X638311283768843821

 



  

Banner-02638735669713724437

 

والجبال أوتادا

يُعتبر القرآن الكريم معجزة علمية خالدة تتجدد فيه المعجزات مع كل كشف علمي للإنسانية حتى قيام الساعة، وقد دعانا الله عز وجل للتفكر والتأمل في ملكوت السماوات والأرض بقوله تعالى في سورة الذاريات: “وفي الأرضِ آياتٌ للمُوقِنينَ وفِي أنفِسِكُم أفَلا تُبصِرُون”.

وبالنسبة إلى الظواهر الجيولوجية فقد تطرق القرآن الكريم إلى الكثير منها قبل أن يكتشفها العلم الحديث، مما يبرهن على الإعجاز العلمي للقرآن. وفي هذه المقالة سنتطرق إلى الإعجاز العلمي في قوله تعالى في سورة النبأ “والجِبَالَ أَوتَادَا”.

ومعنى الآية لغويا هنا هو أن الله جل وعلا قد ثبت الأرض بالجبال كما يثبت البيت أو الخيمة بالأوتاد لئلا تميل الأرض ولكي تستقر، كما ورد في تفسير القرطبي وابن كثير. والوتد كما هو معروف آداة خشبية أو حديدية تستخدم لتثبيت الخيمة بغرسها في الأرض فيكون معظمه تحت الأرض ولا يظهر منه على السطح إلا الجزء البسيط. ولكن المفسرين القدماء لم يكونوا يعرفون كيف تعمل الجبال على تثبيت الأرض كما أنهم لم يعلموا بأن الارتفاع الظاهر للجبل لا يشكل سوى نسبة بسيطة من حجم الجبل الحقيقي المنغرس تحت الأرض.

علميًا اكتشف علماء الجيوفيزياء في القرن التاسع عشر بأن للجبال جذورًا ممتدة إلى مسافات عميقة ومنغرسة في طبقة الوشاح مما يضمن استقرار وإتزان الأرض، فيعمل الجبل مثل الوتد أو المرساة للسفينة. كما يبلغ جذر الجبل أضعافًا مضاعفة للارتفاع الحقيقي للجبل. فالقشرة الأرضية تتشكل من عدة صفائح تكتونية تطفو على صخور الوشاح الشبه منصهرة، لذا لا بد لها من وتد أو مرساة تثبتها لكيلا تتحرك أو تتمايل وذلك تطبيقا لقوله تعالى في سورة النازعات: “والجبال أرساها”. وقد تطرق إلى الإعجاز القرآني في هذه الآية الكثير من العلماء المسلمين المعاصرين من أمثال عبدالمجيد الزنداني وزغلول النجار.

ولأن بلادنا تزخر بالكثير من العجائب الجيولوجية التي تدل على عظمة الله عز وجل في خلقه، ومن منظور جيولوجية عمان فقد أثبتت الدراسات التي قام بها الدكتور علي الإزكي من جامعة السلطان قابوس بأن جذر الجبل الأخضر في السلطنة يمتد لعمق 9 كم منغرساً في صخور الوشاح الشبه منصهرة لكي يحافظ على استقرار الأرض العمانية بينما يبلغ ارتفاع الجبل الأخضر قرابة 3 كم بقمة جبل شمس.

 

من هذا المنطلق نجد أن ذكر القرآن الكريم بأن للجبال أوتاداً تثبت الأرض وتحفظها من الميلان قبل 1300 سنة عن اكتشاف الإنسان لها إنما يدل على الإعجاز العلمي لكتاب الله عز وجل. وإن مداومة التفكر والتدبر في خلق الله لتزيد المسلم يقيناً بخالقه وتمسكا بدينه الحنيف.

 

د. محمد بن حميد الوردي، مدير مركز الجبل الأخضر للاستشارات الجيولوجية

About the Author

Dnngo Company

بوابة أنوار الإخبارية