تشهد أنظمة المركبات غير المأهولة تطورا سريعا له تأثيره المباشر والواضح على مختلف الصناعات والتقنيات الحديثة، وتنظم كلية الهندسة في فبراير المقبل المؤتمر الدولي الأول لأنظمة المركبات غير المأهولة الذي يعد الأول من نوعه إقليميا، وقد التقينا بالدكتور أحمد بن سعيد المعشري أستاذ مساعد بقسم هندسة الكهرباء والحاسب الآلي لأجل تعرف الأنظمة واستخداماتها المتعددة مع استشراف مستقبلها في السلطنة فإلى التفاصيل.
ما المقصود بأنظمة المركبات غير المأهولة وما أنواع هذه المركبات؟
يطلق المصطلح “مركبة غير مأهولة” على كل مركبة (أو روبوت متحرك) مُسيَّرة ذاتيًا أو عن بعد دونما الحاجة إلى وجود طاقم على متن المركبة. وكذا،فإن كل نظام متعلق بهذه المركبات ويُعنى بها يطلق عليه نظام مركبات غير مأهولة.
هناك عدة طرق لتصنيف المركبات. على سبيل المثال، قد تصنف المركبات بناء على كيفية التوجيه. فقد يكون عن بعد (مثال: استخدام متحكم عن بعد لاسلكي لتوجيه طائرة من غير طيّار)، أو توجيه ذاتي (مثال: سيارات ذاتية القيادة). والنوع الثاني هو الأكثر صعوبة من ناحية التطوير والتنفيذ كون المركبة تعتمد على مجموعة معقدة من خوازميات الذكاء الإصطناعي لتوجيه المركبة.
هناك أيضا من يصنف المركبات بناء على مكان الاستخدام (بر، بحر، تحت البحر، جو، فضاء).
وكذلك يمكننا أن نصنف المركبات بالنظر إلى طبيعة الاستخدام. فقد تستخدم المركبة في أغراض مدنية سلمية (أمثلة: التصوير، المسح الطبوغرافي، استكشاف المحيطات، إلخ)، وقد تستخدم لأغراض عسكرية (أمثلة: دفاع جوي، توجيه صواريخ، كشف الألغام، إلخ).
ما المزايا التي تتمتع بها؟
تُجهّز المركبات غير المأهولة بمستشعرات عدة وذلك لمعرفة الوسط المحيط مما يعني المقدرة على التعاطي مع هذا الوسط. من أجل ذلك تكون أنظمة هذه المركبات مزوّدة بمجموعة من الخوارزميات للتوجيه والتتبع واتخاذ القرارات. ولذلك فإن النظام يكون عادة مزيج من الأجزاء الصلبة والبرمجيات المعقدة.
علاوة على ذلك، فإن بعض المركبات قد تُزوَّد بأجهزة إضافية على حسب التطبيق والاستخدام. فعلى سبيل المثال، قد تزوّد الطائرة من غير طيّار بآلة تصوير متخصصة في المسوح الجغرافية، أو أن تزود مركبة برية بذراع آلية لجمع العيّنات عن بعد.
يرى بعضٌ بأن هذه الأنظمة مرتبطة بالصناعات العسكرية والدفاعية فما هو رأيكم؟
هذا غير صحيح، فكما ذكرت هناك تطبيقات عديدة لهذه الأنظمة في المجالات السلمية. فعلى سبيل المثال، بالإمكان شراء روبوت متجّول لتنظيف أرضيات المنازل ذاتيًا دونما الحاجة إلى تدخل البشر. وكذلك الطائرات من غير طيّار والموجهة عن بعد (الدرونز) التي يستخدمها هواة التصوير بكثرة لالتقاط الصور والمقاطع من زوايا تُخرج هذه الصور بصفة إبداعية وجذابة. مثال آخر على الاستخدام المدني لهذه الأنظمة هو استعمالها في المناطق المنكوبة للتقصي والإنقاذ. وهنالك أمثلة أخرى عديدة يمكن التحدث عنها ولكن أعتقد أن الأمثلة التي ذكرتها توجز الاستخدامات المدنية العديدة لهذه الأنظمة.
حدثنا عن أهم الجوانب التي سيتناولها المؤتمر؟
يسعى المؤتمر في نسخته الأولى إلى التعريف بأنظمة المركبات غير المأهولة واستخداماتها. ويهدف إلى تشجيع التفاعل بين المهتمين في هذا المجال ومناقشة سبل التعاون بين مختلف الجهات المهتمة بهذا التقنيات. ولذلك فإن المؤتمر –من خلال فعالياته المتعددة – سيتعرّض لمواضيع مهمة، كالتعريف بهذه الأنظمة والتحديات والفرص المنبثقة عنها. وسيستعرض التقنيات المستخدمة في تطوير المركبات غير المأهولة.
علاوة على ذلك سيتطرق لبعض التجارب المحلية والعالمية في استخدام هذه الأنظمة. وسيكون هنالك نقاش حول القوانين المحلية واللوائح المنظمة للمركبات غير المأهولة.
التوجه العالمي نحو هذه الأنظمة بات أمرا واقعا في عديد من الدول فكيف هو مستقبلها في السلطنة؟
هذا صحيح، بل إن بعض الدول في سباق محموم لتطوير هذه الأنظمة والتفوق على نظرائها في الدول الأخرى. فلابد من مشاركة العالم في هذا السباق قدر المستطاع. فإذا لم نتمكن من اللحاق بقطار المنافسة في تطوير وتصنيع الشرائح الإلكترونية، فلا يجب أبدا أن نضيع هذه الفرصة السانحة، خصوصا وأن السباق ما زال في بداياته.
وفي رأيي أن ذلك يتأتى من خلال:
• نشر الوعي بهذه الأنظمة وطرق استخدامها وتطبيقاتها المتعددة. ويجب تعريف المجتمع بالفوائد الاقتصادية المتوقعة من هذه الأنظمة. ولذلك فإن نشر الوعي والتعريف بهذه الأنظمة هما من ضمن أهداف المؤتمر.
• تشجيع طلبة المدراس والجامعات على المشاركة في مسابقات الروبوتات والمركبات غير المأهولة وذلك لنشر ثقافة المعرفة بهذه الأنظمة وتطوير المهارات في هذا الجانب. هذا سيكون له الأثر الكبير في المستقبل لأجل توفير الموارد البشرية القادرة والمؤهلة لتطوير وتصنيع وصيانة هذه الأنظمة محليًا.
• إدراج مواضيع كالخوارزميات والذكاء الاصطناعي والروبوتات كمواد أساسية في المدارس عموما، وفي التخصصات المتعلقة بهذا المجال في الجامعات خصوصا. على أن يكون إدراج هذه المواضيع بما يتناسب مع المقدرة الاستيعابية لكل مرحلة عمرية.
• تعزيز التعاون البحثي بين الجامعات وقطاع الصناعة لتطوير أنظمة مركبات غير مأهولة تلائم احتياجات القطاع. هذا من شأنه أن يعزز اقتصاد المعرفة، وكذلك نقل التقنية وتوطينها في السلطنة بصفة تدريجية ومستدامة.
• تذليل الصعوبات أمام رواد الأعمال الراغبين في الاستثمار والعمل في هذه التقنيات. وهذا الدور منوط بالحكومة لاستحداث أو مراجعة اللوائح التنظيمية والقوانين المتعلقة بهذا المجال.