X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

قمر عماني في سماء العالمية

متابعة وإعداد / خلود البوسعيدي، نورة الوهيبي

د. علي البيماني: نفخر بهذا الإنجاز الذي يُمثل عبورًا رائدًا بثقافتنا وفكرنا ومجتمعنا إلى الآخر وحضارته!
د. رحمة المحروقية: إننا نفخر ونفاخر بالدكتورة الكاتبة وبإنجازها العظيم الذي يضاف إلى رصيد الجامعة.
د. أحمد يوسف: إنّ الطريق إلى العالميّة والوصول إليها لا بد أن يأخذ في حسبانه الخصوصيّات الثقافيّة، والترجمة إبداع وخلق ثانِ، وليس فقط خيانة جميلة!
د. محمد زروق: إن فوز الرواية هو فوز القدرة على الحكاية والاشتغال على العوالم السرديّة للشخصيّات والرؤى المحدّدة للأحداث!

عن ميا وأسماء وخولة.. عن بلدة العوافي وتشكلاتها المجتمعية.. عن حكايات الحب والجمال، والقهر والآمال.. تحكي جوخة الحارثي في روايتها “سيدات القمر”، هذه الرواية التي حلقت بجمال محليّتها وخصوصيتها الثقافية العمانية إلى “لندن” لتنال في ترجمتها الإنجليزية “أجرام سماوية” جائزة مان بوكر العالمية 2019، فتضع بهذا الإنجاز، الذي يُعد الأول من نوعه عربيًّا، الأدب العماني في مرتبة رفيعة، مشركةً الآخر في عوالمها السردية التي”تتناول تحولات الماضي والحاضر وتجمع بلغة رشيقة بين مآسي بشر لا ينقصهم شيء ومآسي آخرين ينقصهم كل شيء!”.

 

نهنئ عمان ونفخر:


بمناسبة هذا الفوز العالميّ، أعرب سعادة الدكتور علي البيماني ـ رئيس الجامعة، عن تثمينه لهذا الإنجاز، وهنأ قائلا: “نبارك للدكتورة جوخة الحارثي فوز روايتها سيدات القمر المترجمة بجائزة مان بوكر 2019، ونفخر بهذا الإنجاز الذي يُعد تكليلا ليس للكاتبة فحسب، بل لعمان وأدبها أيضًا، إذ يمثل عبورًا رائدًا بثقافتنا وفكرنا ومجتمعنا إلى الآخر وحضارته!”. وأضاف: “ونزجي التهنئة كذلك للمترجمة مارلين بوث التي مكنّت هذه الرواية من الوصول إلى أرجاء العالم، راجين لكل الأكاديميين بالجامعة والمبدعين في عمان العزيزة وافر التوفيق في إيصال الإنجاز العماني لأعلى المراتب العالمية”.

 

وقالت الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية ـ نائبة الرئيس للدراسات العليا والبحث العلمي، مباركة: “نبارك للأخت الدكتورة الأديبة جوخة الحارثية الإنجاز الرائع الذي أحرزته بفوز روايتها “سيدات القمر” بجائزة مان بوكر الدولية. إننا نفخر ونفاخر بالدكتورة الكاتبة وبإنجازها العظيم الذي يضاف إلى رصيد جامعة السلطان قابوس وبلدنا الغالي عمان والأمة العربية. إن قارئ رواية “سيدات القمر” ليوقن بأنها فعلا مستحقة للجائزة بفضل مميزاتها من حبكة وأسلوب قصصي وسلامة ورصانة في اللغة ووضوح في التعابير. شخصيًّا كنت أتوقع للرواية أن تفوز بإحدى أكبر الجوائز الدولية، والحمد لله أن تحقق هذا التوقع بفوز النسخة المترجمة إلى اللغة الإنجليزية من الرواية والتي حملت عنوان “Celestial Bodies” بجائزة مان بوكر الدولية. وهنا لا يفوتني أن أبارك للفاضلة مارلين بوث مترجمة الرواية هذا الفوز أيضا ونشكرها على الترجمة. أسأل الله التوفيق لجميع أبناء عمان المبدعين كما نسأله تعالى الرفعة لعمان وجميع مؤسساتها العلمية”.

وعن أهمية هذا الحصاد المنتظر، قال الدكتور محمد بن علي البلوشي ـ عميد كلية الآداب والعلوم الاجتماعية: “يمثل فوز رواية سيدات القمر للدكتورة جوخة الحارثي أهمية كبيرة للأدب العماني وذلك لأنه سيجذب اهتمام القراء بالأدب العماني، وسيجعل الرواية العمانية محط اهتمام القراء من كل أنحاء العالم، كما سيعمل على تغير الصورة النمطية عن الكتابة والأدب الحديث في هذا الجزء من العالم. إن هذا الفوز يعد بمنزلة خروج علي هيمنة الأدب الغربي وتفوقه، وهو هنا يذكرنا إلى حد كبير بفوز الروائي نجيب محفوظ بجائزة نوبل الذي لفت الأنظار للروايات العربية”. وأضاف: “وهذا الفوز بتأكيد يمثل إنجازًا مهمًا يضاف إلى الإنجازات الكبيرة التي حققتها جامعة السلطان قابوس منذ نشأتها، هذه الجامعة التي لعبت عبر العقود القليلة الماضية دورًا لا تخطئه العين في تطور القصة والرواية في عمان حيث تعد جوخة الحارثي أحد أبرز الأسماء التي بدأت تجربتها وطورتها في الجامعة.. أبارك للجامعة ولكلية الآداب والعلوم الاجتماعية هذا الفوز الكبير!”.

 

سيدات القمر عوالم السرد والجمال:


“سيدات القمر عالميّة بجمال محليتها وقيمتها الإنسانية” هكذا بدأ الدكتور أحمد يوسف ـ أستاذ مشارك بقسم اللغة العربية وآدابها ـ حديثه عن الرواية الفائزة، وفسر قائلا: “رواية “سيدات القمر” نص سرديّ مفعم بالجمال يقدم لقارئه رؤية محليّة تحمل قيمًا إنسانيّة عالميّة. ولعل هذا التتويج بجائزة مان البوكر 2019 يعطينا درسًا فحواه أنّ الطريق إلى العالميّة والوصول إليها لا بد أن يأخذ في حسبانه الخصوصيّات الثقافيّة، ولا يتأتى ذلك بالقفز على المحليّة؛ ولكن بشرط أن ترتفع الموهبة والاقتدار الفنيّ بهذه المحليّة إلى مصاف العالميّة، وتبرز جوانبها الإنسانيّة التي يجد فيها كل قارئ ذاته. ولعل هذا قبس مما حققته الرواية”.

 

وأضاف عن ثنائية القهر والجمال في الرواية: “لقد نجحت جوخة الحارثيّ في تأثيث بيتها الروائيّ بحكايات مفعمة بالصدق الفنيّ والبذخ الجماليّ، وحوّلت شخوصها على تفاوت مقامها الاجتماعيّ وتراتبيّتها الطبقيّة إلى سيدات جميلات حتى في حرمانهن وقهرهن؛ إذ جعلت من شخصية ظريفة تلك “العبدة” التي ولدت في عراء بلدة “العوافي” صورة حيّة تمثل قيم الحرية المنتهكة؛ لأنّ ظريفة ووالدتها وأبناءها جاؤوا إلى الوجود تحت القهر والإكراه، ومع ذلك منحتهن جوخة الحرية والسيادة.. إنّه الفن الذي يحررنا من كل أشكال القهر، ويعيد الحياة إلى توازنها الطبيعيّ!”.

واستدرك قائلا: “ومع ذلك فإنّ (سيدات القمر) لا تقدم لنا حالات الأشياء كما تتمثّلها معارفنا المشتركة أو كما تتطابق مع موسوعتنا حول موضوعات العالم؛ ولكنها تضع بين أيدينا ذلك المشترك من القيّم الإنسانيّة الرمزيّة، التي يتفاعل معها القارئ أينما حلّ وارتحل، ذاتها فيها. وفي الأخير نستشف أنّ الرواية مؤمنة بنسبيّة القيم، ومدركة لطبيعة الصراع الإنسانيّ، وجريئة في فضح التناقضات الاجتماعيّة”.

وختم حديثه مهنئًا: “هنيئًا للروائيّة جوخة الحارثيّ التي شرّفت ذاتها وبلدها الطيب عُمان، وثقافتها العربيّة والإسلاميّة والعالميّة. وهنيئًا لشخصية (لندن) التي قادت صاحبتها إلى لندن لكي تتسلم جائزة مان للبوكر. مؤكدة لنا أنّ الترجمة إبداع وخلق ثان، وليس فقط خيانة جميلة”.

وعن الرواية وتناولها للتاريخ العماني بين الواقع والتخييل، قال الدكتور محمد زروق ـ أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية وآدابها: “رواية “سيدات القمر” الفائزة بجائزة مان بوكر 2019، هي روايةٌ مختلفة ومجالها السرديّ صانعٌ للدهشة والغرابة، ذلك أنّها روايةٌ تُلامسُ عمق التاريخ العمانيّ الحديث، وتُسرّدُ عوالم محفوظة في الأذهان. وقد استطاعت الكاتبة أن تُخرج هذه العوالم من صمتها إلى صائت السرد، احتوت الرواية فضاءات عديدة وقضايا متباينة تشمل النفسيّ الفرديّ والعامّ الاجتماعيّ والتراثيّ التقليديّ، وتكاثفت شخصيّات لا تُشعرك بالصنعة الأدبية بقدر ما تُداخل نفسك وتشعرك أنسًا”.

وتابع موضحًا: “تصنع جوخة الحارثي في هذه الرواية عوالمها، ولا تنقل واقعا، وإنّما هي رواية تخييليّة وإن ارتبطت بواقع محليّ بدت آثاره في عديد المظاهر من تحديد الأماكن، وصفات الشخصيّات والإحالة على وقائع تاريخيّة بعينها، غير أنّ الفارق الذي أحدثته الكاتبة هو قدرتها على تمثّل هذه المظاهر وإخراجها في هيئة روائيّة بأسلوب سلس قائم على السرد الاسترجاعي، إذ تُطلق الكاتبة الشخصيّات تُعبّر عن ذواتها بلغتها وتصوّرها للكون، ولا تعمل على الهيمنة بلغتها ومنظورها على فضاء السرد”.

وأضاف: “رواية “سيدات القمر” روايةٌ قدرت على تجاوز أزمة الروائي في التفاعل مع التاريخ، ومع إحالات الواقع، فالتاريخ كان مادّة والتخييل كان نهجا وواسطةً، فقد تنوّعت الشخصيّات وامتلأت بالدلالة، التي أثرت العمل، ومنها تولّدت الأفعال والأحداث. ولذلك فإنّ فوز الرواية لا يدخل في باب الفوز السياحي بتقديم مظاهر عن حياة مختلفة للآخر، وإنما هو فوز القدرة على الحكاية والاشتغال على العوالم السرديّة للشخصيّات والرؤى المحدّدة للأحداث. إنّ فوز الرواية ليس مُنبتًّا عن تراكم الحكاية/ الحياة في المجتمع العمانيّ، عبر واسطة المُتناقَل الشفويّ، أو عبر واسطة الأدب العارف العالم”.

 

أدبنا العماني ممتد وعريق:


ومهنئًا ومشيدًا بإنجازات الدكتورة الأكاديمية والروائية، قال الدكتور عبد الله بن خميس الكندي ـ أستاذ مشارك بقسم الإعلام: “هذا الفوز يضع الرواية العمانية في مرتبة عالمية متقدمة لاسيما أنها أول رواية عربية تفوز بهذه الجائزة العالمية المرموقة في الأدب! وفي الحقيقية تستحق الروائية والكاتبة الدكتورة جوخة الحارثي كل التهنئة وكل التقدير على هذا الإنجاز غير المسبوق والمهم بالنسبة للأكاديمي الذي يتعطّى شأن من شؤون المعرفة الإنسانية أو الطبيعية؛ ثم يحقق إنجازًا إبداعيًّا في هذا المجال”.

 

وأضاف مؤكدًا عراقة الأدب العماني وامتداده: “تمثل الدكتورة اليوم أحد الأقلام العمانية والخليجية المهمة في المجال الروائي، وأهنئ الوسط الثقافي والأدبي في عمان تحقيق هذا الإنجاز الذي أرجو أن يكون حافزًا للمبدعين والكتاب في الحقول الأدبية للاستفادة منه، وإعادة التأكيد مرة أخرى بل مرات قادمة أن الأدب العماني قد حقق بالفعل خطوات ناجحة ومتقدمة وأصبح بالفعل في مصاف عالمية ينظر لها بعين الحسبان، وذلك ليس بكثير على الأدب العماني فعمقه التاريخي والحضاري ووجوده لا يمكن أبدًا التشكيك فيه أو التقليل منه، وما أدباء عمان الحاليين وكتَّابها إلا حلقة في سلسلة طويلة وممتدة من روائع إنجازات المبدعين والمفكرين العمانيين منذ قرون طويلة وبعيدة!”.

 

حقبة تاريخية ومصادر إلهام:


وفي حوار لها في برنامج عالم الكتب لإذاعة الـBBC كانت الدكتورة جوخة الحارثي قد أكدت أن رواياتها هي محاولة لإعادة قراءة التاريخ العماني، وعن سؤالها: هل ثمة شغف بمرحلة تاريخية ما تجعلها دائمة البحث والتنقيب عن شخصيات روائية تمثلها؟ أجابت: “نعم.. أنا شغوفة بالمرحلة المبكرة والمتوسطة من القرن المنصرم، لأن بالنسبة لي هذه المرحلة غامضة وعاشت عمان فيها بعض الظروف الصعبة، ونسمع أصداء هذا من أجدادنا دون أن نفهم بالضبط كيف كان الحراك المجتمعي والتاريخي في ذلك الوقت، ولأن المصادر التاريخية العمانية قليلة عن هذه المرحلة، كان لابد من الرجوع للوثائق البريطانية التي أمدتني بمادة أستطيع من خلالها فهم بعض ما كان يحدث في المجتمع والبلد في ذلك الوقت”.

 

وأضافت حول مصادر إلهامها الروائي في الطفولة: “بالنسبة لطفولتي، وافتني الحظوظ في هذه الطفولة من النشأة بمقابلة حشد من النساء الأسطوريات، كل امرأة منهن كنز من الحكايات، وكل حكاية فتنة!، وهذه النسوة من الممكن أن يكن قد شكلن وعيي لأنهن متنوعات جدًا، من العجوز التي لم تمسك كتابًا بيديها قط، إلى الشابة التي هاجرت للدراسة في أرقى الجامعات، من الخادمة التي قضت حياتها تعتني بالآخرين دون أن يعتني بها أحد، إلى الأميرة التي لم تخرج من قصرها حتى بلغت الخمسين واكتشفت أن هناك حياة خارج أسواره، فأنا محظوظة عايشت وأنا طفلة وسمعت حكايات مختلفة جدًّا من نساء مختلفات جدًّا”.

ويشار أخيرًا إلى أن جوخة الحارثي (1978)، الروائية والأكاديمية العمانية بجامعة السلطان قابوس، تحصلت على الدكتوراه في الأدب العربي القديم من جامعة إدنبره، وصدر لها ثلاث روايات هي “منامات ـ 2004″ و”سيدات القمر ـ 2010″ و”نارنجة ـ 2016”. كما أصدرت نتاجات أدبية أخرى منها مجموعات قصصية: “مقاطع من سيرة لبنى إذ آن الرحيل ـ 2001″ و”صبي على السطح ـ 2007″ و”في مديح الحب ـ 2008”. وقصص للأطفال: “عش للعصافيرـ 2010″ و”السحابة تتمنى ـ 2015”.

وحصدت نتاجاتها الأدبية عددًا من الجوائز، إذ فازت رواية “نارنجة” بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب 2016، كما نالت الكاتبة جائزة أفضل رواية عمانية في مسابقة أفضل إصدار عُماني منشور في مجالي الأدب والثقافة لعام 2010 عن رواية “سيدات القمر”، وجائزة أفضل كتاب في فرع أدب الأطفال في مسابقة أفضل إصدار عُماني منشور في مجالي الأدب والثقافة لعام 2010 عن كتاب “عش للعصافير”.

أما جائزة مان بوكر الدولية فهي جائزة دولية أسست في المملكة المتحدة، وتم الإعلان عن فكرة تأسيسها في يونيو 2004، وقد أسست الجائزة رسميًّا في عام 2005. ومنذ عام 2005 تُمنح الجائزة كل سنتين إلى كاتب من أي جنسية لمجموعة من الأعمال التي يكون قد نشرها باللغة الإنجليزية أو التي قام بترجمتها إلى اللغة الإنجليزية.

 

About the Author

Dnngo Company

بوابة أنوار الإخبارية