تقرير : ماهر الزدجالي – تصوير جوي ومونتاج: إسماعيل الحارثي – تعليق : مروة أمبوسعيدي
الجميع منا شاهد سفينة الجامعة ترسو بمبنى هيئة التدريس بالقرب من إدارة الجامعة، ولكن القليل منا يعرف حكايتها، وسر إبحارها في الجامعة منذ ثلاثين عاما، في هذا التقرير نسرد لكم قصة السفينة ” الزاهرة ” كما أطلق عليها صانعها ياقوت بن سليم الغيلاني ونتعرف على تفاصيل حكايته مع صناعة السفن.
على ضفاف شواطئ ولاية صور بدأت الحكاية، حيث عاش المرحوم ياقوت بن سليم الغيلاني.. ومن البحر والسفن أنطلق بأحلامه وإبداعاته إلى أعالي المحيطات..ولد المرحوم ياقوت الغيلاني في ولاية صور وتربى في كنف والده وتلقى هناك علوم القرآن الكريم في مدارس صور، وقد تعلم من والده صناعة السفن، وظل يصنع السفن إلى أن بلغ الخامسة والثلاثين من العمر عندها أصبح ” أستاذ مول ” وهو لقب يحصل عليه أشهر صناع السفن ومن يرسم ويخطط لأشكال وأبعاد السفن بدقة وإتقان. ويعد الراحل ياقوت الغيلاني أشهر من صنع سفن ” البوم ” في سلطنة عمان.
وإلى جانب السفن وصناعتها حرص ياقوت الغيلاني على تعلم علوم الفقه والخطابة فسافر إلى الجمهورية اليمنية وتعلم هناك أصول الفقه والدين وعندما عاد إلى صور كان إمام وخطيبا للمسجد.كانت صناعة السفن الصناعة الرائدة في تلك الفترة، وقد قام ياقوت الغيلاني بالإشراف على صناعة أول سفينة أوكلت إليه وهي ” الباز ” وكان يعمل تحت إمرته حوالي اثنى عشر نجارا، بعدها قام بصنع سفينة ” الفوز “، وفي عام 1952 م أوكل إليه صناعة سفينة من نوع ” البوم ” لخميس بن سليم الغيلاني فصنع سفينة أسماها ” جمال عبد الناصر”.
وجاء عام 1956م حافلا بالنسبة لياقوت فقد قام بصنع عدة سفن منها ” عبد الواحد ” و”طارق ” و” الطائف ” و” الميمون ” والتي كانت جميعها من نوع (البوم)، كما قام بصنع العديد من السفن من نوع (البدن). وفي عام 1958م تم تكليفه من قبل السلطان سعيد بن تيمور لصناعة سفينة خاصة فسافر إلى صلالة مع عدد من النجارين وقام ببنائها هناك.
وفي أوائل الستينات سافر ياقوت إلى دولة الكويت حيث عمل هناك اماما وخطيبا، وفي عام 1970م عاد إلى صور، وفي عام 1972م تم تكليفه من قبل وزارة التراث بالإشراف على ورشة لإنتاج نماذج السفن الشراعية المصغرة، وأستمر في العمل والإنتاج في هذه الورشة لفترة طويلة،
وفي عام 1988 م تلقى الغيلاني طلبا من ديوان البلاط السلطان يتضمن الطلب صناعة سفينة من نوع (الغنجة) الصورية لجامعة السلطان قابوس، وعلى الفور قام بتوفير أفضل أنواع الأخشاب المستخدمة لصناعة السفن، حيث أستخدم خشب ” الساج ” وأستغرق صناعة السفينة حوالي ستة أشهر وأختار لها أسم (الزاهرة) تتويجا لرسالة العلم والمعرفة.
ونقش الغيلاني على السفينة عدة كلمات ذكر فيها “ستظل إن شاء الله راسية في بحر الجامعة التي جمعت خير الدنيا والآخرة بالعلم النافع والموعظة الحسنة والحكمة البالغة، جزى الله سلطان البلاد عن شعبه أحسن الجزاء ونعمه بالصحة والعمر المديد”بعدها طلب ديوان البلاط السلطاني من المرحوم ياقوت الغيلاني أن يقوم بصناعة نموذجين لكل من اليخت السلطاني ” فلك السلامة ” واليخت السلطاني ” آل سعيد ” فقام بصناعتهما بشكل دقيق ومتقن.
وفي عام1999م أنتقل ياقوت الغيلاني إلى جوار ربه تاركا إرثا تاريخيا كبيرا من السفن العمانية والكثير من الاحترام والتقدير والمكانة الطيبة بين جميع النواخذة والنجارين والناس.