فراشات كبيرة وصغيرة. وتبدأ حياة الفراشات كيرقة تتحول إلى عذراء مشرنقة أو غير مشرنقة ومن ثم تصبح فراشة مجنحة. وتعيش الفراشات البالغة الكبيرة الحجم نسبيًا مدة أسابيع أو بضعة أشهر كحدِّ أقصى، أما الفراشات الصغيرة الحجم فقد لا تتعدى حياتها أكثر من أسبوع، وكلما ارتفعت الحرارة قصرت حياة الفراشات.

وعادة تختلف ألوان الفراشة الطفلة (اليرقة) عن ألوان الفراشة الكاملة المجنحة، فألوان اليرقات تأتي من تجمع لمركبات كيميائية في جلدها، ومن هذه الألوان ما يساعدها على التموُّه في بيئتها النباتية ومنها ساطع اللون للتحذير كالأصفر والأحمر المختلط مع الأبيض أو الأسود، يثير الانتباه ويعلن لغيرها من الحيوانات المبصرة أنها سامة بسبب تغذيها على نبات سام.

أما ألوان الفراشات البالغة فناتج عن حراشفها الدقيقة التي تُغطي أجنحتها، وبعضها زاهية اللون بخليط متداخل من الألوان وذلك للفت انتباه الفراشات الأخرى من النوع نفسه بغرض التزاوج، أو بلونين أو ثلاثة فارقة مكونة من الأصفر أو البرتقالي مع الأبيض والأسود لتحذير المفترسات، وبعضها ذات ألوان باهتة (رمادية) أو داكنة غير جذابة (بنية) تمكِّنها من الاختباء حين تجلس على جذوع الأشجار أو على التربة والصخور.
تعيش الفراشات في بيئات مختلفة بناء على عوائلها النباتية الذي تحصل منه على غذائها، فبعضها، مثل فراشة الليمون/الحمضيات، توجد فقط في الأماكن التي يتوفر فيها نوع معين من النباتات فإذا انعدم ذلك العائل انعدمت هي بدورها. لكن بعض أنواع الفراش مرنة في غذائها وتوجد على أنواع كثيرة من النباتات، مثال ذلك دودة ورق القطن وأقاربها من الجنس نفسه.

 

أثر الفراشة لا يزول!

* كثيرا ما نرى الفراشات من حولنا.. فما الذي يضفيه وجودها في حياتنا؟

للفراشات دور مهم في حياة الإنسان، فهي ملقحات للزهور وبدونها لا نستطيع الحصول على ثمار أو بذور بعض المحاصيل، وهناك بعض أنواع العث لها دور كبير في بقاء واستمرارية بعض النباتات مثل عث نبات اليَكَا، وقد يكون لأنواع العث التي تنشط ليلًا دور في تلقيح الزهور أكبر مما هو معروف!

ومثلما قد تستفيد الدول من صناعة الحرير من خلال تربية دودة القز (أو عثة الحرير) على أوراق التوت (الفرصاد)، فبإمكانها كذلك إنشاء حدائق للفراش بغرض السياحة والتعليم والتثقيف البيئي، وإنشاء مدارس فنية ومصانع ملحقة تقتبس من أنواع محلية من الفراش تصاميم لمنتجات جمالية مختلفة كالأقمشة والحقائب والديكور. هناك أيضًا شعوب تأكل يرقات الفراش؛ ولذا فتشجيع الدول ودعمها لمشاريع تربية يرقات الفراش والعث غير السام قد يوفر منتجات غذائية وعلفية تدعم الاقتصاد في تلك الدول، وتوفر بديلا للحوم الحيوانات المستأنسة مثل البقر والغنم والإبل، فضلًا عن استخدامها كعلف لتغذية الحيوانات المستأنسة في أنحاء العالم.

جانب آخر إيجابي هو أن الفراش النهاري وبعض مجموعات من العث لها ألوان جميلة تفرح وتبهج، كذلك طيرانها ورفرفتها وجلوسها على الزهور يسعد الرائي، وفي تربيتها ومراقبة تطورها والتغيرات العجيبة التي تطرأ عليها ما يبهر المراقب والمشاهد.

 

* على الرغم من هذه المنافع.. أثمة أضرار قد تُلحِقها الفراشات بنا؟

هناك جانب سلبي في علاقتنا مع الفراشات لأن منها أنواعًا عديدة مضرة بالمحاصيل بسبب تغذي اليرقات على هذه المحاصيل مثل دودة ورق القطن أو بسبب تغذي البالغات على أشجار الفاكهة، مثل العث الثاقب للثمار، ومنها ما هو آفة على نحل العسل، فهناك أنواع من العث مخربة للشمع وأنواع سارقة للعسل. ويمتد الأثر المدمر إلى المنتجات النباتية والحيوانية المخزنة، فهناك عثة الحبوب التي تتغذى على القمح وغيرها من بذور الغلال، وعثة الصوف التي تتغذى على الأقمشة والملابس الصوفية والحريرية والجلدية.

هناك أيضًا بعض أنواع من الفراشات لها يرقات مشعرة أو مشوكة قد تسبب حين تُلمس، بقصد أو غير قصد، حساسية جلدية للعاملين في الزراعة أو في الغابات أو للسياح؛ بسبب الغدد السامة المتصلة بالشعر والأشواك التي تغطي أجسامها. هناك أيضًا حالات نادرة من العث المزعج الذي يتغذى على السائل الدمعي في العيون أو على سوائل الجروح المفتوحة أو يقوم بالعض للتغذي على الدم بعد ثقب الجلد.

 

عرس للفراشات في عمان!

* الفراشات التي تُحلق في سهول عمان وجبالها.. ما أهم أنواعها؟

حسب آخر ما نشر حتى أواخر 2008، هناك نحو 500 نوع من الفراشات في عمان. إذا تكلمنا عن الفراش الكبير فهناك نوعان متشابهان جدًّا من “فراشة الليمون/الحمضيات”، أحدهما منتشر في المحافظات الشمالية والآخر في محافظة ظفار، أما “الفراشة سنونوية الذيل” التي تتغذى على نباتات من عائلة البقدونس/الجزر، فهي توجد في شمال عمان فقط.

ربما يكون من أكثر الفراشات لفتا للانتباه “الفراشة الملكية” البرتقالية اللون التي تتغذى على نبات الشخر السام، وهناك فراشة حورية تسمى “الفراشة التاجية” إناثها لها أجنحة ذات شكل وألوان مشابهة جدًّا للفراشة الملكية، وفي الغالب تستفيد “الفراشة التاجية” من هذا التشابه بتحاشي المفترسات لها؛ لظنها أنها سامة مثل “الفراشة الملكية” السامة، وكلا النوعين موجودان في الأنحاء الشمالية والجنوبية من السلطنة.

هناك أيضا “فراشتا الراك” الشائعتان ذاتا اللون البرتقالي المتبرقش مع الأبيض والأسود، وهما منتشرتان في كل أنحاء عمان أينما وجدت شجرة الراك، و”الفراشة المتبرجة” التي تُرى بكثرة في الربيع وخلال النصف الأول من الصيف، و”الفراشة الورقية اللؤلؤية” و”الفراشة الورقية حليبية الحدين” اللتان لا توجدان إلا في محافظة ظفار وبالذات في منطقتي جبل القرا وجبل القمر.

ربما تكون أهم فراشة في عمان من الناحية الاقتصادية هي “فراشة الرمان” التي توجد بكثرة في منطقة الجبل الأخضر، وحين تظهر ثمار الرمان في الربيع تهاجر هذه الفراشة من تجمعات أشجار الطلح البرية نحو المزارع والحدائق المنزلية لتضع بيضها على هذه الثمار، ومن ثم تتغذى يرقاتها على المكونات الداخلية للثمار مما يؤدي إلى فسادها، مسببة خسائر قد تكون كبيرة في بعض السنوات.

أما العث فهناك العديد من الأنواع المهمة اقتصاديًّا، وكثير منها متوسط إلى صغير الحجم كالعث الليلي الأغبر والعث الخطمي والعث الدقيق الحجم، وهي تتغذى على محاصيل الحبوب من ذرة وقمح وأرز (عثة الحبوب) أو تتغذى على محاصيل الخضروات مثل: الطماطم (حافرة أنفاق أوراق الطماطم) والمحاصيل الحقلية (دودة القطن المشوكة) وأشجارالفاكهة (الحميرة) والأشجار الحرجية (السحل المشعر) والزهور الحولية (دودة ورق القطن). من الناحية الجمالية معظم أنواع العث الأكثر جاذبية تنتمي إلى العث الصقري والعث النمري، وبعض هذه الأنواع له أهمية اقتصادية، فمثلا هناك عثة رأس الموت الصقرية التي تتغذى يرقاتها على نباتات من عائلة الباذنجانيات وعلى أنواع مختلفة من الياسمين، وتتسلل بالغاتُها إلى داخل خلايا النحالين لتتغذى على العسل اللذيذ.

 

تصوير ومونتاج: صقر السليماني

 

About the Author

Dnngo Company

بوابة أنوار الإخبارية