“هذه أمور جميلة، لكن الأجمل للشخص الكفيف هو أن تزرع فيه ثقته بنفسه”.
هذا ما قاله الطالب رشيد بن خالد بن محمد السيابي، خريج من كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، بعد رحلة طويلة من التحدى والصبر والرضا والإرادة، فعالم الشخص الكفيف أكثر ثراء وأكثر تنوعًا وابتكارًا مما نتصور! نتعرف إلى قصتة التي يحكيها لنا من خلال السطور الآتية..
العشى الليلي
“ولدت في قرية مزرعة بنت سعد التابعة لولاية بدبد بمحافظة الداخلية، وقد أصبت بـ ” العشى الليلي” وهو مرض يتسبب في فقدان الخلية العصوية في الشبكية قدرتَها تدريجيًّا على الاستجابة للضوء، مما أفقدني جزءًا كبيرًا من بصري، لكني لم أفقد إرادتي وإيماني، إذ بدأت مشوار الدراسة!”.
إلى المعهد
“التحقت بمدرسة خالد بن الوليد حتى الصف السابع، عانيت خلال هذه الفترة من عدم توفير الخدمات والكتب المناسبة، ونصحتني إدارة المدرسة بالانتقال إلى معهد عمر بن الخطاب للمكفوفين التابع لوزارة التربية والتعليم، فهو مختصٌ بالتدريس وتأهيل المكفوفين وضعاف البصر وتهيئتهم علميًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا ورياضيًّا، ويسعى المعهد إلى تقديم المعارف والعلوم لطلابه، من أجل تطوير قدراتهم والوقوف على مواهبهم وإبرازها للمجتمع، وزرع الثقة في نفوسهم”.
وداعًا للحقوق
“مرت سنوات المرحلة الابتدائية والثانوية وكنت متفوقًا في دراستي، إذ حصلت في نهاية المطاف على المركز الأول على الدفعة بنسبة 87 بالمئة، وحاولت الالتحاق بكلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس، إلا أن الكلية كانت غير جاهزة لاستقبال طلبةٍ من ذوي الإعاقة؛ ليستقر بي الحال طالبًا بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية تخصص علم الاجتماع”.
الآداب تدعمني
“تم تطوير قدرات كلية الآداب والعلوم الاجتماعية لخدمة ذوي الإعاقة، فهي تضم معملا للتقنيات المساعدة، مزودًا بأحدث المعدات والأنظمة الحاسوبية التي تسهل على الطالب الكفيف الوصول إلى مصادر المعرفة دون الاعتماد على الآخرين، وممرات الكلية مزودة بموجِّهات أرضية تساعد الطلبة المكفوفين على الحركة داخل حرم الكلية باستقلالية، إضافة إلى توفير لوحات إرشادية بلغة برايل على جميع أبواب المكاتب والفصول الدراسية، وأبواب آلية الفتح تُعين ذوي الإعاقة الحركية على التنقل بسهولة، كما تم تزويد جميع المصاعد بأنظمة صوتية ناطقة”.
لكن الأجمل
“هذه أمور جميلة، لكن الأجمل للشخص الكفيف هو أن تزرع فيه ثقته بنفسه، وأن يعتاد على استغلال المتاح أمامه بكل طاقته، ورغم أنني سعيد بما حققته، لكن أتمنى أن أشارك في جميع أعمال التطوع الاجتماعي التي تسهم في خدمة المجتمع؛ فهذا يحقق لي نوعًا من الرضا الذاتي، كما أتمنى افتتاح شركة خاصة بي، وفي الوقت نفسه استكمال دراساتي العليا، وبناء أسرة كريمة”.