X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

القطاع الخاص العُماني.. تحديات وفرص واعدة

حوار/ سعيد بن عبدالله العزري

 

في ظلّ سعي عجلة التنمية لمواكبة رؤية عمان 2040، والجهود الحثيثة التي توليها الحكومة في تنمية الاقتصاد؛ كان لابد من دراسة المسار الاقتصادي العُماني والمؤثرات فيه لتكون عملية التنمية الاقتصادية ماشيةً في طريقها، وفي ظلّ الأهمية المطلقة للأبحاث الشارحة للاقتصاد فقد جاء كتاب (القطاع الخاص العُماني، إسهاماته ودوره في التنمية الاقتصادية) لمؤلفه الدكتور أشرف مشرف، رئيس كرسي غرفة تجارة وصناعة عمان للدراسات الاقتصادية، من أوائل الكتب التي تتناول إسهامات ودور القطاع الخاص بسلطنة عمان، ويحدثنا الدكتور أشرف عن كتابه:

 

دواعي الكتاب

في ضوء تركيز رؤية عمان 2040 على القطاع الخاص، ودوره الريادي في عملية التنمية فإنه من الضروري تحديد حجم القطاع الخاص ودوره وإمكانياته التي يستطيع القيام بها لرفد عملية التنمية؛ حيث أنه في الدول المتقدمة من المتعارف في المجالين الأكاديمي والسياسي أن القطاع الخاص هو قاطرة التنمية وقائدها في عمليات عديدة، في المقابل تقوم الحكومة بدور تنظيم الشركات والفاعليين الاقتصاديين في السوق، وبالتالي نجد أن دور القطاع الخاص فعّال وقوي ودافع لعملية التنمية، ولكن في السوق العُماني نجد أن القطاع الخاص متواضع بشكل كبير،  خاصة في عملية التنمية الاقتصادية التي تخلق وظائف على مستوى كبير وتكون هي الدافع والمحدد الرئيس لعملية التنمية نظرًا لأن الدولة تسيطر على الاقتصاد بشكل كبير وتُوْكَل عملية تنفيذ الخطط التنموية إلى القطاع العام والذي يعتبر القاعدة العريضة للاقتصاد العُماني.

ويشير الدكتور أشرف إلى أنه لهذه الأسباب كان لابد من وقفة لإعادة تقييم القطاع الخاص العُماني لاستيعاب الإمكانيات والقدرات التي يمكن للقطاع الخاص أن يقدمها إلى الاقتصاد، ومن خلال دوري كرئيس لكرسي غرفة تجارة وصناعة عمان للدراسات الاقتصادية كان لابد من تقديم تقييم واضح ومحدد لماهية القطاع الخاص، أدواره وإسهاماته والامكانيات التي يمكن أن يقدمها في المستقبل خلال فترة رؤية عمان 2040.

 

الخصخصة والاقتصاد

تعدّ الخصخصة الاقتصادية أحد أشكال التنمية الاقتصادية ورفد البلاد بالاستثمارات، ويقول الدكتور أشرف مشرف: "تقوم الخصخصة الاقتصادية على بيع خدمات القطاع العام (الحكومي) إلى الشركات التي تنفذ هذه الأعمال بمهارات أكثر جودة وسرعة وبتقنيات أفضل، الأمر الذي ينعكس على أوجه عديدة يرفد من خلالها الاقتصاد الوطني، فهي تسهم في الوظائف المقدمة للمواطنين، وكذلك تسهم في تسريع عجلة التنمية وتحسين قطاع الخدمات وترفد الاقتصاد باستثمارات سواء كانت من المستثمر المحلي أو الأجنبي، ولا يعتبر تنفيذ الخصخصة وحده رافدًا تنمويًا بدون متابعة من القطاع الحكومي، وهذا ما أدى لإدراج (66) شركة تحت مظلة جهاز الاستثمار العُماني لمتابعة سيرها وعملية تقدمها، وتستلزم عملية الخصخصة وضع إستراتيجيات جديدة تمنح شركات القطاع الخاص بالمنافسة على قدم المساواة مع شركات القطاع العام على المناقصات الحكومية والحصول على عقود ذات قيمة مالية عالية تسمح بالربحية والاستدامة في السوق بما يجعل القطاع الخاص شريكًا حقيقيًا في عملية التنمية.

 

القطاع الخاص والوظائف

وقد وجد الدكتور أشرف مشرف من خلال الدراسة البحثية للكتاب أن خلق الوظائف هي أكبر إسهامات القطاع الخاص في التنمية؛ حيث وصل متوسط نسبة العمالة في القطاع حوالي 78% من إجمالي القوة العاملة في السلطنة خلال السنوات العشر الماضية. فقد ارتفع عدد العاملين في القطاع الخاص من 176,3 ألف عامل في 1980 إلى 1,626 مليون عامل في نهاية 2019 منهم 262 ألف عُماني، وعلى الرغم من قدرة القطاع الخاص على توفير فرص عمل كبيرة إلا أن معظمها يشغل من العمالة الوافدة بنسب تصل إلى 84%، وأن الغالبية العظمى منها عمالة غير ماهرة؛ ما يؤثر سلبًا على معدل إنتاجية العامل في سلطنة عمان. كما تشير الدراسات إلى صعوبة تطبيق برنامج التعمين لأسباب تتعلق بخصائص سوق العمل في سلطنة عُمان.

 

تحديات وتطلعات القطاع الخاص

يعاني القطاع الخاص العُماني من العديد من المشاكل والصعوبات التي تعوق نموه وتطوره، ويذكر الدكتور أشرف أهم هذه العقبات؛ وهي علاقة التبعية للحكومة والقطاع العام نظرًا لسيطرة الحكومة على مصادر الدخل والإيرادات من خلال الخطط التنموية التي يقوم بتنفيذها القطاع العام. ويمكن إرجاع أسباب علاقة تبعية القطاع الخاص للحكومة والقطاع العام إلى عدم قدرة الشركات الخاصة الصغيرة على المنافسة مع الشركات الحكومية الكبرى التي تمتلك قدرات مالية ولوجستية هائلة، بالإضافة إلى الدعم المالي والائتماني لهذه الشركات في مواجهة المخاطر السوقية، مما يساعدها على الوفاء بالالتزامات العقدية لتنفيذ مشاريع كبيرة مثل مشاريع البنية التحتية. في المقابل نجد أن الغالبية العظمى من شركات القطاع الخاص تعاني من ضعف قدراتها المالية والبشرية والتشغيلية، مما يقلل من فرص المنافسة مع شركات القطاع العام. ويعود ذلك الضعف في القطاع الخاص إلى معوقات بيئة الأعمال والنظم الإدارية والتشريعية والقانونية. وهناك تطلعات عديدة للقطاع الخاص لرفده بما يقوّم الاقتصاد العُماني والعملية الاستثمارية من مجالات عديدة منها التوسع في البحث العلمي، ودعم البحوث للحصول على البيانات الكافية والتي تسهم في رسم خطط واضحة لمسار القطاع الخاص، وتسهم في تعديل القوانين والتشريعات بما يتناسب مع متطلبات القطاع. كما أنها ستسهم في صنع التوازي بين الجانبين النظري العلمي والمهني التطبيقي، وهناك فرص كبيرة في القطاع الخاص إذا ما تم استغلالها ودراستها بالشكل الصحيح.

   

About the Author

ايمان الحسنية

ايمان الحسنية

محرر محتوى